في: أسرار العربية.
فِي الإِضْمَارِ (يُنَاسِبُ مَا تَقَدَّمَ
مِنَ الحَذْفِ):
مِنْ سُنَنِ العَرَبِ الإِضْمَارُ، إِيثَارًا
لِلتَّخْفِيفِ، وَثِقَةً بِفَهْمِ المُخَاطَبِ.
مِنْ
ذَلِكَ إِضْمَارُ (أَنْ) وَحَذْفُهَا مِنْ مَكَانِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
(وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا
وَطَمَعًا) 24/ الروم. أَيْ: أَنْ يُرِيَكُمُ البَرْقَ.
وقال طرفة:
أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ
الوَغَى * وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي؟
فَأَضْمَرَ (أَنْ) أَوَّلًا، ثُمَّ
أَظْهَرَهَا ثَانِيًا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ. وَتَقْدِيرُهُ: أَلَا أَيُّهذَا
الزَّاجِرِي أَنْ أَحْضُرَ الوَغَى.
وَمِنْ ذَلِكَ إِضْمَارُ (مَنْ)، كَقَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) 164/ الصافات. أَيْ:
إِلَّا مَنْ لَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِضْمَارُ "مِنْ"،
كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا
لِمِيقَاتِنَا) 155/ الأعراف. أَيْ: مِنْ قَوْمِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِضْمَارُ "إِلَى"،
كَمَا قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: (سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى) 21/ طه. أَيْ:
إِلَى سِيرَتِهَا الأُولَى.
وَمِنْ ذَلِكَ إِضْمَارُ (الفِعْلِ)، كَمَا
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي
اللهُ المَوْتَى) 73/ البقرة. وَتَقْدِيرُهُ: فَضُرِبَ، فَحَيِيَ، كَذَلِكَ
يُحْيِي اللهُ المَوْتَى. وَمِثْلُهُ: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ
فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ
عَيْنًا) 60/ البقرة. وَتَقْدِيرُهُ: فَضَرَبَ، فَانْفَجَرَتْ. وَمِثْلُهُ: (فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ
أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) 196/ البقرة. وَتَقْدِيرُهُ: فَحَلَقَ، فَفِدْيَةٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ إِضْمَارُ
"القَوْلِ"، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ
أَكَفَرْتُمْ) 106/ آل عمران. فِي ضِمْنِهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَكَفَرْتُمْ.
لِأَنَّ "أَمَّا" لَا بُدَّ لَهَا مِنَ الخَبَرِ، مِنْ
"فَاءٍ"، فَلَمَّا أَضْمَرَ القَوْلَ، أَضْمَرَ "الفَاءَ".
وَمِثْلُهُ: (وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ) 103/ الأنبياء.
أَيْ: يَقُولُونَ: هَذَا يَوْمُكُمْ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق