الثلاثاء، 6 أكتوبر 2020

بابُ مَا تُغَيَّرُ فِيهِ أَلِفُ الوَصْلِ:

 


تَقُولُ: "إِيتِ فُلَانًا"، وَ"إِيذَنْ لِي عَلَى الأَمِيرِ"، وَ"إِيبَقْ يَا غُلَامُ"، وَ"إِيجَلْ مِنْ رَبِّكَ"، وَ"إِيئَسْ مِنْ كَذَا وَكَذَا"، وَفِي الجَمْعِ: "إِيتُوا، إِيذَنُوا"، كُلُّ ذَلِكَ تُثْبِتُ فِيهِ اليَاءَ، فَإِذَا وَصَلْتَ ذَلِكَ بِفَاءٍ أَوْ وَاوٍ أَعْدْتَ مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ إِلَى الوَاوِ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ إِلَى اليَاءِ، وَمَا كَانَ مَهْمُوزًا إِلَى الأَلِفِ، فَكَتَبْتَ: "فَأْتِ فُلَانًا"، وَ"فَأْذَنْ لَهُ عَلَيْكَ"، وَ"فَأْبَقْ يَا غُلَامُ"، وَكَذَلِكَ إِنِ اتَّصَلَتْ بِوَاوٍ، تَقُول: "وَأْتُونِي، وَأْذَنُوا، وَأْبِقُوا"، وَتَقُولُ: "فَاوْجَلْ مِنْ رَبِّكَ"، وَ"فَاوْسَنْ فِي لَيْلَتِكَ" مِنَ الوَسَنِ، وَكَذَلِكَ إِذَا اتَّصَلَتْ بِوَاوٍ، تَقُولُ: "وَاوْجَلْ مِنْ رَبِّكَ"، وَ"وَاوْسَنْ"، وَتَقُولُ فِي فَعَلَ مِنَ المَيْسِرِ: "يَسَرَ فُلَانٌ" وَتَقُولُ: "فَايْسِرْ، وَايْسِرْ".

فَإِنِ اتَّصَلَ هَذَا بِثُمَّ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الكَلَامِ لَمْ تَحْذِفِ اليَاءَ، وَكَتَبْتَ: "اِيتِ فُلَانًا ثُمَّ ائْتِهِ". اِيذَنْ لِي عَلَى الأَمِيرِ ثُمَّ ائْذَنْ"، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمِنْهُمْ مَّنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي)، وَقَالَ: (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا)، وَ(يَا صَالِحُ ائْتِنَا).

وَالفَرْقُ بَيْنَ الفَاءِ وَالوَاوِ، وَبَيْنَ ثُمَّ، أَنَّ الفَاءَ وَالوَاوَ يَتَّصِلَانِ بِالحَرْفِ فَكَأَنَّهُمَا مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا تُفْرَدُ ثُمَّ؛ لِأَنَّ ثُمَّ مُنْفَرِدَةٌ مِنَ الحَرْفِ.

وَتَكْتُبُ مَا كَانَ مَضْمُومًا نَحْو: "أُومُرْ فُلَانًا بِكَذَا" بِالوَاوِ، فَإِنْ وَصَلْتَهُمَا بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ قُلْتَ: "فَأْمُرْ فُلَانَا بِالشُّخُوصِ"، وَ"وَأْمُرْ فُلَانًا بِالقُدُومِ"، فَأْسْقَطْتَ الوَاوَ، فَإِنْ وَصَلْتَهُمَا بِثُمَّ لَمْ تُسْقِطِ الوَاوَ وَكَتَبْتَ: "أُومُرْ فُلَانًا ثُمُّ اؤْمُرْهُ" بِالوَاوِ، وَكَذَلِكَ "اللَّهُمَّ اؤْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي" بِالوَاوِ، فَإِنْ وَصَلْتَ بِفَاءٍ أَوْ وَاوٍ أَسْقَطْتَ الوَاوَ، وَلَا تُسْقِطَهَا مَعَ ثُمَّ، وَفِي المُصْحَفِ: (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) كُتِبَ عَلَى قَطْعِ "اؤْتُمِنَ" مِنَ "الَّذِي"، وَكَذَلِكَ القِيَاسُ أَنْ يُكْتَبَ كُلُّ حَرْفٍ عَلَى الانْفِرَادِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا قَبْلَهُ مِمَّا يُزِيلُهُ عَنْ حَالِهِ إِذَا أَدْرَجْتَ فَتُغَيِّرهُ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَى الاتِّصَالِ لَكُتِبَ بِإِسْقَاطِ الوَاوِ، فَإِنْ وَصَلْتَ "اؤْتُمِنَ" بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ حَذَفْتَ الوَاوَ فَكَتَبْتَ: "وَأْتُمِنَ فُلَانٌ عَلَى بَيْتِ المَالِ، وَأْتُجِرَ عَلَيْهِ بِكَذَا وَكَذَا، وَأْتُمِرَ بِهِ"، وَكَذَلِكَ الفَاءُ فَإِنِ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِثُمَّ أَثْبَتَّ الوَاوَ، فَكَتَبْتَ: "اؤْتُمِرَ ثُمَّ اؤْتُمِرَ بِهِ".

وَتَقُولُ: "اِيجَلْ" وَ"لَا تَوْجَلْ" تَقْلِبُ الوَاوَ فِي الأُولَى يَاءً، لِلكَسْرَةِ قَبْلَهَا، وَكَذَلِكَ "تَوْجَلُ" وَ"تَوْحَرُ"، وَ"تَوْسَنُ" وَ"تَوْهَلُ" فَإِنِ اتَّصَلَتْ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ كَتَبْتَ بِالوَاوِ نَحْو قَوْلِكَ: "إِي وَاللهِ فَاوْجَلْ، وَاوْحَرْ، وَاوْسَنْ، وَاوْهَلْ"، فَإِنِ اتَّصَلَتْ بِثُمَّ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنَ الكَلَامِ كَتَبْتَ بِاليَاءِ، تَقُولُ: "قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: اِيجَلُوا، وَقُلْتُ لَكُمْ: اِيهَلُوا، وَقُلْتُ لَكُمْ: اِيْسَنُوا، ثُمَّ اِيْسَنُوا، ثُمَّ اِيجَلُوا، ثُمَّ اِيْهَلُوا".

وَإِنَّمَا تَفْعَلُ هَذَا لِأَنَّكَ تَكْتُبُ الحَرْفَ عَلَى الانْفِرَادِ، وَلَا تُغَيِّرُهُ لِتَغَيُّرِ مَا قَبْلَهُ إِذَا وَصَلْتَهُ بِهِ، فَأَمَّا الوَاوُ وَالفَاءُ فَكَأَنَّهُمَا مِنْ نَفْسِ الحَرْفِ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْفَرِدَانِ كَمَا تَنْفَرِدُ ثُمَّ.

(المرجع: أدب الكاتب لابن قتيبة. اعتنى به وراجعه/ د. درويش جويدي. المكتبة العصرية. صيدا. بيروت).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (3155):

  32001- نَبْرِيَّةٌ/ لَا نَبْرِيَّةٌ (في اللسانيّات): atonie . مَقْطَعٌ غَيْرُ مَنْبُورٍ: syllabe atonique . وَهْنٌ/ فُتُورٌ/ انْحِطَاطُ ...