الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

بَابٌ مِنَ الهِجَاءِ أَيْضًا:

 


تَكْتُبُ "الصَّلَوةَ"، وَ"الزَّكَوةَ"، وَ"الحَيَوةَ" بِالوَاوِ اتِّبَاعًا لِلمُصْحَفِ، وَلَا تَكْتُبُ شَيْئًا مِنْ نَظَائِرِهَا إِلَّا بِالأَلِفِ، مِثْل: "قَطَاة"، وَ"قَنَاة"، وَ"فَلَاة"، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الإِعْرَابِ: إِنَّهُمْ كَتَبُوا هَذَا بِالوَاوِ عَلَى لُغَاتِ الأَعْرَابِ، وَكَانُوا يَمِيلُونَ فِي اللَّفْظِ بِهَا إِلَى الوَاوِ شَيْئًا، وَقِيلَ: بَلْ كُتِبَتْ عَلَى الأَصْلِ، وَأَصْلُ الأَلِفِ فِيهَا وَاوٌ؛ فَقُلِبَتْ أَلِفًا لَمَّا انْفَتَحَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا جَمَعْتَ قُلْتَ: صَلَوَاتٌ، وَزَكَوَاتٌ، وَحَيَوَاتٌ، وَلَوْلَا اعْتِيَادُ النَّاسِ لِذَلِكَ فِي هَذِهِ الأَحْرُفِ الثَّلَاثَةِ وَمَا فِي مُخَالَفَةِ جَمَاعَتِهِمْ لَكَانَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيَّ أَنْ يُكْتَبَ هَذَا كُلُّهُ بِالأَلِفِ.

فَإِذَا أَضَفْتَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الحُرُوفِ إِلَى مَكْنِيٍّ (المَكْنِيُّ: مُصْطَلَحٌ نَحْوِيٌّ عِنْدَ الكُوفِيِّينَ يُقْصَدُ بِهِ الضَّمِيرُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ مِنَ النُّحَاةِ) كَتَبْتَهَا كُلَّهَا بِالأَلِفِ، تَقُولُ: "صَلَاتِي"، وَ"صَلَاتُكَ"، وَ"زَكَاتِي"، وَ"زَكَاتُكَ"، وَ"حَيَاتِي"، وَ"حَيَاتُكَ".

وَتَكْتُبُ فِي صَدْرِ الكِتَابِ: "سَلَامٌ عَلَيْكَ"، وَفِي آخِرِهِ: "السَّلَامُ عَلَيْكَ"؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا بُدِئَ بِذِكْرِهِ كَانَ نَكِرَةً، فَإِذَا أَعَدْتَهُ صَارَ مَعْرِفَةً، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ نَكِرَةٌ حَتَّى يُعَرَّفَ بِمَا عُرِّفَ، تَقُولُ: "مَرَّ بِنَا رَجُلٌ"، ثُمَّ تَقُولُ: "رَأَيْتُ الرَّجُلَ قَدْ رَجَعَ"، أَوْ تَقُولُ: "رَأَيْتُهُ قَدْ رَجَعَ"، فَكَذَلِكَ لَمَّا صِرْتَ إِلَى آخِرِ الكِتَابِ، وَقَدْ جَرَى فِي أَوَّلِهِ ذِكْرُ السَّلَامِ عَرَّفْتَهُ أَنَّهُ ذَلِكَ السَّلَامُ المُتَقَدِّمُ.

وَتَكْتُبُ: "أَيَّهَا الرَّجُلُ"، وَ"أَيُّهَا الأَمِيرُ" بِأَلِفٍ، وَقَدْ كُتِبَتْ فِي المُصْحَفِ بِأَلِفٍ وَغَيْرِ أَلِفٍ عَلَى مَذْهَبِ القُرَّاءِ وَاخْتِلافِهِمْ فِي الوَقْفِ عَلَيْهَا.

وَتَكْتُبُ: "إِذًا" بِالأَلِفِ وَلَا تَكْتُبُهُ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّ الوُقُوفَ عَلَيْهَا بِالأَلِفِ، وَهِيَ تُشْبِهُ النُّونَ الخَفِيفَةَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ)، وَ(وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ)، إِذَا أَنْتَ وَقَفْتَ وَقَفْتَ بِأَلِفٍ، وَإِذَا وَصَلْتَ وَصَلْتَ بِنُونٍ.

وَقَالَ الفَرَّاءُ: يَنْبَغِي لِمَنْ نَصَبَ بِإِذَنْ الفِعْلَ المَسْتَقْبَلَ أَنْ يَكْتُبَهَا بِالنُّونِ؛ فَإِذَا تَوَسَّطَتِ الكَلَامَ، وَكَانَتْ لَغْوًا، كُتِبَتْ بِالأَلِفِ.

وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تَكْتُبَهَا بِالأَلِفِ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الوُقُوفَ عَلَيْهَا بِالأَلِفِ فِي كُلِّ حَالٍ.

وَتَكْتُبُ: "فَرَأْيُكُمَا"، وَ"فَرَأْيُكُمْ" فَإِنْ نَصَبْتَ رَأْيَكَ فَعَلى مَذَهَبِ الإِغْرَاءِ، أَيْ: فَرَأْيَكَ، وَإِنْ رَفَعْتَ لَمْ تَرْفَعْ عَلَى مَذْهَبِ الاسْتِفْهَامِ، وَلَكِنْ عَلَى الخَبَرِ، وَكَتَبْتَ: "مُوَفَّقًا" إِنْ أَرَدْتَ الرَّأْيَ، وَ"مُوَفَّقَيْنِ" إِنْ أَرَدْتَ الرَّجُلَيْنِ، وَإِنْ كَتَبْتَ إِلَى حَاضِرٍ فَنَصَبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَنْصِبُ "فَرَأْيَكَ" لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكْتُبَ "فَرَأْيَ الأَمِيرِ" لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الغَائِبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُغْرِيَ بِهِ.

(المرجع: أدب الكاتب لابن قتيبة. اعتنى به وراجعه/ د. درويش جويدي. المكتبة العصرية. صيدا. بيروت).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2384):

  25301- مُزَعْفَرٌ (مُلَوَّنٌ بِالزَّعْفَرَانِ: coloré au safran ): safrané . زَعْفَرَ (مَزَجَ بِالزَّعْفَرَانِ): safraner . 25302- مَزْع...