الاثنين، 2 سبتمبر 2019

مقتطفات من كتاب "فقه اللغة" للثعالبي (285):



في: أسرار العربية.

فِي جَمْعِ الجَمْعِ:

العَرَبُ تَقُولُ: أَعْرَابٌ وَأَعَارِيبُ، وَأَعْطِيَةٌ وَأَعْطِيَاتٌ، وَأَسْقِيَةٌ وَأَسْقِيَاتٌ، وَطُرُقٌ وَطُرُقَاتٌ، وَجِمَالٌ وَجِمَالَاتٌ، وَأَسْوِرَةٌ وَأَسَاوِرُ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلمُكَذِّبِينَ) 32/ 33/ 34/ المرسلات. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) 31/ الكهف. وَلَيْسَ كُلُّ جَمْعٍ يُجْمَعُ، كَمَا لَا يُجْمَعُ كُلُّ مَصْدَرٍ.

فِي الخِطَابِ الشَّامِلِ لِلذُّكْرَانِ وَالإِنَاثِ وَمَا يَفْرِقُ بَيْنَهُمْ:

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) 102/ آل عمران. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) 76/ الحج. فَعَمَّ بِهَذَا الخِطَابِ، الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَغَلَّبَ الرِّجَالَ، وَتَغْلِيبُهُمْ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ. وَكَانَ ثَعْلَبُ يَقُولُ: العَرَبُ تَقُولُ: امْرُؤٌ وَامْرَآنِ، وَقَوْمٌ وَامْرَأَةٌ، وَامْرَأَتَانِ وَنِسْوَةٌ، وَلَا يُقَالُ لِلنِّسَاءِ: قَوْمٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، قَوْمًا لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ فِي الأُمُورِ، كَمَا قَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) 34/ النساء. يُقَالُ: قَائِمٌ وَقُوَّمٌ، كَمَا يُقَالُ: زَائِرٌ وَزُوَّرٌ، وَصَائِمٌ وَصُوَّمٌ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ القَوْمَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ) 11م الحُجُرات. وَقَوْلُ زهير:
وَمَا أَدْرِي وَلَسْتُ إِخَالُ أَدْرِي * أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ.

فِي الإِخْبَارِ عَنِ الجَمَاعَتَيْنِ بِلَفْظِ الاثْنَيْنِ:

العَرَبُ تَفْعَلُهُ، كَمَا قَالَ الأَسْوَدُ بن يَعْفُر:
إِنَّ المَنَايَا وَالحُتُوفَ كِلَيْهِمَا * فِي كُلِّ يَوْمٍ تَرْقُبَانِ سَوَادِي.
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَمْ يُحْزِنْكَ أَنَّ جِبَالَ قَيْسٍ * وَتَغْلِبَ قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعَا.
وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) 30/ الأنبياء.

فِي نَفْيِ الشَّيْءِ جُمْلَةً مِنْ أَجْلِ عَدَمِ كَمَالِ صِفَتِهِ:

العَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فِي صِفَةِ أَهْلِ النَّارِ: (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا) 13/ الأعلى. فَنَفَى عَنْهُ المَوْتَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْتٍ صَرِيحٍ، وَنَفَى عَنْهُ الحَيَاةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ وَلَا نَافِعَةٍ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ. قالَ أَبو النَّجْم (من الرجز):
يَلْقَيْنَ بِالجِنَّاءِ وَالأجَارِعِ * كُلَّ جَهِيضٍ لَيِّن الأكارِعِ * ليسَ بِمَحْفُوظٍ وَلَا بِضَائِعِ.
يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لِأَنُّهُ أُلْقِيَ فِي صَحْرَاءَ، وَلَا بِضَائِعٍ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي ذَلِكَ المَكَانِ.
وَمِنْ ذَلِكَ، قَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ: (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) 2/ الحج. أَيْ مَا هُمْ بِسُكَارَى مِنْ شُرْبٍ، وَلَكِنْ سُكَارَى مِنْ فَزَعٍ وَوَلَهٍ.

يُقَارِبُهُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى نَفْيٍ فِي ضِمْنِهِ إِثْبَاتٌ:

تَقُولُ العَرَبُ: لَيْسَ بِحُلْوٍ وَلَا حَامِضٍ. يُرِيدُونَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ ذَا وَذَا. كَمَا قالَ الشاعرُ:
أَبُو فُضَالَةَ لَا رَسْمٌ وَلَا طَلَلٌ * مِثْلُ النَّعَامَةِ لَا طَيْرٌ وَلَا جَمَلُ.
وقال آخَرُ:
وَأَنْتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوَارِ * فَلَا أَنْتَ حُلْوٌ وَلَا أَنْتَ مُرُّ.
وفي القرآن الكريم: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) 35/ النور. يَعْنِي أَنَّ الزَّيْتُونَةَ شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ.
 وفي أمثال العامَّةِ: فُلَانٌ كَالخُنْثَى، لَا ذَكَرٌ وَلَا اُنْثَى. أَيْ يَجْمَعُ صِفَاتِ الذُّكْرَانِ وَالإِنَاثِ مَعًا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2784):

  29291- مُلَازِمٌ/ لَازِمٌ (صِفَةٌ): inhérent . مَسْؤُولِيَّةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِوَظِيفَةٍ: responsabilité inhérente à une fonction . تَلَاز...