ويكون إضْمارُ "أَنْ" وُجُوبًا:
1-بَعْدَ لَامِ الْجُحُودِ، وهيَ المَسْبُوقَةُ بِ"كَانَ"، وما تَصَرَّف
منها، مسبوقة بنَفْيٍ، كقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ. 33/ الأنفال. وقوله تعالى:
لَمْ يَكُن اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ
يَكُن اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا، إَلَّا طَرِيقَ
جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا). 167-168/ النساء.
في المثال الأول: الله (اسم الجلالة): اسم "كان" مرفوعٌ، واللام:
لامُ الجحود حرف جر، والمصدَر المُنْسَبِكُ من "أَنْ" المُضْمَرةِ والفعل
في محل جر باللام، والجارّ والمَجرُورُ متعلقانِ بالخبر المحذوف، والتقدير: ما كان
اللهُ مُرِيدًا لتعذيبهم.
وفي المثال الثاني: وما كان الله مريدا للغفران لهم.
2-بعد "أَوْ" التي بمعنى "إِلَى" أو
"إِلَّا"، نحو: اجْتَهِدْ أو تنجحَ. والتقدير: اجتهد إلى أَنْ تنجحَ. ونحو:
يُعَاقَبُ المُذْنِبُ أَوْ تَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ. والتقدير: يعاقب المذنبُ إِلَّا
أن تظهرَ براءتُه. وتكون بمعنى "إِلَى"، إذا كان ما قبلها غايةً لِما
بعدها، وبمعنى "إِلَّا" فيما عدا ذلك.
3-بعد "حَتَّى"، وهي الجَارَّة التي بمعنى "إِلَى" أو
لام التعليل، نحو قوله تعالى: قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى
يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُسَى (أي: إِلَى أَنْ يَرْجِعَ). 91/ طه. ونحو: اجْتَهِدْ حَتَّى
تَفُوزَ بِالنجاحِ (أي: اجتهد لِتَفُوزَ بالنَّجاحِ).
وقد تكون بمعنى "إِلَّا"، نحو قول الشاعر:
لَيْسَ العَطاءُ مِن الفضُولِ سَمَاحَةً * حَتَّى تَجُودَ وما لَدَيْكَ
قَلِيل (أي: إِلَّا أَنْ تَجُودَ).
والمصدَر المنسبك من "أَنْ" المضمرة بعد "حَتَّى"
والفعل بعدها، في محل جر بِحَتَّى.
ويشترَط في "حَتَّى" التي ينتصب الفعلُ بعدها أن تدلَّ على
المستقبَلِ بالنسبةِ إلى ما قبلَها. ففي قوله تعالى: "قالوا لن نبرحَ عليه
عاكفين حتى يرجعَ إلينا موسى"، فإنّ رجوعَ موسى عليه السلام مستقبَلٌ بالنسبة
إلى عُكُوفِهِمْ على عِبادةِ العِجْلِ.
فَإِنْ أُرِيدَ بالفِعلِ معنى الحالِ، فلا تُقَدَّر "أَنْ" بل
يُرفَع الفعلُ بعدها قطعًا لِأَنَّها مَوضُوعةٌ للاستقبالِ، نحو: نَامُوا حَتَّى
مَا يَسْتَيْقِظُونَ. ونحو: مَرِضَ فُلَان حَتَّى مَا يَرْجُونَهُ. وتكون
"حتى" حِينَئِذٍ حرف َ ابْتِداءٍ، والفعل بعدها مرفوع للتجرَّدِ من
الناصِبِ والجازِمِ. و"حتى" الابتدائية: حرْف تبدأ به الجُمَلُ، والجملة
بعده مستأنفة لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ.
ويمكن معرفة كون الفعل للحال بصلاحية وضع "الفاء" في موضع
"حتى"، فإذا قلت: ناموا فلا يستيقظون، ومرض فلان فلا يرجونه، صحَّ هذا
القولُ.
يتبع...
(المرجع في اللغة العربية، بتصرف/ لعلي رضا. دار الفكر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق