الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

بَابُ التَّأْرِيخِ وَالعَدَدِ:

المُؤَنَّثُ فِيمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى العَشْرِ بِغَيْرِ هَاءٍ، تَقُولُ: ""ثَلَاثُ لَيَالٍ" إِلَى "عَشْرِ لَيَالٍ"، وَالمُذَكَّرُ بِالهَاءِ، تَقُولُ: "ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ" إِلَى "عَشَرَةِ أَيَّامٍ"، وَتَقُولُ: "إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً" وَ"اثْنَتَا عَشْرَةَ لَيْلَةً" إِلَى "تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً" فَتُلْحِقُ الهَاءَ فِي العَدَدِ الثَّانِي وَتَحْذِفُهَا مِنَ الأَوَّلِ، وَفِي المُذَكَّرِ "أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا" و"اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا" وَ"ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا" إِلَى "تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا" فَتُلْحِقُ الهَاءَ فِي العَدَدِ الأَوَّلِ وَتَحْذِفُهَا مِنَ الثَّانِي؛ فَرْقًا بَيْنَ المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا جَاوَزَ العَشْرَةَ مِنَ العَدَدِ إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا؛ فُهُمَا مَنْصُوبَانِ أَبَدًا، فِي حَالِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالخَفْضِ، فِي المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ، إِلَّا فِي "اثْنَيْ عَشَرَ" وَ"اثْنَتَيْ عَشْرَةَ" فَإِنَّ نَصْبَ أَوَّلِ العَدَدَيْنِ وَخَفْضَهُ بِاليَاءِ وَرَفْعَهُ بِالأَلِفِ، وَالثَّانِي مَنْصُوبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَ"إِحْدَى" فِي التَّأْنِيثِ سَاكِنَةٌ فِي الوُجُوهِ كُلِّهَا، وَيُقَالُ: "عَشْرَةَ" وَ"عَشَرَةَ" وَ"عَشِرَةَ" لِلمُؤَنَّثِ، وَلِلمُذَكَّرِ "عَشَرَ" لَا غَيْرَ، وَكُلُّهُ مَنْصُوبٌ.

فَإِذَا أَرَادُوا التَّأْرِيخَ قَالُوا لِلعَشْرِ وَمَا دُونَهَا "خَلَوْنَ" وَ"بَقِينَ" فَقَالُوا: "لِتِسْعِ لَيَالٍ بَقِينَ" وَ"ثَمَانِي لَيَالٍ خَلَوْنَ" "مَضَتْ" وَ"بَقِيَتْ" لِأَنَّهُمْ بَيَّنُوهُ بِجَمْعِ، وَقَالُوا لِمَا فَوْقَ العَشَرَةِ "خَلَتْ"، وَلِأَنَّهُمْ بَيَّنُوهُ بِوَاحِدٍ فَقَالُوا: "لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ" وَ" لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ".

وَإِنَّمَا أَرَّخْتَ بِاللَّيَالِي دُونَ الأَيَّامِ: لِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ الشَّهْرِ، فَلَوْ أَرَّخْتَ بِاليَوْمِ دُونَ اللَّيْلَةِ لَذَهَبَتْ مِنَ الشَّهْرِ لَيْلَةٌ.

وَقَوْلُهُمْ: "هَذِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ" وَ"أَلْفُ دِرْهَمٍ" وَ"ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ" وَ"مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ"، هَذَا كُلُّهُ نَكِرَةٌ مُضَافٌ؛ فَتَكْتُبُ "قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ صِحَاحٍ" وَ"مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مُكَسَّرَةٍ"، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعَرِّفَ ذَلِكَ قُلْتَ: "مِائَةُ الدِّرْمِ" وَ"أَلْفُ الرَّجُلِ"، وَكَذَلِكَ مَا دُونَ العَشَرَةِ، تَقُولُ: "عَشَرَةُ الدَّرَاهِمِ"، وَثَلَاثَةُ الأَثْوَابِ"؛ لِأَنَّ المُضَافَ إِنَّمَا يُعَرَّفُ بِمَا يُضَافُ إِلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ العَدَدُ المُضَافُ كُلُّهُ، فَأَمَّا مَا مَيَّزْتَ بِهِ فَلَا تُدْخِلُ فِيهِ الأَلِفَ وَاللَّامَ؛ لِأَنَّ الأَوَّلَ لَا يَكُونُ بِهِ مَعْرِفَةٌ، لَا يَقُولُونَ: "عِشْرُونَ الدِّرْهَمِ"؛ لِأَنَّ "عِشْرِينَ" لَيْسَتْ مُضَافَةً إِلَى "الدِّرْهَمِ" فَيَكُونَ تَعْرِيفُكَ لِلدِّرْهِمِ تَعْرِيفَكَ لِعِشْرِينَ.

وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: "الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الدِّرهَمِ" وَ"العِشْرُونَ الدِّرْهَمِ" لَمَّا أَدْخَلُوا الأَلِفَ وَاللَّامَ عَلَى الأَوَّلِ أَدْخَلُوهُمَا عَلَى الآخَرِ، وَذَلِكَ رَدِيءٌ، وَالجَيِّدُ أَنْ تَقُولَ: "مَا فَعَلَتِ العِشْرُونَ دِرْهَمًا" وَ"الثَّمَانِيَ عَشْرَةَ جَارِيَةً".

وَكَذَلِكَ مَا بَيْنَ أَحَدَ عَشَرَ، إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ، وَإِلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، تُدْخِلُ فِي الأَوَّلِ الأَلِفَ وَاللَّامَ، فَأَمَّا فِي العَشَرَةِ وَمَا دُونَهَا وَالمِائَةِ وَمَا فَوْقَهَا، فَإِدْخَالُ الأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الأَوَّلِ خَطَأٌ فِي القِيَاسِ.

عَلَى أَنَّ أَبَا زَيْدٍ قَالَ: مِنَ العَرَبِ مَنْ يَقُولُ: "المِائَةُ الدِّرْهَمِ" وَ"الأَلْفُ الدِّرْهَمِ" وَ"الخَمْسُ المائَةِ الدِّرْهَمِ" وَ"الخَمْسَةَ العَشَرَ الدِّرْهَمِ"، وَهُوَ رَدِيءٌ فِي القِيَاسِ وَلَيْسَ بِلُغَةِ قَوْمٍ فُصَحَاءَ، تَقُولُ عَلَى مَا رَسَمْتُ لَكَ: "مَا فَعَلَتْ ثَلَاثَةُ الأَثْوَابِ" وَ"أَرْبَعَةُ الأَرْدِيَةِ" وَ"عَشَرَةُ الدَّرَاهِمِ"، وَلَا يَجُوزُ "العَشَرَةُ أَثْوَابٍ" وَ"الأَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ".

وَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: "مَا فَعَلَتْ تِلْكَ التِّسْعَةُ الدَّرَاهِمُ" وَ"العَشْرُ النِّسْوَةُ"، إِذَا أَذْهَبْتَ الإِضَافَةَ وَجَعَلْتَ الدَّرَاهِمَ وَالنِّسْوَةَ وَصْفًا لِلتِّسْعَةِ وَلِلعَشْرِ.

فَإِذَا جَاوَزْتَ العَشرَةَ قُلْتَ: "مَا فَعَلَتِ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ ثَوْبًا" وَ"الأَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا" وَ"مَا فَعَلَتِ التِّسْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً" وَ"مَا فَعَلَ العِشْرُونَ رَجُلًا"، فَإِذَا جَاوَزْتَ العِشْرِينَ قُلْتَ: "مَا فَعَلَ الثَّلَاثَةُ وَالعِشْرُونَ رَجُلًا" كَذَلِكَ إِلَى المِائَةِ، وَ"مَا فَعَلَ الخَمْسُ وَالثَّلَاثُونَ امْرَأَةً"، فَإِذَا بَلَغْتَ مِائَةً رَجَعْتَ إِلَى الإِضَافَةِ فَقُلْتَ: "مَا فَعَلَتْ مِائَةُ الدِّرْهَمِ" وَ"مِائَتَا الدِّرْهَمِ" وَ"خَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ" إِلَى الأَلْفِ، فَإِذَا بَلَغْتَ الأَلْفَ قُلْتَ: "مَا فَعَلَ أَلْفُ الدِّرْهَمِ" وَ"ثَلَاثَةُ آلَافِ الدِّرْهَمِ"، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: "مَا فَعَلَتِ المِائَةُ الدِّرْهَمُ" وَ"الأَلْفُ الدِّرْهَمُ" عَلَى أَنْ تَجْعَلَ الدِّرْهَمَ وَصْفًا لِلمِائَةِ وَلِلأَلْفِ كَمَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فِي قَوْلِكَ: "مَا فَعَلَتِ التِّسْعَةُ الدَّرَاهِمُ"؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يَكُونُ مِائَةً كَمَا تَكُونُ الدَّرَاهِمُ تِسْعَةً.

وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُعَرِّفَ عَدَدًا تَكْثُرُ أَلْفَاظُهُ، نَحْو: "ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ" وَ"خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ" أَلْحَقْتَ الأَلِفَ وَاللَّامَ فِي آخِرِ لَفْظَةٍ مِنْهَا، فَقُلْتَ: "مَا فَعَلَتْ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ الدِّرْهَمِ" وَ"خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ الدِّرْهَمِ". هَذَا مَذْهَبُ البَصْرِيِّنَ، لَا يُجِيزُونَ غَيْرَهُ، وَالبَغْدَادِيُّونَ يُجِيزُونَ "مَا فَعَلَتْ ثَلَاثُ مِائَةِ الأَلْفِ الدِّرْهَمِ".

(المرجع: أدب الكاتب لابن قتيبة. اعتنى به وراجعه/ د. درويش جويدي. المكتبة العصرية. صيدا. بيروت).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2405):

  25511- مَسَبَّةٌ (شَتِيمَةٌ، إِهَانَةٌ): une injure, une insulte . سُبَابٌ (شَتِيمَةٌ): un blasphème . نَكَبَاتُ الزَّمَنِ (أَضْرَارُ السّ...