وهو، ما كان لفظُه زائدًا على أصل المعنى من
غير أن تحملَ الزيادةُ فائدةً.
بعبارة أخرى: كلامٌ زائدٌ لا فائدةَ منه.
جاء في المعجم الوسيط، الصادر عن مجمع اللغة
العربية بالقاهرة:
الحَشْوُ من الكلام: الفَضْلُ الذي لا خَيْرَ
فيه.
يقول/ أبو هلال العسكري إنّ من أضرب الحَشْوِ
المَذموم:
1-أنْ نُدخِلَ في الكلام لفظًا لو سَقَطَ
لكان الكلامُ تامًّا.
2-التعبير عن المعنى بكلام طويل لا فائدة في
طوله، ويمكن أن نعبر بأقصر منه عن المعنى المقصود.
ويقول/ عبد القاهر الجرجاني: ... وأمّا الحَشْوُ
فإنّما كُرِهَ وَذُمَّ وَأُنْكِرَ وَرُدَّ، لأنه خلا من الفائدة.
ويقول/ عارف حجاوي (في "يوتيب"):
إذا كنت تريد أن تكون من الفُصَحَاءِ، لا من
أشباه الفصحاء:
لا تقل، على سبيل المثال: المَبَالِغ المالية
(ففي ذلك حَشْوٌ لا لزومَ له). قل: المَبَالِغ.
لا تقل: القَصِيدَة الشِّعْريّة. قل:
القَصِيدَة.
لا تقل: الأبيات الشعرية. قل: الأبيات (لأنّ
جمع بيت السكن: بيوت).
لا تقل: نَحْنُ نُرِيدُ. قل: نُرِيدُ.
لا تقل: حضرت الدولُ الخمسُ، أمّا بقية
الدولِ الأخرى فغابت. الأخرى هنا: حَشْوٌ. يكفي أن تقول: حضرت الدول الخمس، أمّا
بقية الدول فغابت.
لا تقل: شرِبت الخيول الماء من النهر القريب.
الماء هنا: لا معنى لها. يكفي أن تقول: شربت الخيول من النهر القريب.
لا تقل: النساء الحوامِل. يكفي أن تقول:
الحوامِل (الرجال لا يحملون).
لا تقل: أَسْرَى الحربِ. قل الأسرَى. الحَرْب
هنا فضلة من الفضلات.
لا تقل: تَمَّ أو جَرَى، إلّا إذا كان وراء
استعمالهما منطق معيَّن.
لا تقل: تَمَّ أخذ عيّنات من التربة. قل:
اُخِذَت عيناتٌ. ولكن، قل: تَمَّ تأهيل الموظفين (التعبير هنا صحيح).
لا تقل: جرى إتلاف المواد الفاسدة. قل:
أُتْلِفت الموادُّ الفاسدةُ. ولكن، قل: جرت انتخابات مبكرة (التعبير هنا صحيح).
لا تقل: سَوْفَ لَنْ أَقْبَلَ (وهي ترجمة
حرفية من اللغة الإنجليزية). قل: لَنْ أقبَلَ.
لا تقل: الأَمْرُ الأكثرُ صُعُوبَةً (ترجمة
حرفية أيضًا من الإنجليزية). قل: الأمرُ الأصعبُ.
لا تقل: وَرْشَة العَمَل. قل: وَرْشَة (مع
العلم أنّ الورشة مأخوذة من الإنجليزية).
ملحوظة:
جاء في كتابي "المرشد في تجنب الأخطاء
اللغوية وتصويب الشائع منها" ص. 88-89، ما يأتي:
"
يُلاحَظ، بشكل لاَفِت، كثرة إقحام فِعْلَيْ (تَمَّ وقَامَ) في سياقات لا تتطلب استخدام هذين الفعلين.
وذلك في نحو: تمّ تعيين فلان
سفيرا في البلد الفلانيّ.
نطلب من السلطات ألّا يتم
تسليم هذا الشخص وألّا يتم سجنه.
قام فلان بتسليم الرسالة. قام
الوفد بزيارة المنطقة الفلانية، إلخ.
مع أن هذه الأساليب لا تندرج ضمن الأخطاء الشائعة، فإنني أُفضِّل
الإقلالَ منها، حتى لا يعتقد مُنشِئ الكلام أو مُتَلَقِّيه أن الأفعال التي تأتي
بعد هذين الفعلين لا بد لها من الاستعانة بهما للتعبير عن المعنى المقصود.
يكفي أن نقول، مثلا: عُيِّن فلانٌ سفيرًا. نطلب من السلطات ألّا
تُسلِّم هذا الشخص وألّا تسجنه. زار الوفد المنطقة الفلانية. سلَّم فلان الرسالة
(بدلا من: قام بتسليمها).
كما نقول: سَيُشْرَع في تنفيذ المشروع بتاريخ كذا، بدل: سيتم الشروع
في تنفيذ المشروع بتاريخ كذا.
يبدو- والله أعلم- أن من أسباب اللجوء إلى شيوع تركيب الجمل بهذه
الصِّيَغ، تفادي استعمال الفعل المركَّب للمجهول (الفعل الذي لم يسمّ فاعله)، مثل،
نُفِّذ وسَيُنَفَّذُ، سُلِّم وسَيُسَلَّمُ، شُرِع في، وسَيُشرَع في، عُيِّن
وسَيُعَيَّنُ، إلخ. وكأنّ مُنْشِئَ الكلام، في مثل هذه الحالات، يبحث عن صِيَغ
سهلة ليعْصِم نفسَه من الوقوع في الخطأ، مادام غير متمكن من تصريف الأفعال بكيفية
صحيحة.
مع أنني لا أعترض على اختيار الكاتب أو المتحدث للأسلوب الذي يناسبه،
فإنني أقترح الإقلال من الحَشْوِ الذي لا ُزومَ له؛ فخير الكلام ما قَلَّ ودَلَّ.
علينا كذلك أن نستأنس بالقاعدة الخاصة بعلاقة المعنى بالمبنى، وهي:
إذا زاد المبَـْنىَ زَادَ المـَعْنَى.
في ضوء هذه القاعدة، فإننا لا نلاحظ فرقا بين: عُيّن فلان، وتَمّ
تعيين فلان، مع أن المبنى في الجملة الثانية زاد على المبنى في الجملة الأولى،
والمعنى واحد، لأن استعمال (عُيِّن) في صيغة الماضي يدل على أن التعيين قد حَدَثَ (أي:
تَمَّ).
انظروا معي هذا الأسلوب القرآني الرائع:
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً
حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) 70/ الزمر.
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) 10/ آل عمران.
فلو استعملنا (تَمَّ) في إنشائنا العادي للكلام- قبل الأفعال (سِيق،
فُتِحَت، أُخرِجَت) مشفوعة بالاسم، وقلنا تمت سياقة.. تَمَّ فتح الأبواب.. أُمّة
تَمَّ إخراجُها، إلخ، لَلاَحظنا الفرق الشاسع بين الأسلوبين، ولا وجه للمقارنة طبعًا
بين إنشاء البشر وكلام خالق البشر، وهنا تكمن أهمية الاسترشاد بالأسلوب القرآنيّ
البديع، للرفع من مستوى أساليب البشر القاصرة.
أغتنم هذه المناسبة للتذكير بالعلاقة الوطيدة بين اللغة العربية
والقرآن الكريم، والدين الإسلاميّ الحنيف. فاللغة العربية مُعينة على فهم القرآن
والسنة، ومَن فَهِم القرآن وتدبَّره وفَهِم الأحاديث النبوية الشريفة، دخل في الإسلام من
تلقاء نفسه.
بناء على هذا التصور، فإن نشرَ اللغة العربية يُعَدُّ مدْخَلًا مهمًّا
للدعوة إلى الله.
والله تبارك وتعالى يقول: (وَمَن
يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) 85/ آل عمران.
ثم إن العربية ضرورية لتأدية
الصلاة الواجبة، وما لا يُؤَدَّى الواجب إلا به فهو واجب".
شكرا لك
ردحذف