الأربعاء، 10 يونيو 2020

الاسْتِثْنَاءُ:


المُسْتَثْنَى: هو اسم يُذكَر بعد (إِلَّا) أو إحدَى أخواتها مُخالِفًا لِمَا قبلَها في الحُكْم، نحو: حَضَرَ الطُّلَّابُ إِلَّا خَالِدًا. الطلابُ (المُستثنَى منه)، إلّا (أداة اسْثناءٍ)، خالدًا (المُسْتثنَى).
أدوات الاستثناء:
هي: إِلَّا (حَرْفٌ)، غَيْر، سِوَى (اسْم)، مَا عَدَا، مَا خَلَا، حَاشَا (تتراوَح بين الاسمية والفعلية)، لَيْسَ، لَا يَكُونُ (فِعْل).
الاستثناء بِ (إِلَّا):
الاستثناء النّاقِص أو المُفَرَّغ:
إذا ذُكِرَ المستثنَى مِنْهُ في جملة الاستثناءِ وكان الكلامُ مُثْبَتًا، نُصِبَ الاسمُ المُستثنَى حَتْمًا، نحو: اجْتَهَدَ التّلامِيذُ إلّا وَلِيدًا. فقد ذُكِرَ المستثنَى منه وهو (التلاميذ) والكلام مُثبَتٌ (اجتهدَ) غيرُ مَنَفِيٍّ.
أمّا إذا لم يُذكَرْ المستثنى منه، فالاستثناء ناقِصٌ مُفَرَّغٌ، وحينئذٍ يُعرَب ما بعد (إلّا) بحسَبِ مَوْقِعِه في الجملة كما لو كانت (إلّا) غيرَ موجودة، نحو: مَا اجْتَهَدَ إِلَّا وَلِيدٌ، فالاستثناء هنا ناقصٌ لِفِقدان/ لفُقدان المستثنى منه، ومُفَرَّغٌ للعَمَل فيما بعدها، ولهذا فإنّ (وليد) فاعلٌ لفعْل (اجْتَهَدَ).
المستثنَى قِسمان: مُتَّصِلٌ، وَمُنْقَطِعُ:
المستثنَى المتصلُ: هو ما كان فيه المستثنى من جِنْسِ المستثنى منه، نحو: تَصْدَأُ المَعَادِنُ إِلَّا الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، فالذهبُ من المعادن.
المستثنَى المُنْقَطِعُ: هو ما كان فيه المستثنى من غير جنس المستثنَى منه، نحو: سَافَرَ الزَّائِرُونُ إِلَّا أَمْتِعَتَهُمْ. فالأمتعة ليست من جِنْسِ الزائرين ، ولكن لدفْع التوهُّم بأنّ الزائرين ذهبوا مع أمتعتِهم ذُكِرَ الاستثناء لإزالة ذلك التوهُّم. وفي هذا النوع من الاستثناء يجبُ النصبُ، سواء أكان الاستثناءُ مُثْبَتًا أَمْ مَنْفِيًا.
حالات المستثنَى:
1-يُنصَب المستثنَى حَتْمًا، إذا كان الكلامُ قبل (إلّا) تَامًّا (أي أن المستثنى منه موجود) مُثْبَتًا غَيْرَ مَنْفِيٍّ، نحو: نَجَحَ الطُّلَّابُ إِلَّا سَلِيمًا.
ويجب النصبُ، إذا تقدم المستثنَى على المستثنَى منه، كقول الكميت يمدح بني هاشم:
وَمَا لِيَ إِلَّا آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ * وَمَا لِي إِلَّا مَذْهَبَ الحَقِّ مَذْهَبُ.
2-يُنصَب المستثنَى بِ (إِلَّا) أو يتبع ما قبلها (وهو الأرجح) بدلا منه، إذا كان الكلامُ قبل (إلّا) تَامًّا (المستثنى منه موجود) وَمَنْفِيًا، نحو: مَا حَضَرَ الطُّلَّابُ إِلَّا خَالِدًا/ أَوْ خَالِدٌ. خَالِدًا: مُستثنًى منصوبٌ. وخالدٌ: بَدَلٌ من الطلاب، وبدل المرفوع مرفوع، وتكون (إلّا) قبل البدل أداةَ استثناء ملغاةً.
ويُعتبَر النهيُ والاستفهامُ الإنكاريُّ مثلَ النفي في هذا الصدد، نحو قوله تعالى: (وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ)، فقد حل النهي محل النفي، فلك في (امرأتَك) فتحُ (امْرَأَةَ) على الاستثناء أو رفعُها (امْرَأَةُ) على البدلية من (أَحَدٌ).

3-إذا لمْ يُذكَرْ المستثنَى منه، فالاستثناءُ مُفَرَّغٌ، ويعرب المستثنَى حِينَئِذٍ على حَسَب ما يقتضيه موقِعُه من الجملة كما لو كانت (إلّا) غيرَ موجودة، نحو: مَا جَاءَ إِلّا خَالِدٌ، مَا رَأَيْتُ إلّا خالِدًا، مَا مَرَرْتُ إلّا بِخالِدٍ، فخالدٌ فاعلٌ، وخالدًا مفعولٌ به، وبخالدٍ جارٌّ ومجرورٌ متعلقان بمررتُ، و(إلّا) في هذه الحالة أداةُ حَصْرٍ والكلام في الاستثناء المُفَرَّغ يكون منفيًا كما رأيت.
عامِل النصْب في المستثنَى:
ناصِب المستثنَى هو (إلّا) التي هي بمعنَى (أَسْتَثْنِي) والأكثر يقولون إنّ عامِلَ النصْب هو (إلّا) دُون تقديرها بمعنَى (أَسْتَثْنِي).
(إلّا) المُكرَّرَة:
(إلّا) المكرَّرَة هي التي يجوز طرحُها والاستغناءُ عنها، وإذا اتفق ما بعدها في المعنى مع المستثنى، كان بدلًا منه و(إلّا) زائدة للتوكيد، نحو: مَا ذَهَبَ إِلَّا مُحَمَّدٌ إِلَّا أَخُوكَ، فَ (إِلّا) هنا زائدة للتوكيد و(أخو) بدلٌ من محمد، وبدل المرفوع مرفوع. وإنْ اختلف في المعنى فيعطف، نحو: حَضَرَ الطُّلَّابُ إِلَّا خالدًا وإلّا سَلِيمًا، فالواوُ عاطِفةٌ و(إلّا) الثانية زائدةٌ للتوكيد و(سَلِيمًا) اسْمٌ معطوفٌ على (خالدًا) إِذِ التقديرُ: حَضَرَ الطُّلَّابُ إِلَّا خالدًا وسليمًا.
الاستثناءُ بِغَيْر وسِوَى:

إذا استثني بِ (غَيْر، وَسِوَى)، فالمستثنَى بعدهما مجرور بالإضافة. أمّا (غَيْر، وَسِوَى) ذاتهما فحكمهما حكم المستثنى بإلَّا، فينصبان إذا ذكر المستثنى منه قبلهما وكان الكلام مثبَتًا، نحو: جَاءَ الطُّلَّابُ غَيْرَ خَالِدٍ، جَاءَ الطُّلَّابُ سِوَى خَالِدٍ. وينصَبان أو يتبعان المستثنى منه على البدلية، إذا ذكر المستثنى منه وكان الكلام منفيا، نحو: مَا جَاءَ الطُّلَّابُ غَيْرَ خالدٍ، وَما جَاءَ الطُّلَّابُ غَيْرُ خالدٍ، مَا جاءَ الطلابُ سِوَى خالدٍ. أَمَّا إذا لم يذكر المستثنَى منه، فتعربان حسَب موقعهما في الجملة، نحو: مَا جاءَ غيرُ خالدٍ، ما جاءَ سِوَى خالدٍ، فَكُلٌّ من (غَيْر وَسِوَى) في المِثاليْن الأخِيريْن فاعِلٌ. إلّا أنّ علامات الإعراب لا تظهر على (سِوَى) بل تُقدَّر فيها الحركات على الألِف للتعذُّرِ.
الاستثناءُ بِخَلَا وَعَدَا وَحَاشَا:
يٌستثنَى بهذه الأدوات فإذا اعتبرتها أحرُفَ جَرٍّ، جَرَرْتَ ما بعدها، نحو: جَاءَ الطُّلَّابُ خَلَا سَلِيمٍ، على اعتبر (خلا) حرف جر، و(سليم) اسم مجرور بِ (خلا) ولا متعلق لهما، وإذا قدرتها أفعالًا ، نَصَبْتَ ما بعدها على أنه مفعول به لها، نحو: جاء الطلابُ عَدَا سَلِيمًا، فَسَلِيمًا مفعولٌ به لِعَدَا والفاعلُ ضميرٌ مُستتِر وُجوبًا (على خلاف القاعدة) تقديره هُوَ.
إذا تقدمتْ على عَدَا وخَلَا (مَا) المصدرية، تَعَيَّنَ كونُهما فِعْلَيْنِ، نحو: حَضَرَ المتسابقون ما عدا الفائزَ، فالفائز مفعول به لِعَدَا حَتْمًا، ولا يجوز في هذه الحالة أن يكون (عَدَا) حرفَ جَرٍّ. أَمَّا (حَاشَا)، فلا تتقدمها (مَا)، وفاعلها سَبَقَ إعرابُه، والمصدر المؤوَّل من (ما) وما بعدها في محل نصب على الحالية. والتقدير: حضر المتسابقون خالين من الفائز. والجَرٌّ كثيرٌ بِ (خَلَا وَعَدَا)، إنْ لم تسبقهما (ما) المصدرية، وكذا يُجَرُّ بِ (حَاشَا) نحو قول الشاعر:
خَلَا اللهِ لَا أَرْجُو سِوَاكَ وَإِنَّمَا * أَعُدُّ عِيَالِي شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا.
خَلَا: حرْف جَرٍّ، ولفظ الجلالة: اسمٌ مجرورٌ (لا متعلق لهما). سِوَى: مفعولٌ بِهِ منصوبٌ بفتحة مقدَّرَة على الألِف لِلتَّعَذُّرِ. الواو: عاطفة، إنّما: كافة مكفوفة. عِيَال: مفعول به أول. شعبةً: مفعول به ثانٍ لِأَعُدّ. والألف في (عيالكا) للإطلاق.
ومن الجر بِعَدَا، قول الشاعر:
أَبَحْنَا حَيَّهُمْ قَتْلًا وَأَسْرًا * عَدَا الشَّمْطَاءِ وَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ.
قَتْلًا: تَمْيِيزٌ مُنْصُوبٌ. عَدَا: حَرْفُ جَرٍّ. الشمْطاءِ: اسْمٌ مَجْرُورٌ بِعَدَا (لا مُتعلّقَ لهما). والشمطاءُ، هي المرأةُ التي خالَطَ البياضُ سوادَ شَعرها، ويقال للمرأة ذلك إذا شاخَتْ وكبِرتْ، والرَّجُلُ أَشْمَطُ.
الاستثناءُ بليس ولا يكون:
لَيْسَ وَلَا يَكُونُ: فِعلان ناقصان في الأصْل، ويُستثنَى بهما دون أن يخرجا عن أصْلهما، إلّا أنّ اسمَهما ضميرٌ مستترٌ وُجُوبًا (على خلاف القاعدة) تقديره هُوَ، والاسم الواقع بعدهما منصوبٌ على أنّه خبَرٌ لهما، نحو: قَامَ النَّاسُ لَيْسَ خَالِدًا. خَالِدًا: خَبَرُ (لَيْسَ) منصوبٌ، والتقدير: ليس بعضُهم خالدًا. وَأَقْبَلَ القَوْمُ لَا يَكُونُ سَلِيمًا. سَلِيمًا: خَبَرُ (لَا يَكُونُ) واسمها ضمير مستتر وجوبًا تقديره هُوَ، والتقدير: أَقْبَل القومُ لا يَكُونُ بعضُهم سلِيمًا. وجملة الاستثناء في كلا الأداتيْن، في محل نصب حال. وحَبَّذا لو اعتُبر هذان الفعلان أداتيْن كإلّا، فلا مرفوعَ ولا منصوبَ لهما، وما بعدهما منصوب على الاستثناء، وكفى الله الدارسين الجدال.
ولقد سبق أن اعتبر الكوفيّون (ليس) حَرْفَ عَطْفٍ، في مِثل قولك: خُذِ الكِتَابَ لَيْسَ القَلَمَ، وجعلوها كَ (لَا) النافيَة العاطفة.
الملحَق بالاستثناء (بَيْدَ، وَلَا سِيَّمَا):
بَيْدَ: اسمٌ منصوبٌ على الاستثناء دائمًا، وهو خاص بالاستثناء المُنْقَطِعِ وَلا ينفك عن الإضافة إلى المصدر المؤوَّل بِأَنَّ التي تنصِب الاسمَ وترفع الخبرَ، نحو: إِنَّهُ لَعَظِيمُ الشَّأْنِ بَيْدَ أَنَّهُ غَضُوبٌ. فَبَيْدَ: مستثنًى منصوبٌ ومضافٌ، والمصدر المؤوَّل من (أَنَّ) واسمها وخبرها في محل جر بالإضافة. والتقدير: إنه عظيم الشأن بَيْدَ غضبِه.
لَاسِيَّمَا:
لَا سِيَّمَا: تركيبٌ يَدُلُّ على أنّ ما بعدَه مُفضَّلٌ على ما قبلَه في الحُكم، نحو: أُحِبُّ الفَاكِهَةَ وَلَا سِيَّمَا التُّفَّاحِ/ التُّفَّاحُ.
وليست (لا سيما) في الواقع من كلمات الاستثناء، وإنما اعتبروها كذلك لأنها تخرج ما بعدها ممّا قبلها من حيْثُ إنّه مفضَّل عليه في الحُكْمِ.
وهي مركبة من (لا) النافية للجنس، وَ(سِيَّ) بمعنى مثل وهو اسمها المنصوب، وخبرها محذوف وُجُوبًا تقديره: موجود. وأمّا (ما) فتعتبَر زائدةً، إذا كان ما بعدها مجرورًا، وتُعتبَر اسمًا موصُولًا أو نكرةً موصُوفَةً، إذا كان ما بعدها مرفوعًا باعتباره خبرًا لمبتدأ محذوفٍ وُجُوبًا تقديره هُوَ. وتُعرَب (ما) حينئذٍ في محل جر بإضافة (سِيَّ) إليها، والجملة بعدها صلة الموصول إِنْ اعتبرت (ما) اسمًا موصولًا، وصفة، إنْ اعتبرت (ما) نكرةً موصوفةً، ولهذا أتينا بالتفاح في المثال السابق مجرورًا بإضافة (سِيَّ) إليه واعتبار (ما) زائدة، ومرفوعًا باعتباره خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره هُوَ.
وقد يكون ما بعدها نكرةً منصوبًا، فيعرب حينئذ تمييزًا، و(ما) زائدة كافّة لِسِيَّ عن الإضافة، أو نكرة تامّة، نحو: أُحِبُّ الفَوَاكِهَ وَلَا سِيَّمَا تُفَّاحًا.
فَمَا: زائدة كافة لِسِيَّ عن الإضافة. تُفَّاحًا: تمييز . وخبر (لا) محذوف تقديره: مَوْجُودٌ. وهنا فقطْ، تعرب (سِيَّ) اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب.
وقد تستعمل (لَا سِيَّمَا) بمعنى (خُصُوصًا) فتنصِب (سِيَّ) حينئذ على المفعولية المطلقة، ويؤتى بعدها بحال مفردة أو جملة حالية أو جملة شرطية أو ظروف أو جار ومجرور، نحو: أُحِبُّ خالدًا وَلَا سِيَّمَا مُتَكَلِّمًا، أَوْ وَلَا سِيَّمَا هُوَ مُتَكَلِّمٌ أَوْ لَا سِيَّمَا إِنْ تَكَلَّمَ.
والواو التي تسبِق (لَا سِيَّمَا) اعتراضية ولا تستعمل بدونها إلّا نادرًا.
وإذا وقعت الحال بعد (لا سيما)، فَمَا زائدة كافّة لِسِيَّ عن الإضافة، نحو: أَشْرَبُ اللَّبَنَ وَلَا سِيَّمَا نَظِيفًا، وإذا وقع بعدها ظرف أو جار ومجرور فَ (ما) اسم موصول، نحو: أُحِبُّ الرِّيَاضَةَ وَلَا سِيَّمَا صَبَاحًا، أَوْ فِي الصَّبَاحِ.
حذف المستثنَى بعد إِلَّا وغيْر:
قد يحذف المستثنى بعد (إلّا وغير)، وذلك مع (ليس) خاصة دون غيرها ممّا يُستثنَى به من ألفاظ الجَحْدِ، لعلم المُخاطَب بمُراد المتكلِّمِ، وذلك كقولك: لَيْسَ غَيْرَ، وَلَيْسَ إِلَّا، والمراد: لَيْسَ إِلَّا ذَاكَ، وَلَيْسَ غَيْرَ ذَلِكَ. والتقدِيرُ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا ذَاكَ، أَوْ غَيْرَ ذَاكَ.
فوائدُ:
1-في قولهم: نَشَدْتُكَ اللهَ إِلَّا فَعَلْتَ هَذَا، وَمَا تَأْتِينِي إِلَّا قُلْتَ خَيْرًا، وَمَا تَكَلَّمَ خَالِدٌ إِلَّا ضَحِكَ، فالأفعال بعد (إِلَّا) في هذه الأمثلة مؤوَّلة بالأسماء. فالأول: سَاَلْتُكَ اللهَ إِلَّا فَاعِلًا هَذَا، وَمَا تَأْتِينِي إِلَّا قَائِلًا خَيْرًا، وَمَا تَكَلَّمَ خَالِدٌ إِلَّا ضَاحِكًا. فانتبهْ لذلك واعلمْ أنّ (إلّا)) مختصّةٌ بالأسماءِ، فوجودُها قبل أفعالٍ مؤولة بأسماءٍ لا يمنع اختصاصَها بالأسماءِ.
2-في قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا).
(إِلَّا) هنا، بمعنى (غير) وهي ليست أداةَ استثناءٍ في المعنَى.
وقال سِيبَوَيْهِ: إنّ (إلّا) وما بعدها في هذه الآية، صفة (لآلِهَة).
3-اعتاد بعضهم أن يقول: جَاءَنِي الطلابُ مِنْ عَدَاكَ أوْ مِنْ مَا عداكَ، وهذا خطأ. والصَّوابُ: جاءني الطلابُ مَا عَدَاكَ.
4-حَاشَا، لها ثلاثُ حالاتٍ:
أ-استثنائية، نحو: جَاءَ القومُ حاشَا خالدًا.
ب-فِعْلٌ مُتَصَرِّفُ، ومنه قول النابغة الذبياني:
وَلَا أَرَى فَاعِلًا فِي النَّاسِ يُشْبِهُهُ * وَلَا أُحَاشِي مِنَ الأَقْوَامِ مِنْ أَحَدِ.
جملة (يشبه) في محل نصب حال أو مفعول به ثان لِأَرَى، لأنها تَصْلُح أنْ تكون بصرية وعَلمية. وأُحاشِي، بمعنى أَسْتَثْنِي: فِعْلٌ مضارِعٌ. مِن: حرف جر زائد. أحد: مفعول به مجرُور لفظًا منصُوبٌ مَحَلًّا.
ج-تنزيهية دالّة على تنزيه ما بعدها عن نقص كَحَاشَ لله، وهي اسم وليست حرفًا، وهي اسم مرادف للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بَدَلًا من اللفظ بالفعل، أي مفعولًا مطلَقًا، نحو: حَاشَ للهِ مَا هَذَا بَشَرًا، كَمَعَاذَ اللهِ وَسُبْحَانَ اللهِ. وقرأ ابن مسعود: حَاشَ الله بالإضافة، وقُرِئت منونةً: حَاشًا للهِ، أَيْ: تنزيهًا لله. وفي قراءة مَن ترك التنوين، تكون مبنيةً. ويجوز حذف ألِفِها وإثباتها: حَاشَ للهِ، أو حَاشَا للهِ.
5-إذا كان الاسمُ المنصوبُ الواقعُ بعدَ (لَا سِيَّمَا) معرفةً، فيُعرَبُ مفعولًا به لفِعلٍ محذوفٍ تقديره أَعْنِي، نحو: أُحِبُّ الأَبْطَالَ وَلَا سِيَّمَا الصَّابِرَ مِنْهُمْ.
6-إذا قلنا: مَا بِالدارِ أحدٌ إلّا دراجةً، فهذا المستثنَى منقطع لأنه ليس من جنس المستثنَى منه، وهو منصوبٌ حَتْمًا، وذلك لتعذُّر البدل، إذْ لا يُبدَل في الاستثناء إلّا ما كان بَعْضًا من الأول. غير أنّ النابغة شَذّ عن هذا فأبدل في قوله:
وَقَفْتُ فِيهَا أَصِيلًا كَيْ أُسَائِلَهَا * عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
إِلَّا الأَوَارِيُّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا * وَالنُّؤْيُ كَالحَوْضِ بِالمَظْلُومَةِ الجَلَدِ
فرفعَ (الأواري) بدلًا من (أحد) الذي هو مبتدأ مجرورٌ لَفْظًا مرفوعٌ مَحَلًّا، والجار ومجرور (بالربع) خبرُه، و(مِن) حرف جر زائد. و(إِلّا) هنا أداة استثناء ملغاة.
الأصيلُ: الوقت بين العصر والمغرب. جَوَابًا: تمييزٌ منصوبٌ. الواو: حالية. مَا: مصدرية. الأواريُّ: مجالس الخيْل، والمفرَد آرِيٌّ. اللَّأْيُ: البُطْءُ. النُّؤْيُ: حاجز من تراب يُعمَل حول الخِباءِ ليردَّ عنه الماءَ. المَظْلُومَة: أرض فيها الحوض لغير إقامة. الجَلَدُ: الأرض الغليظة يكون الحفر فيها أصعب.
7-قد تأتي (إلّا) للاستدراك، نحو: سَمِعْتُ خَبَرًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ.
8-تقول: لِي صَدِيقٌ غَيْرُ خَالِدٍ، فتعرب (غَيْرُ) نعت لصديق، فإنْ قلت: مَا لِي صَدِيقٌ غَيْرَ/ غَيْرُ خالدٍ، جاز نصب (غير) على الاستثناء أو رفعها على البدلية، وذلك لأن المستثنَى منه يجب أن يكون جمعًا لفظًا ومعنًى أو لفظًا فقطْ. والنكرة المفردة في الإيجاب مفردة لفظا ومعنى، وأمّا بعد النفي فتدل على الجمع معنًى. ولهذا صح الاستثناء في المثال بعد النفي وامتنع بعد الإيجاب.
9-من أحكام (لَا سِيَّمَا) أنها لا تجيءُ بعدها الجملة مقرونة بالواو، ولَحَنَ مَن قال: وَلَا سِيَّمَا وَالأمْرُ كَذَا. ولا تحذف (لا) من (سيما) إلّا شُذُوذًا، كقول الشاعر:
سِيَّمَا مَنْ حَالَتِ الأَحْرَاسُ مِنْ دُونِ مُنَاهُ.
10-قال بعض النحاة إنّ (لَمَّا) تكون أحيانا بمعنى (إلّا)، وهي قليلة الاستعمال، نحو قوله تعالى: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)، و: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ). ف (إِنْ) نافية/ و(لمّا) بمعنى (إلّا). وقالوا: أنشدتك الله لَمَّا فعلتَ كذا، أيْ: إِلَّا فعلتَ كذا. والتقدير: سألتك بالله فعلك.
11-إنْ تقدم المستثنَى على صفة المستثنَى منه، جاز نصبُ المستثنى بِإِلَّا، وجاز جعلُه بدلًا من المستثنَى منه، نحو: مَا فِي المَدِينَةِ أَحَدٌ إِلَّا أَخَاكَ بَطَلٌ، أوْ إِلَّا أَخُوكَ، عَلَى أَنَّ (أخُو) بَدَل مِن (أَحَدٌ) وَبَطَلٌ صِفَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ ل (أحَدٌ).

12-في مثل قولك: لَيْسَ خَالِدٌ بِشَيْءٍ إِلَّا شَيْئًا لَا يُعْبَأُ بِهِ.
الباء: حرفُ جرٍّ زائدٌ. وشَيْءٍ: خبر (لَيْسَ) مجرورٌ لَفْظًا منصوبٌ مَحَلًّا، ولهذا فلا يعرب المستثنى (شَيْئًا) إلّا منصوبًا على الاستثناء أو منصوبًا على البدلية من (شيء) باعتبار محلها النصب لأنها خبر (لَيْسَ).
13-في قولنا: حَاشَاكَ أَنْ تَتَأَخَّرَ، وَحَاشَى خَالِدًا أَنْ يُهْمِلَ، فحاشَى هنا فعلٌ ماضٍ بمعنى: جَانَبَ، والكاف: مفعول به، والمصدَر المؤوَّل من أَنْ وما بعدَها: في محل رفع فاعل، والتقدير: حَاشَاكَ التَّأَخُّرُ، أَيْ: جَانَبَكَ وَابْتَعَدَ عَنْكَ. وَحَاشَى خَالِدًا الإِهْمَالُ، أَيْ: جَانَبَهُ وَابْتَعَدَ عَنْهُ.
14-يرى بعضُ النُّحاة أنّ (سِوَى) ظرْف، وهذا يخالف واقعَ هذا اللفظ، كما يوضح ذلك قول الشاعر:
أَأَتْرُكُ لَيْلَى لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا * سِوَى لَيْلَةٍ إِنِّي إِذًا لَصَبُورُ.
فالهمزة، للاستفهام. وجملة (ليس بيني وبينها سوى ليلة)، في محل نصب حال. وقد جاء ب (سِوَى) في محل رفع اسم (لَيْسَ)، وأبطَلَ قولَ مَن قال بظرفيتها. و(إِذًا)، ظرف متعلق ب (صبور) والتنوين تنوين عِوَضٍ جاء عوضًا عن الجملة التي تضاف (إِذَا) إليها، والتقدير: إني لصبور إذَا حدثَ ذلك. واللام، لام الابتداء "المزحلقة".
(المرجع، بتصرف: المرجع في اللغة العربية، لعلي رضا. دار الفكر).













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2401):

  25471- مَسَاكٌ/ مِسَاكٌ (إِمْسَاكٌ، مَسَاكَةٌ، بُخْلٌ، شُحٌّ): avarice, ladrerie . مَسَّاكٌ (بَخِيلٌ، شَحِيحٌ): avare, ladre . أَبْرَصُ/...