الأحد، 8 سبتمبر 2019

مقتطفات من كتاب "فقه اللغة" للثعالبي (286):



في: أسرار العربية.

فِي اللَّازِمِ بِالأَلِفِ يَجِيءُ مِنْ لَفْظِهِ مُتَعَدٍّ بِغَيْرِ أَلِفٍ:

أَلِفُ التَّعْدِيَةِ، رُبَّمَا تَكُونُ لِلشَّيْءِ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ الفَاعِلُ بِهِ ذَلِكَ بِلَا أَلِفٍ، كَقَوْلِهِمْ: أَقْشَعَ الغَيْمُ، وَقَشَعَتْهُ الرِّيحُ. وَأَنْزَفَتِ البِئْرُ: ذَهَبَ مَاؤُهَا. وَنَزَفْنَاهَا نَحْنُ. وَأَنْسَلَ رِيشُ الطَّائِرِ، وَنَسَلْتُهُ أَنَا. وَأَكَبَّ فُلَانٌ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. وفي القرآن الكريم: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى) 22/ الملك. وقالَ عَزَّ اسْمُهُ: (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) 90/ النمل.

فِي الحَذْفِ والاخْتِصَارِ:

مِنْ سُنَنِ العَرَبِ أَنْ تَحْذِفَ الأَلِفَ مِنْ "ما" إِذَا اسْتَفْهَمْتَ بِهَا، فتقول: بِمَ، وَلِمَ، وَمِمَّ، وَعَلَامَ، وَفِيمَ؟
قال تعالى: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) 43/ النازعات. وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ) 1 و2/ النَّبأ. أَيْ: عَنْ ما. فَأَدْغَمَ النُّونَ فِي المِيمِ. وَمِنَ الحَذْفِ لِلِاخْتِصَارِ، قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) 7/ طه. أَيْ: السِّرَّ وَأَخْفَى مِنْهُ، فَحَذَفَ. وَقَوْلُهُ: (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ) 50/ القمر. أَيْ: إِمْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَمِنَ الحَذْفِ، قَوْلُهُمْ: لَمْ أُبَلْ، وَلَمْ أُبَالِ. وَقَوْلُهُمْ: لَمْ أَكُ، وَلَمْ أَكُنْ. وَفِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) 9/ مريم. وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ) 26/ القيامة. وَقَوْله: (حَتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ) 32/ ص. وَقَوْلُهُ: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) 26/ الرحمن. فَحَذَفَ النَّفْسَ، وَالشَّمْسَ، وَالأَرْضَ إِيجَازًا وَاخْتِصَارًا. وَمِنْ ذَلِكَ حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: زَيْدُ تَعَالَ وَعَمْرُو اذْهَبْ: أَيْ يَا زَيْدُ وَيَا عَمْرُو. وفي القرآن الكريم: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) 29/ يوسف. أَيْ: يَا يُوسُفُ. وَمِنْ ذَلِكَ حَذْفُ أَوَاخِرِ الأَسْمَاءِ المُفْرَدَةِ المُعَرَّفَةِ فِي النِّدَاءِ، دُونَ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِمْ: يَا حَارِ، وَيَا مَالِ، وَيَا صَاحِ، أَيْ: يَا حَارِثُ، وَيَا مَالِكُ، وَيَا صَاحِبِي. وَيُقَالُ لِهَذَا الحَذْفِ: التَّرْخِيمُ. وقال امرُؤُ القيس:
أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ * وإنْ كنتِ قد أَزْمَعْتِ صرمي فأجْملي.
وقال عمرو بن العاص:
مُعَاوِيُ لا أُعطيكَ دِيني وَلم أنَلْ * بهِ منكَ دُنْيَا فانظُرَنْ كيفَ تَصْنَعُ.
ومن ذلك قولُهم: بِاللهِ !، أَيْ: أَحْلِفُ بِالله. فَحَذَفُوا (أَحْلِفُ) لِلعِلْمِ بِهِ، وَالاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذِكْرِهِ. وقولهم: بسم الله !، أَيْ: أَبْتَدِئُ بِسْمِ اللهِ. ومن ذلك حذف الألِف منه لكَثرة الاستعمال. ومن ذلك ما تَقَدَّمَ ذِكرُه في حِفْظِ التوازُن، كقوله عَزَّ ذِكْرُهُ: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) 4/ الفجر. و(الكَبِيرُ المُتَعَالِ) 9/ الرعد. و(يَوْمَ التَّلَاقِ) 15/ غافر. ومن ذلك حذف التنوين من قولك: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، وزَيْدُ بنُ عمرو. وحذْف نون التَّثْنية عِندَ النَّفْيِ، كقولِك: لَا غُلَامَيْ لَكَ، ولَا يَدَيْ لِزَيْدٍ، وَقَمِيصٌ لَا كُمَّيْ لَهُ. ومن ذلك حذف "نون" الجمع عند الإضافة، في قولك: هؤُلاءِ سَاكِنُو مَكَّةَ، وَمُسْلِمُو القَوْمِ. ومن الحذف قولُهم: واللهِ أَفْعَلُ ذَلِكَ، يُرِيدُونَ: واللهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ. ومن الحذْف قولُه عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ) 171/ النساء. فَنَصَبَ "خَيْرًا" بِالإضْمَارِ، أَيْ: يَكُنِ الانْتِهَاءُ خَيْرًا لَكُمْ. فَنَصَبَ "خَيْرًا" وَحَذَفَ وَاخْتَصَرَ. ومن الحذف قولُه عَزَّ ذِكْرُهُ: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسَفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) 21/ يوسف. وَتَقْدِيرُهُ: وَلِنُعَلِّمَهُ، فَعَلْنَا ذَلِكَ. وكذلك قوله: (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ) 7م الصافات. أَيْ: وَحِفْظًا، فَعَلْنَا ذَلِكَ. ومن الحذف قولُهم: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، أَيْ: صَلَاة الظهر. وكذلك سائر الصلوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2784):

  29291- مُلَازِمٌ/ لَازِمٌ (صِفَةٌ): inhérent . مَسْؤُولِيَّةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِوَظِيفَةٍ: responsabilité inhérente à une fonction . تَلَاز...