في: أسرار العربية.
فِي جَمْعِ الجَمْعِ:
العَرَبُ تَقُولُ: أَعْرَابٌ وَأَعَارِيبُ،
وَأَعْطِيَةٌ وَأَعْطِيَاتٌ، وَأَسْقِيَةٌ وَأَسْقِيَاتٌ، وَطُرُقٌ وَطُرُقَاتٌ،
وَجِمَالٌ وَجِمَالَاتٌ، وَأَسْوِرَةٌ وَأَسَاوِرُ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّهَا
تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلمُكَذِّبِينَ) 32/ 33/ 34/ المرسلات. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (يُحَلَّوْنَ
فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) 31/ الكهف. وَلَيْسَ كُلُّ جَمْعٍ يُجْمَعُ،
كَمَا لَا يُجْمَعُ كُلُّ مَصْدَرٍ.
فِي الخِطَابِ الشَّامِلِ لِلذُّكْرَانِ
وَالإِنَاثِ وَمَا يَفْرِقُ بَيْنَهُمْ:
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) 102/ آل عمران. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) 76/ الحج. فَعَمَّ بِهَذَا
الخِطَابِ، الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَغَلَّبَ الرِّجَالَ، وَتَغْلِيبُهُمْ مِنْ
سُنَنِ العَرَبِ. وَكَانَ ثَعْلَبُ يَقُولُ: العَرَبُ تَقُولُ: امْرُؤٌ
وَامْرَآنِ، وَقَوْمٌ وَامْرَأَةٌ، وَامْرَأَتَانِ وَنِسْوَةٌ، وَلَا يُقَالُ
لِلنِّسَاءِ: قَوْمٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، قَوْمًا
لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ فِي الأُمُورِ، كَمَا قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: (الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) 34/ النساء. يُقَالُ: قَائِمٌ وَقُوَّمٌ، كَمَا
يُقَالُ: زَائِرٌ وَزُوَّرٌ، وَصَائِمٌ وَصُوَّمٌ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
القَوْمَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا
مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ) 11م
الحُجُرات. وَقَوْلُ زهير:
وَمَا أَدْرِي وَلَسْتُ إِخَالُ أَدْرِي *
أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ.
فِي الإِخْبَارِ عَنِ الجَمَاعَتَيْنِ
بِلَفْظِ الاثْنَيْنِ:
العَرَبُ تَفْعَلُهُ، كَمَا قَالَ الأَسْوَدُ
بن يَعْفُر:
إِنَّ المَنَايَا وَالحُتُوفَ كِلَيْهِمَا *
فِي كُلِّ يَوْمٍ تَرْقُبَانِ سَوَادِي.
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَمْ يُحْزِنْكَ أَنَّ جِبَالَ قَيْسٍ *
وَتَغْلِبَ قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعَا.
وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي القُرْآنِ
الكَرِيمِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) 30/ الأنبياء.
فِي نَفْيِ الشَّيْءِ جُمْلَةً مِنْ أَجْلِ
عَدَمِ كَمَالِ صِفَتِهِ:
العَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ، فِي صِفَةِ أَهْلِ النَّارِ: (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا
يَحْيَا) 13/ الأعلى. فَنَفَى عَنْهُ المَوْتَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْتٍ
صَرِيحٍ، وَنَفَى عَنْهُ الحَيَاةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ وَلَا
نَافِعَةٍ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ. قالَ أَبو النَّجْم (من الرجز):
يَلْقَيْنَ بِالجِنَّاءِ وَالأجَارِعِ *
كُلَّ جَهِيضٍ لَيِّن الأكارِعِ * ليسَ بِمَحْفُوظٍ وَلَا بِضَائِعِ.
يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لِأَنُّهُ
أُلْقِيَ فِي صَحْرَاءَ، وَلَا بِضَائِعٍ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي ذَلِكَ
المَكَانِ.
وَمِنْ ذَلِكَ، قَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ:
(وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) 2/ الحج. أَيْ مَا هُمْ
بِسُكَارَى مِنْ شُرْبٍ، وَلَكِنْ سُكَارَى مِنْ فَزَعٍ وَوَلَهٍ.
يُقَارِبُهُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى نَفْيٍ فِي
ضِمْنِهِ إِثْبَاتٌ:
تَقُولُ العَرَبُ: لَيْسَ بِحُلْوٍ وَلَا
حَامِضٍ. يُرِيدُونَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ ذَا وَذَا. كَمَا قالَ الشاعرُ:
أَبُو فُضَالَةَ لَا رَسْمٌ وَلَا طَلَلٌ *
مِثْلُ النَّعَامَةِ لَا طَيْرٌ وَلَا جَمَلُ.
وقال آخَرُ:
وَأَنْتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوَارِ * فَلَا
أَنْتَ حُلْوٌ وَلَا أَنْتَ مُرُّ.
وفي القرآن الكريم: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا
غَرْبِيَّةٍ) 35/ النور. يَعْنِي أَنَّ الزَّيْتُونَةَ شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ.
وفي
أمثال العامَّةِ: فُلَانٌ كَالخُنْثَى، لَا ذَكَرٌ وَلَا اُنْثَى. أَيْ يَجْمَعُ
صِفَاتِ الذُّكْرَانِ وَالإِنَاثِ مَعًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق