الخميس، 22 أكتوبر 2020

بَابُ مَا يُكْتَبُ بِالأَلِفِ وَاليَاءِ مِنَ الأَسْمَاءِ:

 


كُلُّ اسْمٍ مَقْصُورٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ: فَإِنْ كَانَ مِنْ بَنَاتِ اليَاءِ كَتَبْتَهُ بِاليَاءِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَنَاتِ الوَاوِ فَاكْتُبْهُ بِالأَلِفِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ تَثْنِيَةُ الاسْمِ وَالرُّجُوعُ إِلَى الفِعْلِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ الاسْمُ، فَتَكْتُبُ: "قَفًا"، وَ"عَصًا"، وَ"رَجَا البِئْرِ" بِالأَلِفِ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي تَثْنِيَتِهِ: قَفَوَانِ، وَعَصَوَانِ، وَرَجَوَانِ، وَتَرُدُّ إِلَى الفِعْلِ؛ فَتَقُولُ: "قَدْ قَفَوْتُ الرُّجُلَ" إِذَا اتَّبَعْتَهُ، وَ"عَصَوْتُهُ" إِذَا ضَرَبْتَهُ بِالعَصَا، وَلَمْ يُمْكِنْكَ فِي "رَجَا" أَنْ تَرُدَّهُ إِلَى فَعَلَ فَدَلَّتْكَ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ، قَالَ الشَّاعِرٌ:

فَلَا يُرْمَى بِيَ الرَّجَوَانِ؛ إِنِّي * أَقَلُّ القَوْمِ مَنْ يُغْنِي مَكَانِي.

(الرَّجَا: مَقْصُورٌ: نَاحِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ... وَتَثْنِيَتُهُ رَجَوَانِ كَعَصًا وَعَصَوَانِ... وَرُمِيَ بِهِ الرَّجَوَانِ: اسْتُهِينَ بِهِ، فَكَأَنَّهُ رُمِيَ بِهِ هُنَالِكَ أَرَادُوا أَنَّهُ طُرِحَ فِي المَهَالِكِ، قَالَ: ... انظر: لسان العرب، مادة "رجا": 14/ 310. ولم ينسب البيت لشاعر).

وَتَكْتُبُ: "الهُدَى"، وَ"الهَوَى: هَوَى النَّفْسِ"، وَ"المَدَى: الغَايَةُ"؛ بِاليَاءِ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي تَثْنِيَتِهِ: هُدَيَانِ، وَهَوَيَانِ، وَمَدَيَانِ.

فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا البَابِ حَرْفٌ وَلَمْ تَعْرِفْ أَصْلَهُ وَلَا تَثْنِيَتَهُ فَرَأَيْتَ الإِمَالَةَ فِيهِ أَحْسَنَ فَاكْتُبْهُ بِاليَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَحْسُنْ فِيهِ الإِمَالَةُ فَاكْتُبْهُ بِالأَلِفِ حَتَّى تَعْلَمَ.

وَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ حَرْفٌ قَدْ ثُنِّيَ بِاليَاءِ وَبِالوَاوِ عَمِلْتَ عَلَى الأَكْثَرِ الأَعَمِّ، نَحْو: رَحَى؛ لِأَنَّ مِنَ العَرَبِ مَنْ يَقُولُ: "رَحَوْتُ الرَّحَا"، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: "رَحَيْتُ الرَّحَى"، وَأَنْ تَكْتُبَهَا بِاليَاءِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ؛ لِأَنَّهَا اللُّغَةُ العَالِيَةُ، قَالَ مُهَلْهِلٌ:

كَأَنَّا غُدْوَةً وَبَنِي أَبِينَا * بِجَنْبِ عُنَيْزَةٍ رَحَيَا مُدِيرِ.

وَكَذَلِكَ "الرِّضَا" مِنَ العَرَبِ مَنْ يُثَنِّيهِ "رِضَيَانِ" وَمِنْهُمْ مَنْ يُثَنِّيهِ "رِضَوَانِ"، وَأَنْ تَكْتُبَهُ بِالأَلِفِ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِأَنَّ الوَاوَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَهُوَ مِنَ "الرِّضْوَانِ".

وَكُلُّ مَقْصُورٍ جَاوَزَ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ فَاكْتُبْهُ بِاليَاءِ؛ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تُثَنِّيهِ بِاليَاءِ، نَحْو: "مُعَلًّى"، وَ"مُثَنًّى"، وَ"مَغْزًى"، وَ"مَلْهًى"، وَ"مُدَّعًى"، وَ"مُشْتَرًى"، وَكَذَلِكَ: "أَعْمَى"، وَ"أَظْمَى"، وَ"أَعْشَى"، وَ"هُوَ أَدْنَى مِنْكَ"، وَ"أَعْلَى عَيْنًا"، وَكَذَلِكَ: "مِقْلًى" وَهُوَ مِنْ "قَلَوْتُ البُسْرَ"، وَ"مُعَافًى"، وَ"مُنَادًى"، لَا تُبَالِ أَكَانَ أَصْلُهُ الوَاوَ أَمِ اليَاءِ، وَتَكْتُبُهُ بِاليَاءِ عَلَى التَّثْنِيَةِ.

إِلَّا مَا كَانَ فِي آخِرِهِ يَاآنِ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ بِالأَلِفِ؛ لِكَرَاهَتِهِمِ اجْتِمَاعَ يَاءَيْنِ فِي آخِرِ الاسْمِ، نَحْو: "العُلْيَا"، وَ"الدُّنْيَا"، وَ"القُصْيَا"، وَنَحْو: "مُعَيًّا"، وَ"مُحَيًّا"، وَ"عَامَ حَيًّا"، وَ"رُؤْيَا"، وَ"سَقْيًا"، خَلَا "يَحْيَى" الَّذِي هُوَ اسْمٌ؛ فَإِنَّ الكُتَّابَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ كَتَبُوهُ بِاليَاءِ، وَلَمْ يَلْزَمُوا فِيهِ القِيَاسَ، وَأَحْسبُهُم اتَّبَعُوا فِيهِ المُصْحَفَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا عَلَى يَفْعَلُ فُلَانٌ، نَحْو: "فُلَانٌ يَعْيَا بِالأَمْرِ"، وَ"يَحْيَا سِنِينَ" كَتَبْتَ بِالأَلِفِ؛ كَرَاهَةً لِاجْتِمَاعِ يَاءَيْنِ فِي آخِرِهِ.

وَكَذَلِكَ تَكْتُبُ: "شَأَى فُلَانٌ فُلَانًا"، أَيْ: سَبَقَهُ، بِاليَاءِ، وَهُوَ مِنْ "شَأَوْتُ" كَرَاهَةً لِاجْتِمَاعِ أَلِفَيْنِ فِي آخِرِهِ.

وَتَعْتَبِرُ المَصَادِرَ بِأَنْ تَرْجِعَ إِلَى المُؤَنَّثِ؛ فَمَا كَانَ مِنَ المُؤَنَّثِ بِاليَاءِ كَتَبْتَهُ بِاليَاءِ، نَحْو: "العَمَى"، وَ"الظَّمَى"؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ: عَمْيَاءُ، وَظَمْيَاءُ، وَمَا كَانَ مِنَ المُؤَنَّثِ بِالوَاوِ كَتَبْتَهُ بِالأَلِفِ، نَحْو: "العَشَا" فِي العَيْنِ، وَ"العَثَا" وَهُوَ كَثْرَةُ شَعْرِ الوَجْهِ، وَ"القَنَا" فِي الأَنْفِ، تَقُولُ: عَشْوَاءُ، وَقَنْوَاءُ، وَعَثْوَاءُ.

وَكَذَلِكُ كُلُّ جَمْعٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ فِي الهِجَاءِ إِلَّا الهَاءُ مِنَ المَقْصُورِ، نَحْو: الحَصَى، وَالنَّوَى، وَالقَطَا؛ فَمَا كَانَ جَمْعُهُ بِالوَاوِ كَتَبْتَهُ بِالأَلِفِ، نَحْو: قَطًا؛ لِأَنّهُ يُجْمَعُ أَيْضًا قَطَوَاتٍ، وَمَا كَانَ جَمْعُهُ بِاليَاءِ كَتَبْتَهُ بِاليَاءِ، نَحْو: حَصًى، وَنَوًى؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ أَيْضًا حَصَيَاتٍ، وَنَوَيَاتٍ.

وَكُلُّ هَذِهِ الحُرُوفِ إِذَا أَنْتَ أَضَفْتَهَا إِلَى مَكْنِيٍّ كَتَبْتَ مَا كَانَ مِنْهَا بِالوَاوِ بِالأَلِفِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا بِاليَاءِ بِالأَلِفِ؛ فَتَكْتُبُ: صُغْرَاهُمْ، وَكُبْرَاهُمْ، وَحَصَاكَ، وَنَوَاكَ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، وَإِحْدَاهُمَا، وَكَذَلِكَ الأَفْعَالَ إِذَا أَوْقَعْتَهَا عَلَى مَكْنِيِّ كَتَبْتَ مَا كَانَ مِنْهَا بِاليَاءِ بِالأَلِفِ، نَحْو: "قَضَاهُ حَقَّهُ"، وَ"رَمَاهُمْ عَنْ قَوْسٍ"، وَ(فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورِ)، وَقَدْ خَالَفَ الكُتَّابُ فِي هَذَا المُصْحَفَ (المَكْنِيُّ: مُصْطَلَحٌ نَحْوِيٌّ عِنْدَ الكُوفِيِّينَ يُقْصَدُ بِهِ الضَّمِيرُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ مِنَ النُّحَاةِ).

(المرجع: أدب الكاتب لابن قتيبة. اعتنى به وراجعه/ د. درويش جويدي. المكتبة العصرية. صيدا. بيروت).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2405):

  25511- مَسَبَّةٌ (شَتِيمَةٌ، إِهَانَةٌ): une injure, une insulte . سُبَابٌ (شَتِيمَةٌ): un blasphème . نَكَبَاتُ الزَّمَنِ (أَضْرَارُ السّ...