ملاحظات وشواهدُ إضافية تتناول جميع أبحاث
الكتاب.
146-قَالَ تَعَالَى: (وَثَمُودًا فَمَا
أَبْقَى).
قَدْ يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ (ثَمُودًا)
مَفْعُولٌ بِهِ لِأَبْقَى، وليست كذلك لأنّ (مَا) لها حق الصدارة فلا يعمل ما
بعدها فيما قبلها، وإنما هو معطوف على (عَادًا) أو هو بتقدير: وَأَهْلَكَ
ثَمُودًا. وقد يجوز ذلك في الشعر، نحو:
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا.
147-قال المعري: يذيب الرعبُ منه كل غضْبٍ *
فلولا الغمدُ يمسكه لسالا.
يوجب الكثيرون حذف الخبر بعد
"لَوْلَا"، ولهذا لَحَّنَ جماعةٌ المعري في قوله: ولولا الغمد يمسكه، إذ
جعل "يمسكه" خَبَرًا للغمد، والواقع أنه يجوز ذكره إذا اقتضت الضرورة
ذلك، نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا قومُكَ حدِيثُو عهدٍ بالإسلام
لهدمتُ الكعبةَ". فلو حذف الخبر هنا، لاختل المعنى المراد اختلالًا كبيرًا.
148-إذا وَلِيَ "لَوْلَا" مضمر
فحقه أن يكون ضميرَ رفع، نحو: (لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ). وسمع
قليلا: لَوْلَايَ، وَلَوْلَاك، وَلَوْلَاهُ، خِلَافًا للمبرِّدِ. والضمير هنا:
مبتدأ. وقد أنابوا الضمير المجرور عن المرفوع، كما عكسوا، إذ قالوا: مَا أَنَا
كَأَنْت. وَلَا أَنْت كَأَنَا. وقد مر ذكرنا-فيما سلف من البحث-أنّ النيابة إنما
وقعت في الضمائر المنفصلة لشبهها في استقلالها بالأسماء الظاهرة، فإذا عطف على
الضمير اسم ظاهر تعين رفعه، نحو: لولاكَ والأستاذُ لهلكنا.
149-تكون (لَوْلَا) للتحضيض والعرض فتدخل على
المضارع، نحو: (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ..
لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ)، والفرق بينهما أنّ التحضيض
طلب بحث وإزعاج، والعرض طلب بلين وتأدُّب، وليست هنا شرطية، كما تكون أيضًا للتوبيخ
والتنديم، نحو قوله تعالى: (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ).
ونحو قوله تعالى: (فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ
قُرْبَانًا آلِهَةً).
150-قال عبد يغوث: وتضحك مني شيخةٌ عبشميةٌ *
كأنْ لم ترا قبلي أسيرًا يمانيا.
قالوا إنّ أصل "تَرَا": ترأى، حذفت
الألف للجزم فصارت "ترأَ"، ثم أبدلت الهمزة ألفًا فصارت
"ترا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق