السؤال:
ما قول أهل اللغة
في استخدام "المثابة"، بمعنى "المنزلة"؟
الجواب، والله
أعلم:
1-المَثَابَةُ (أَوِ
المَثَابُ)، مِنْ مَعَانِيهَا:
أ-البَيْتُ أَوِ
المَلْجَأُ (المَوْضِعُ يُرْجَعُ إِلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى). وَفِي
القُرْآنِ الكَرِيمِ: (وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا).
ب-مُجْتَمَعُ
النَّاسِ/ أَوْ مُجْتَمَعُ النَّاسِ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ.
ج-الجَزَاءُ/ أَوِ
المُكَافَأَةُ، وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى المَثُوبَةِ أَوِ الثَّوَابِ. وَفِي
القُرْآنِ الكَرِيمِ: (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ).
وَيَرِدُ فِي
بَعْضِ المَرَاجِعِ (الحديثة بصفة خاصة): "كَانَ لَهُ بِمَثَابَةِ
الأَبِ"، بِمَعْنَى: بِمَنْزِلَةِ الأَبِ.
2-مَثَابَةُ
البِئْرِ (أَوْ مَثَابُهَا):
مَبْلَغُ جُمُومِ
مَائِهَا. وَمَا أَشْرَفَ مِنَ الحِجَارَةِ حَوْلَهَا. وَمَوْضِعُ طَيِّهَا.
وَمِنْ مَعَانِي
"المَنْزِلَةِ": البَيْتُ. وَالمَكَانَةُ. يُقَالُ: فُلَانٌ لَهُ
مَنْزِلَةٌ لَدَى السُّلْطَان: لَهُ مَكَانَةٌ.
فِي ضَوْءِ مَا
تَقَدَّمَ، يَبْدُو لِي أَنَّ الأَفْضَلَ/ الأَجْوَدَ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ:
"كَانَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الأَبِ"، دُونَ تَخْطِئَةِ، مَنْ قَالَ:
"كَانَ لَهُ بِمَثَابَةِ الأَبِ".
يُشَارُ-فِي هَذَا المَجَالِ-إِلَى أَنَّ
اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ عَلَى مُسْتَوًى وَاحِدٍ مِنَ الفَصَاحَةِ/ أَوْ
مِنَ الشُّيُوعِ وَالتَّدَاوُلِ، ففِيهَا الأَفْصَحُ وَالفَصِيحُ والشَّاذُّ
وَالنَّادِرُ وَالمَهْجُورُ وَالمُوَلَّدُ وَالمُحْدَثُ وَالمُعَرَّبُ
وَالدَّخِيلُ...، وَيَنْبَغِي لَنَا، فِي عَهْدِ العَوْلَمَةِ وَسُهُولَةِ التَّوَاصُلِ
وَتَدَفَّقِ المَعْلُومَاتِ، أَنْ نَسْتَفِيدَ-عِنْدَ الاقْتِضَاءِ- مِنْ هَذِهِ
المُسْتَوَيَاتِ المُخْتَلِفَةِ (وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ).
مَعَ مُلَاحَظَةِ
أَنَّنِي كُلَّمَا تَقَدَّمْتُ فِي البَحْثِ اللُّغَوِيِّ، اكْتَشَفْتُ أَنَّ
كَلِمَاتِ اللغَةِ العَرَبِيَّةِ لَامُتَنَاهِيَةٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّسَرُّعُ
فِي الحُكْمِ بِحَقِيقَتِهَا. وَمِنَ الغَرِيبِ أَنَّنِي سَمِعْتُ ذَاتَ مَرَّةٍ
أَحَدَ الأَسَاتِذَةِ المُشْرِفِينَ عَلَى مُسَابَقَةِ "أَمِيرِ الشُّعَرَاءِ"
يَقُولُ: هَذِهِ الكَلِمَةُ لَا وُجُودَ لَهَا فِي اللغَةِ العَرَبِيَّةِ !
مَعَ أَنَّ
لَدَيْنَا قَاعِدَةً فِي المَنْطِقِ، تَقُولُ: "عَدَمُ الإِيجَادِ لَا
يَعْنِي عَدَمَ الوُجُودِ).
مَعَ تَحِيَّاتِي
لِمُحِبِّي لُغَتِنَا العَرَبِيَّةِ الجَمِيلَةِ، وَلِلمُهْتَمِّينَ بِهَا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق