تَكْتُبُ: "أَرَدْتُ أَلَّا تَفْعَلَ ذَلِكَ"، وَ"أَحْبَبْتُ أَلَّا تَقُولَ ذَلِكَ"، وَلَا تُظْهِرُ "أَنْ" فِي الكِتَابِ مَا كَانَتْ عَامِلَةً فِي الفِعْلِ؛ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ عَامِلَةً فِي الفِعْلِ أَظْهَرْتَ، نَحْو قَوْلِكَ: "عَلِمْتُ أَنْ لَا تَقُولُ ذَلِكَ"، وَ"تَيَقَّنْتُ أَنْ لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ"، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّنْ فَضْلِ اللهِ)؛ وَلِأَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا، كَأَنَّكَ أَرَدْتَ: عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ، وَلِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ.
وَتَكْتُبُ
أَيْضًا: "عَلِمْتُ أَنْ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ"، وَ"ظَنَنْتُ أَنْ
لَا بَأْسَ عَلَيْهِ"، فَتُظْهِرُ "أَنْ"؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى
عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ.
وَتَكْتُبُ:
"إِلَّا تَفْعَلْ كَذَا يَكُنْ كَذَا"، فَلَا تُظْهِرُ
"إِنْ".
وَتَكْتُبُ:
"كَيْ لَا" مَقْطُوعَةً؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ: "أَتَيْتُكَ كَيْ
تَفْعَلَ"، وَتَقُولُ: "أَتَيْتُكَ كَيْ لَا تَفْعَلَ"، كَمَا تَقُولُ:
"حَتَّى تَفْعَلَ"، وَ"حَتَّى لَا تَفْعَلَ".
وَتَكْتُبُ:
"كَيْمَا" مَوْصُولَةً؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ: "جِئْتُكَ كَيْ
تُكْرِمَنَا"، وَ"كَيْمَا تُكْرِمَنَا"، وَ"لِكَيْمَا
تُكْرِمَنَا" فَيَكُونُ المَعْنَى وَاحِدًا، وَهِيَ هَا هُنَا صِلَةٌ.
وَتَكْتُبُ:
"هَلَّا فَعَلْتَ" فَتَصِلُ، وَتَكْتُبُ: "بَلْ لَا تَفْعَلْ"
فَتَقْطَعُ، وَالفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ "لَا" إِذَا دَخَلَتْ عَلَى
"هَلْ" تَغَيَّرَ مَعْنَاهَا، فَكَأَنَّهَا مَعَهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ،
مِثْلُ "لَمْ" تَكُونُ بِمَعْنًى، فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا "مَا"
تَغَيَّرَتْ؛ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: "قَارَبْتُ ذَلِكَ المَوْضِعَ
وَلَمَّا" وَتَسْكُتُ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: "قَارَبْتُهُ
وَلَمْ" إِلَّا أَنْ تَقُولَ: "أَفْعَلْ"، وَكَذَلِكَ
"لَوْ" و"لَوْلَا" وَ"حَيْثُ"
و"حَيْثُمَا"، وَإِنَّمَا قَطَعْتَ "بَلْ لَا" لِأَنَّهَا لَا
تُغَيِّرُ المَعْنَى؛ وَإِنَّمَا هِيَ "لَا" الَّتِي تَدْخُلُ
لِلإِبَاءِ، نَحْو: "بَلْ تَفْعَلُ"، وَ"بَلْ لَا تَفْعَلُ"،
مِثْلُ "كَيْ تَفْعَلَ"، وَ"كَيْ لَا تَفْعَلَ".
وَتَكْتُبُ:
"لِئَلَّا" مَهْمُوزَةً وَغَيْرَ مَهْمُوزَةٍ بِاليَاءِ، وَكَانَ
القِيَاسُ أَنْ تكتبَ بِالأَلِفِ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَكْتُبُ
"لِأَنْ" إِذَا كَانَتِ اللَّامُ مَكْسُورَةً بِالأَلِفِ، وَكَذَلِكَ
يَجِبُ أَنْ تكتبَ إِذَا زِيدَتْ عَلَيْهَا "لَا" وَلَمْ يَحْدٌثْ فِي
الكَلَامِ شَيْءٌ غَيْرُ مَعْنَى الإِبَاءِ، إِلَّا أَنَّ النَّاسَ اتَّبَعُوا
المُصْحَفَ، وَكَذَلِكَ: "لَإِنْ فَعَلْتَ كَذَا لَأَفْعَلَنَّ كَذَا"
كُتِبَتْ بِاليَاءِ، اتِّبَاعًا لِلمُصْحَفِ، وَكَانَ القِيَاسُ أَنْ تكتبَ
بِالأَلِفِ لِأَنَّهَا "إِنْ" زِيدَتْ عَلَيْهَا اللَّامُ.
(المرجع: أدب
الكاتب لابن قتيبة. اعتنى به وراجعه/ د. درويش جويدي. المكتبة العصرية. صيدا.
بيروت).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق