الجمعة، 5 يونيو 2020

المُنادَى:



هو الاسم الظاهر الذي يطلب إقباله والتفاته إليك بواسطة حرف من أحرف النداء، نحو: يَا خَالِدُ.
وحروف النداء هي: يا، أيا، هيا، أيْ، آيْ، آ، وينادى بها البعيد. و(أ) ينادى بها القريب، و(وا) وهي للنُّدبة. وأعم هذه الأدوات (يا) فإنها تدخل في كل نداء، وتتعين في نداء اسم الله تعالى (يا الله) وكأداة استغاثة، نحو: يا الله للعرب، وتتعين هي أو (وا) في باب الندبة، واستعمال (وا) أكثر في هذا الباب.
أقسامُ المنادَى:
الأصل في كل منادًى أن يكون منصوبا، والمبني منه هو في محل نصب على النداء.
والمنادى قسمان: 1-مبني على ما يرفع به. 2-مُعرَب منصوب.
1-المنادَى المبنيُّ:
هو ما اجتمع فيه أمران: المعرفة، والإفراد، أيْ ألّا يكون مُضافًا ولا شبِيهًا بالمضافِ.
1-المفرد المعرفة (أي غير المضاف)، نحوُ: يا خالدُ، يا خالدان، يا عليون. خالدُ: منادًى مبنيٌّ على الضم في محل نصب. خالدان: منادًى مبنيٌّ على الألف في محل نصب. عليون: منادًى مبنيٌّ على الواو في محل نصب.
2-النكرة المقصودة (المُعيَّنة)، نحوُ: يا رجلُ، يا رجلان، يا مسلمون. رجلٌ: منادًى مبنيٌّ على الضم في محل نصب. رجلان: منادًى مبنيٌّ على الألف في محل نصب. مسلمون: منادًى مبنيٌّ على الواو في محل نصب.
3-المَبنيُّ قبل النداء، نحوُ: يا سِيبَوَيْهِ، يا هذا، يا أنتَ، يا هو، يا أنا، يا حذامِ، يا جادَ المولَى. فسيبويهِ: منادًى مبنيٌّ على الضم المقدَّر منع من ظهوره اشتغال الآخِر بحركة البناء الأصلية في محل نصب، وكذلك القول في أمثال هذه الألفاظ.
ولو وصفتَ هذه الألفاظ لقلتَ: يا سيبويهِ الفاضلُ، برفع الفاضل مراعاة للضم المقدَّر، أو الفاضلَ بالنصب، مراعاة لمحله لأنه في محل نصب على النداء.
وفي العَلَم المَحكيِّ، أيْ المؤلَّف من جملة، نحو: يا جادَ المولَى، تقول عند وصفه: يا جادَ المولَى العظيمُ، مراعاة للضم المقدَّر، والعظيمَ مراعاة لمحله.
وكذلك الأمر إذا وصف العلم المبني بابن أو ابنة وكان متصلا به، جاز فيه بناؤه على الضم مراعاة للقاعدة لأنه علَم مفرد، ونصبه مراعاة للمحل، نحو: يا خالدُ/ خالدَ بن الوليد، فخالدُ: منادًى علَمٌ مفردٌ مبنيٌّ على الضم في محل نصب. وخالدَ: منادًى مضافٌ منصوبٌ (كما لو كانت ابن زائدة)، وابن صفة لخالد ومضاف والوليد مضاف إليه (والمختار الفتح). والأمر كذلك إذا أُكِّد العَلَمُ بمضاف، نحو: يا وليدُ/ وليدَ الصف، فيجوز مع البناء على ضم المنادَى نصبه على أنه هو المضاف ووليدَ الثانية توكيد للأولى.
والوصف بالبنت لا يزيل بناء العلَم المفرد، فيقال: يا عائشةُ بنتُ خالدٍ، لَا يا عائشةَ.
المنادَى المُعرَبُ المنصوبُ:
1-النكرة غير المقصودة، نحو قول الغريق: يا رجلًا أنقذني، أيْ: أَيّ رجل دون تعيين وقصد. ويا صالحين انشروا المحبةَ.
2-المضاف، نحو: يا عبدَ الله، يا أستاذَنا.
3- الشبيه بالمضاف، وهو المنادَى الذي اتصل به شيء من تمام معناه، وعلامته أنه يعمل فيما بعده، نحو: يا صاعدًا جبلا. جبلا: مفعول به لاسم الفاعل صاعدًا، وصاعدًا: منادًى شبيهٌ بالمضاف منصوب، وهو يقرب من المضاف لأنك تستطيع القول: يا صاعدَ جبلٍ. ونحو: يا زكيًا أصلُه. أصل: فاعل للصفة المشبهة زكي. وكذلك في مثل: يا ثلاثةً وثلاثين (اسمًا لرجُلِ).
حذفُ حرفِ النداءِ:
لا يجوز حذف حرف النداء إلّا في العَلَم، نحو: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، أيْ: يا يوسفُ، وفي المضاف، نحو: رَبَّنَا آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا. ومع "أيها"، نحو: أيها المُسافرُ عُدْ. وفي لفظ الجلالة (الله) وتعوض غالبا بميم مشددة، تقول: اللهمَّ، ولا يمكن فيه أن يجتمع حرف النداء والميم إلّا في الشعر، كقول أمية بن أبي الصلت:
إني إذا ما حدثٌ ألمَّا * أقول يا اللهمَّ يا اللهمَّا. والميم زائدة.
أمّا حذف حرف النداء في غير الأعلام، أو من أسماء الإشارة أو الموصول، أو من الضمائر، فلا يحذف منها حرف النداء إلّا نادرًا ويشترط أن تذكر معها صيغة الأمر أو النهي، لأنّ التنبيه في الصيغتيْن يعوض عن أداة النداء معنويا، ومنه قول الشاعر:
ذا ارعواءً، فليس بعد اشتعال الر أس شيبًا إلى الصبا من سبيل.
 والأصل، يا هذا.
تنوينُ المنادَى اضطرارًا:
يجوز لك في الشعر أن تنون الأعلام المفردة أو النكرة المقصودة (وهما مبنيان على الضم كما رأيتَ ولا ينونان) مرفوعة أو منصوبة، كقول الأحوص:
سلامُ الله يا مطرٌ عليها * وليس عليك يا مطرُ السلام.
تنون مطرٌ الأولى بالبناء على الضم، وهذا التنوين للضرورة الشعرية.
وينون منصوبا، كقول عدي بن ربيعة:
ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إليَّ وَقَالَتْ * يا عدِيًّا لَقَدْ وَقَتْكَ الأَوَاقِي.
وقتك: حفِظتك. والأواقي: جمع واقيَة. عديا: منادى منصوب بالفتحة الظاهرة للضرورة، وقد نونه الشاعر ثم نصبه ليشابه المنادى المعرب المنون بأصله.
نداءُ ما فيهِ (أل):
إذا نُودِيَ المُحَلَّى بأل، تجرد منها. ففي قولك العباس، تقول في ندائه: يا عباس. وإذا بقيت (أل)، يتوصل حينئذ إلى النداء بنداء اسم إشارة أو أيها لنداء المذكر وأيتها لنداء المؤنث، نحو: يا هذا الرجل، يا هذه المرأة، يا أيها الرجل، يا أيتها المرأة. فيكون المنادَى هو اسم الإشارة أو أيها أو أيتها، ويكون المحلى بأل بعدها صفة إن كان مشتقا أو بدلًا إن كان جامدًا. ففي قولك: يا أيها الماهر: تعرب الماهر صفة لأيّ، ويا أيها الرجلُ: تعرب الرجل "بدلًا" من "أيّ".
أمّا اسم الجلال (الله)، فتبقى فيه "أل"، فتقول: يا الله، وتكون همزته همزة قطع أو وصل، وغالبا يحذف حرف النداء ويعوض عنه بميم مشددة، تقول: اللهمَّ، ولا يجمع بينهما إلّا في الضرورة النادرة، نحو: اللهمَّ أثبنا. وقد تستعمل اللهمَّ لتمكين الجواب في نفْس السامع. تقول: اللهمَّ نَعَمْ، جوابًا لمَن قال: هل أنتَ مخلصٌ لوطنك؟. وتستعمل في مكان آخَرَ دليلا على الندرة والقلة، نحو: أنا أكافئك اللهمَّ إذا لم تجتهدْ. والمنادى في المثاليْن الأخيريْن صورة لا يقصد به النداء فيعرب كإعرابه، وهو البناء على الضم في محل نصب، والميم عوض عن "يا".
المنادَى المضافُ إلى ياء المتكلم، وله أربعُ حالات:
1-إذا كان المنادَى المضاف إلى ياء المتكلم مُعتلَّ الآخِر، ثبتت فيه الياء مفتوحة، نحو: يا فَتايَ، ويا قاضِيَّ.
2-إذا كان المنادَى وصفًا مشبهًا للفعل (اسم فاعل أو صيغة مبالغة أو اسم مفعول)، فيجوز الفتح والسكون، نحو: يا مهذبيَ، يا مهذبي.
3-إذا كان المنادَى صحيحَ الآخِر، ففيه أربعة أوجهٍ:
أ-حذف الياء والاكتفاء بالكسرة دليلًا عليها، نحو: يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ.
ب-إبقاء الياء ساكنة، نحو: يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ.
ج-إبقاؤها مفتوحةً، نحو: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
د-قلب الكسرة قبل الياء فتحةً وقلب الياء ألفًا، نحو: يا حسرتا على أيام الصِّبا.
4-إذا كان المنادَى المضافُ إلى ياء المتكلم أبًا أو أُمًّا، جاز فيه:
1-حذف الياء وإبقاء الكسرة دليلًا عليها "يَا أُمِّ".
2-إبقاء الياء ساكنةً، نحوُ: يَا أُمِّي.
3-إبقاء الياء ساكنة مفتوحة، نحوُ: يَا أُمِّيَ.
4-فتح ما قبل الياء وإبدال الياء بألف، نحو: يا أمّا.
5-إبدال الياء تاءً مكسورة، نحو: يا أُمَّتِ، أو تبدل هذه التاء بهاء عند الوقوف فتقول: يا أمّه.
6-إبدالها تاء مفتوحة، نحو: يا أُمَّتَ.
7-إبدال الياء بتاء مفتوحة وإضافة ألف إليها، نحو: يا أُمَّتَا.
8-الإتيان بياء المتكلم وقبلها تاء زائدة "يَا أَبَتِي"، ولا تقال إلّا في الشعر للضرورة.
المنادَى المُضافُ إلى المُضافِ إلى الياء:
يجب في هذه الحالة إثباتُ الياءِ ساكنةً أو مفتوحةً، نحوُ: يا طُفُولَتِي أو يا طُفُولَتِيَ، إلّا إذا كان المنادَى المضافَ "ابن أمّ، أو ابن عمّ" فيجوز فيها:
أ-فتح الميم، يَا بْنَ أُمَّ. ب-كسرها، يا بن أُمِّ. ج-أو إثبات الياء، يا بن أُمِّي. د-أو قلب الياء ألِفًا، يا بن أُمَّا.
حالاتُ تابعِ المُنادَى:
يكون تابعُ المُنادَى: بَدَلًا، مَعْطُوفًا، نَعْتًا أَوْ تَوْكِيدًا، مُحَلًّى بِأَلْ، مُضَافًا، أَوْ مُشَبَّهًا بِالمُضَافِ، وَمَا يراعى في رفعه لفظ المنادَى.
1-التابع إذا كان بدلًا: حكمه حكم المنادَى المستقلِّ بنفسه فإن كان ممّا يُبنَى على الضم أو على ما يُرفعُ به بُنِيَ، وإن كان ممّا يُنصَب نُصِبَ، نحو: يا خالدُ رشيدُ (ببناء "رشيد" على الضم بدلا من المنادَى خلد). يا عبدَ الله خالدُ (خالد بدل من المنادَى "عبدَ" مبني على الضم في محل نصب لأنه من أنواع المنادى المبنية). ويا خالدُ عبدَ الله (عبدَ بدل من المنادى خالد منصوب لأنه من أنواع المنادى المعرفة المنصوبة لأنه مضاف).
2-حُكْمُ المعطوفِ على المنادَى كحُكمِ البدَلِ، ويشترط فيه أن يكون مُجَرَّدًا من "أل"، نحو: يا خالدُ ونديمُ، يا خالدُ وعبدَ الله، ويا عبدَ الله وخالدُ.
3-إذا كان تابعُ المنادَى نعتًا أو توكيدًا أو عطفَ بيانٍ، فإن كان المنادَى مبنيًّا جاز في التابعِ البِناءُ والنصبُ، وإلّا فالنصب مطلَقًا، نحو: يا خالدُ الكريمُ/ الكريمَ "صفة"، يا خالدون كلُّكم "توكيد"، ويا معلِّمُ خالدٌ/ أو خالدًا "عَطْفُ بَيَانٍ". والنَّصْبُ مطلقًا: يا خالدُ كريمَ الأخلاق "صفة"، يا رجالَ العِلمِ كُلَّكُم "توكيد"، يا عبدَ الله الكريمَ "صفة المنادَى منصوب"، يا طالبًا العِلمَ خالدًا "عطف بيان".
4- حكم تابع المنادى المُحَلَّى بأل، إن كان بواسطة "أَيّ" أو بواسطة اسم الإشارة، إتباعه في لفظه إذا كان التابع مفردًا، نحو: يا أيها الرجلُ الكريمُ، ويا هذا الغلامُ الرشِيدُ.
5- تابعُ المنادَى المُعرَبُ (أيْ المضاف والمشبه بالمضاف)، حكمُه الإعرابُ مطلَقًا، نحو: يا خالدُ عبدَ الله "مضاف"، ويا سليمُ المعلمَ أخي "شبيه بالمضاف"، ويا عادلُ الطالعَ جبلًا "شبيه بالمضاف".
6- ما يجب رفعُه مراعاة للفظ المنادَى، وهو نعت "أَيَّ وأَيَّةُ، ونعت اسم الإشارة، نحو: يا أيها المعلِّمُ، يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ، يا هذا الرحلُ، يا هذه المرأةُ.
ولا يوصف اسم الإشارة إلّا بما فيه "أل"، ولا توصف "أَيُّ أو أيَّةُ" في هذا الباب إلّا بما فيه "أل"، نحو: يا أيها الرجلُ، يا أيتها المرأة، يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ، نحو: يا هذا الرجلُ، يا هذه الوالدةُ.
المُنادَى المُرَخَّمُ:
ترخيم المنادَى هو حذف آخِره تخفيفًا. وهو يقع في العلَم المفرد سواء أكان مختومًا بتاء التأنيث كفاطمة أم مجردًا منها كمالك، فالأول كقول الشاعر:
أَفَاطِم مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ * وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي.
فأزمعتِ: أحْكَمْتِ عَزْمَكِ. مَهْلًا: مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لفعل محذوف تقديره: أَمْهِلِي مَهْلًا. وبعضَ: مفعول به لفعل محذوف.
أَفَاطِمَ/ أَفَاطِمُ: الهمزة: حرف نداء. فاطمَ: مُنادًى مُرَخَّمٌ مبنيٌّ على الضم الظاهر على التاء المحذوفة للترخيم، إذا قلنا "أفاطمَ"، والظاهر على آخره، إذا قلنا "أفاطمُ".
أمّا المجرَّد من التاء، فشرطُه أن يكون عَلَمًا زائدًا على ثلاثة أحرف، كجعفر ونوال، فتقول: يَا جَعْفَ، وَيَا نَوَا. ولا يُرخَّم غيرُ العلَم، وشذَّ للضرورة ترخيم "صَاحِ" مرخّم "صَاحِبي"، في قول الشاعر:
صَاحِ شَمِّرْ وَلَا تَزَلْ ذَاكِرَ المَوْ  تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلَالٌ مُبِينُ.
ماذا يُحذَف عند الترخيم:
يُحذَف الحرفُ الأخيرُ من الاسم المنادى عند الترخيم، ففي قولك: يَا جَعْفَ، حذفت الراء تخفيفا. والأمر كذلك في قولك: يَا سُعَا، فقد حذفت الدال. أو يحذف حرفان. ففي مثل مَنْصُور، تقول: يَا مَنْصُ. وَمَرْوَان، يَا مَرْوَ. وذلك إذا كان الحرف الذي قبل الآخِر حرفَ علة ساكنًا زائدًا ثالثًا فصاعدًا مسبوقًا بحركة مجانسةٍ له (أي لحرف العلة).
حركة آخِر المنادَى المرخَّمِ:
أمّا آخِرُ المنادَى المرخَّمِ، فيجوز لك أن تبقيه على ما هو عليه (ويسمونها لغة من ينتظر، أي من ينتظر عودة الحرف المحذوف). ويجوز أن تبنيه على الضم (ويسمونها لغة من لا ينتظر)، فتقول في "جَعْفَر" مَثَلَا: يَا جَعْفَ أو يَا جَعْفُ. أمّا إذا خِيف اللبس، فيفتح الآخِر. ففي "مُسلِمة"، تقول: يَا مُسْلِمَ، إِذْ لو قلتَ: يا مُسْلِمُ، يُظَنُّ بأنك تنادي أحد المسلمين (وَمُسِلِمَة ومَسْلمة سواء).
أسماءٌ لازمت النداء:
جاء على لسان العرب ألفاظ لم تستعمل إلّا في النداء، منها:
1-يا فُلُ ويا فُلَةُ، بمعنى رجل وامرأة.
2-يا لُؤمانُ، بمعنى كثير اللؤم. ويا نَوْمانُ، بمعنى كثير النوم.
3-يا مَخبثان، ويا مَلأمان، ويا مَلكعان، ويا مَكذبان، ويا مَطيبان، ويا مَكرمان، وتؤنث بالتاء المربوطة.
4-ياغُدُرُ، يا فُسُقُ على وزن "فُعُل" للمذكر بمعنى: يا غادرُ ويا فاسِقُ، وهو سماعيّ.
5-يا فَسَاقِ، ويا خَبَاثِ سَبًّا للمؤنث، بمعنى: يا فاسقةُ، ويا خبيثةُ.
الاستغاثة وأحكامها:
الاستغاثة نوع من النداء، نداء مَن يُخَلِّصُ من شدة أو يُعِين على دَفْع مُلمَّة، نحو: يا لَلعرب لِفلسطين. ويتعلق الجار والمجرور اللذان بعد المستغاث بهِ بِ (يا) التي قامت مقام أستغِيث.
أركان الاستغاثة: لَا بُدَّ في الاستغاثة من مُستَغاث به، ومُستَغاث له أو منه، وأداة استغاثة وهي (يا) فقطْ دون غيرها، نحو: يا لَلكريم لِلبائسِ. يا: أداة الاستغاثة. لَلكريم: المستغاث به. لِلبائس: المستغاث له. يا لَخالدٍ لدهرٍ جائر أو من دهرٍ جائرٍ. يا: أداة الاستغاثة. لَخَالدٍ: المستغاث به. لدهرٍ جائرٍ: المستغاث منه. من دهرٍ جائرٍ: المستغاث منه.
حالات المستغاث به ثَلَاثٌ:
1-جَرُّهُ بلامٍ مفتوحةٍ، نحو: يا لَخالدٍ لِلضعِيفِ، وفي هذه الحالة يكون مجرورًا لفظًا منصوبًا مَحَلًّا على النداء.
2-أنْ تختمَه بألف بدلا من لام الجر، نحو: يا خالدًا لِلضعِيف، ويجوز أن تلحقها بهاء السَّكْتِ إذَا وقفت، نحو: يا خالداه.
3-أن تعاملَه معاملة المنادَى فتجرّده من اللام والألف مَعًا، نحو: يا خالدُ لِلضعيف.
حالات المستغاث له أو منه:
1-جَرُّه بلام مكسورةٍ لا تفتح إلّا مع الضمائر عَدَا ضمير المتكلم، نحو: يا خالدُ لِلبائس. يا لَلحاكم لِلمظلوم، يا لَلمنصِف لَكَ.
2-جَرُّهُ بِمِن إذا كانت الاستغاثة منه، نحو: يا لَلشرطة من اللصوص.
يجوز حذف المستغاث به أو المستغاث له، إذا فُهِمَ من الكلام، نحو: يا لِلمظلوم، والأصل: يَا لَله لِلمظلوم، ويا لَله، والأصل: يا لَله لِلمظلوم.
النُّدْبَة:
من أنواع النداء الندبة، وتكون للمتفجَّع عليه كالميِّتِ والمَفْقُودِ، أو المتوجَّعِ له كالمَريض والمظلوم والمُصاب، أو المتوجَّع منه كالرأس والظهر وغيرِهما، نحو: وَا سَالِمُ، وَا سَعِيدًا، وَا ظَهْرِي.
لِلندبة أداتان، هما: "وَا" و"يَا"، ولا تستعمل "يَا" إلّا عند اتِّضاح أنها للندبة وليس للنداء، نحو: واسعيداه، يا فقيدَ العُروبة.
 يشترط في المنادَى المندوبِ: أ- أنْ يكونَ عَلَمًا، نحو: وَا خَالِدًا. وَا: حرف نداء وندبة، خالدًا: منادًى مندوبٌ عَلَمٌ مُفْرَدٌ مَبْنِيٌّ عَلى ضَمٍّ مقدَّرٍ منع من ظهوره الفتحة العارضة لمناسبة ألِف الندبة والألف للندبة. ب- أو يكون مضافًا إلى معرفة، نحو: وا قائدَ الجيش. ج-أو يكون اسمًا موصُولًا مشهُورًا بصلته مجردًا من "أل"، نحو: وَا مَنْ فَتَحَ الأنْدَلَسَ.
حالات المنادَى المندوبِ:
له ثلاثُ حالات:
1-أنْ يُعامَل معاملة المُنادَى غيرِ المنصوبِ، نحو: وَا خَالِدُ.
2-أنْ تُزادَ على آخِره ألِفٌ تُسَمَّى ألِفَ النُّدبة، نحو: واخالدا.
3-أن تقف عليه بعد ألِفِ الندبة بهاءٍ تسمّى هاءَ السَّكْتِ، نحو: وا خالداه، وهذه الهاءُ تسقط في دَرَج الكلام.
وإذا انتهى المنادَى المندوبُ بألِفٍ نحو: مصطفى، حذفت هذه الألِفُ عندما تريد أنْ تضيفَ إليه ألِفَ الندبة. وذلك لالتقاء الساكنيْن، فتقول: وا مُصْطَفَا، وَا مُصْطَفَاهْ.
وألِف الندبة وهاء السكت، يجوز أن تلحق المنادَى المندوبَ:
1-إذا كان مفردًا، نحو: وَا خَالِدَاهْ.
2-إذا كان مُضافًا فتلحق المُضافَ إليه، نحو: وَا زَنَيْنَ العَابِدِينَاهْ.
3-إذا كان اسمًا موصُولًا فتلحق آخِرَ صِلَتِهِ، نحو: وَا مَنْ فَتَحَ مِصْرَاهْ.
أمّا المنادَى المندوبُ المضافُ إلى ياءِ المتكلِّمِ فلك فيه أنْ تحذف الياءَ أو تثبتَها فتقول، في مثل المنادَى المندوبِ (ظَهْرِي): وَا ظَهْرِي أَوْ وَا ظَهْرَا أَوْ وَا ظَهْرَاهْ أَوْ وَا ظَهْرَيَاهْ (بفتح الآخِر والياء). ويجوز أنْ تقولَ: وَا ظَهْرٍ، وَا ظَهْرُ.
ولا يجوز حذفُ ياءِ المتكلِّمِ، في مثل: وَا أُخْتَ صَدِيقِي، لأن الياءَ لم تلحقْ المنادَى المندوبَ، إذ المنادَى المندوبُ في هذه الجملة هو "أخت".
ولا تندب النكرات، إذْ كيف يتوجَّع الإنسانُ على مجهولٍ، ولا المُبْهَمات كالأسماء الموصولة وأسماء الإشارة، إلّا إذا عرف الاسم الموصول بصلته كما مَرَّ، نحو: وَا مَنْ فَتَحَ دِمِشْقَاهْ (وهو خالد بن الوليد المعروف).
فوائدُ:
1-تحسب عبارة النداء جملة باعتبار الفعل المحذوف النائب عنه حرف النداء، إذْ لو قلت: يَا عَبْدَ اللهِ، فإنّ (يا) تؤدي معنى (أَدْعُو)، فالمنادَى في الحقيقة مفعول به وعامله الفعل الذي نابَ عنه حرف النداء، وهو (أَدْعُو أَوْ أُنَادِي).
2-يجوز في نعت المنادَى المبنيِّ أن يكون مرفوعًا إتباعًا له على اللفظ، وأن يكون منصوبًا إتباعًا له على المَحَلِّ، نحو: يَا خَلِدُ الفَاضِلُ أَوِ الفَاضِلَ، والأمر كذلك فيما عُطِفَ على المنادَى نحو قول الشاعر:
أَلَا يَا قَيْسُ وَالضَّحَّاك سِيرَا * وَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّرِيقِ.
برفع "الضحاك" عطفًا على لفظ "قيس" وبنصبه عطفًا على مَحَلِّهِ الذي هو النصب.
3-الذي والتي وفرعهما ممّا تلزمه (أل) من أسماء الموصول، يجوز فيها أن تنادَى كما يُنادَى المعرفُ بأل، فتقول: يا أيها الذي أحترمه أو يا هذا الذي أحترمه، ويجوز دخول حرف النداء مباشرة بدون فاصل.
4-لا يشترط في المنادَى المُرَخَّمِ المنتهي بالتاء أن يكون عَلَمًا أو زيادة على الثلاثي.
5- إذا كان المنادَى المندوبُ مختومًا بألِفٍ مقصورةٍ، نحو: مصطفى، جاز لك أنْ تلحقه بهاء السَّكْتِ على لفظه، نحو: وَا مُصْطَفَاهْ، أو تقلب الألف ياءً، نحو: وَا مُصْطَفَيَاهْ، وأمّا الممدودُ، نحو: حَسْنَاء، فتقلب همزته ياءً وتلحقه بالألف والهاء، نحو: وَا حَسْنَايَاهْ، ويجوز إثبات الهمزة: وَا حَسْنَاءَاهْ، أو قلبها واوًا: وَا حَسْنَاوَاهْ.
6- إذا وصفت النكرة غير المقصودة أصبحت نكرةً مقصودةً مَعْنًى لكنها تبقى منصوبةً ولا تُبْنَى على الضمّ، نحو: يَا رَجُلًا حَكِيمًا، وَيَا مَلِكًا يُحِبُّ العُلَمَاءَ.
7-يُرَخَّمُ العلَمُ المركَّبُ تركيبا مزجيا  بحذف جزئه الثاني، فتقول في حَضْرَمَوْت: يَا حَضْرَ.
(المرجع، بتصرّف: المرجع في اللغة العربية، لعلي رضا. دار الفكر).






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2401):

  25471- مَسَاكٌ/ مِسَاكٌ (إِمْسَاكٌ، مَسَاكَةٌ، بُخْلٌ، شُحٌّ): avarice, ladrerie . مَسَّاكٌ (بَخِيلٌ، شَحِيحٌ): avare, ladre . أَبْرَصُ/...