عطف البيان: هو تابع جامد أشهرُ من متبوعه،
نحو: رَحِمَ اللهُ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ، فعمر عطف بيان على (أبا) حفص وهو أشهر منه
ويزيده بيانًا، إذن فعطف البيان هو إيضاحٌ وبيانٌ لمتبوعه إن كان المتبوع معرفة،
وتخصيصٌ إن كان المتبوع نكرة، نحو: اشْتَرَيْتُ أَثَاثًا سَرِيرًا.
إن كل عطف بيان يصح أن يحل محل المعطوف عليه
ويمكن الاستغناء عنه، وكل ما جاز أن يكون عطف بيان أمكن إعرابه بدلا أيضا.
ففي المثال الأول يجوز أن تعرب (عمر) عطف
بيان أو بدلا، إذ يجوز أن يحل محل المتبوع، فتقول: رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، ويجوز
الاستغناء عنه، فتقول: رَحِمَ اللهُ أَبَا حَفْصٍ.
يفترق عطف البيان عن البدل بأمور، منها:
1-لا يكون عطف البيان مضمرًا ولا تابعًا
لمضمر، ولا فعلًا ولا تابعًا لفعل.
2-يوافق متبوعه تعريفًا وتنكيرًا.
إن أحكام عطف البيان مع متبوعه مثل أحكام
النعت الحقيقي مع متبوعه، فيجب أن يطابق متبوعه في الإعراب وفي الإفراد والتثنية
والجمع والتذكير والتأنيث والتعريف والتنكير. ومن عطف البيان الجمل الواقعة بعد
(أَيْ وأَنْ) التفسيريتين أمّا (أَيْ) فتفسر بها المفردات والجمل وأمّا (أَنْ) فلا
يفسر بها إلّا الجمل المتضمنة معنى القول دون حروفه، كَأَمَرْتُ، وَنَادَيْتُ،
وَأَشَرْتُ، وَكَلَّمْتُ ونَحْوها، وما يشتق منها، نحو: رَأَيْتُ ثَعْلَبًا أَيْ
أَبَا الحَصِينِ، فأبا عطف بيان على (ثعلبا)، وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ أَنِ اذْهَبْ،
فجملة (اذهب) عطف بيان على جملة (أشرت). وكذلك (إذا) التي بمعنى أَيْ التفسيرية،
تقول: شَهِدْتَ الهِلَالَ، إِذَا رَأَيْتَهُ بِعَيْنِكَ، فجملة (رأيته) عطف بيان
على جملة (شهدت).
وحيث يصح أن يحل التابع محل المتبوع ولا تختل
الجملة بشيء لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى، جاز حينئذ إعراب التابع عطفَ بيان
أو بدلًا.
فَوَائِدُ:
1-إذا كان المتبوع مضافا إليه بعد (كِلا
وكِلتا) والتابع اسمين مفردين متعاطفين، نحو: جَاءَ كِلَا الرَّجُلَيْنِ خَالِدٍ
وَسَلِيمِ، وَرَأَيْتُ كِلْتَا المَرْأَتَيْنِ دَعْدٍ وَزَيْنَبَ، فخالد ودعد في
المثالين عطف بيان لأنه لا يمكننا أن نقول: جاء كلا خالد وسليم.
2-إذا كان المتبوع مضافا إليه بعد (أَيُّ)
والتابع مفردين متعاطفين أو مفردات متعاطفة، كقولك: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَكَ
خَالِدٍ أَمْ سَالِمٍ، فخالد هنا عطف بيان إذ لا يجوز أن نقول: أَيُّ خالدٍ أم
سالمٍ عندك.
3-فِي قَوْلِكَ يَا خَالِدُ الحارثُ، الحارث
هنا عطف بيان لأن قواعد النداء لا تجيز أن نقول: يا الحارث.
4-قلنا سابقا إن كل ما جاز أن يكون عطف بيان
جاز أن يعرب بدل كل من كل، إلّا إذا لم يمكن الاستغناء عنه أو عن متبوعه فيجب
حينئذ أن يكون عطف بيان وهذا يتعيّن في حالتين، فَإِذَا قُلْنَا: فاطمة جاءَ حسين
أخوها، فاطمة: مبتدأ، وجملة جاء حسين أخوها: خبر، ولا بد لها من رابط وهو (ها)،
ولذا لا يمكن الاستغناء عن التابع ولا بد من إعرابه عطف بيان لا بدلًا، فأخوها هنا
عطف بيان وذلك لأننا لا يمكن أن نستغني عن هذا اللفظ فنقول: فاطمة جاء حسين، إذ
يصبح تركيبًا فاسدًا. وإذا تعذر الاستغناء عن المتبوع وجب حينئذ إعراب التابع عطف
بيان، كقول الشاعر:
أنا ابن التاركِ البكري بشرٍ * عليه الطيرُ
ترقبه وقوعا.
فبشر عطف بيان على البكري لا بدلا له لأننا
لو حذفنا المتبوع، لأضفنا المعرف بأل إلى المجرد منها وهذا غير جائز إذا لم يكن
مثنى أو مجموعًا.
وفي مثل قولك: يَا صَاحِبَيَّ عَبْدَ اللهِ
وَخَالِدًا، فعبدَ هنا عطف بيان.
5-يجب أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه
وأشهر، وإلّا فهو بدل، مثل: جَاءَ هَذَا الرَّجُلُ، فالرجل بدل من اسم الإشارة
وهذا أرجح من كونه عطف بيان، لأن اسم الإشارة أوضح من المعرف بأل.
6-إن عطف البيان لا يكون بلفظ المتبوع خلافا للبدل
الجائز فيه ذلك.
7-من الفصل بين البدل وعطف البيان أن المقصود
بالحديث في عطف البيان هو الأول، والثاني بيان له كالنعت، أمّا المقصود بالحديث في
البدل فهو الثاني لأن البدل والمبدل منه اسمان بإزاء مسمى مترادفان عليه، والثاني
منهما أشهر عند المخاطب فوقع الاعتماد عليه وصار الأول كالتوطئة لذكر الثاني.
8-قيل: يختص عطف البيان بالعَلم اسمًا أو
لقبًا أو كثنيةً.
9-عطف البيان لا يكون مضمرًا ولا تابعًا
لمضمر.
10-إن عطف البيان لا يخالف متبوعه في تعريفه
وتنكيره كما مر.
11-إنه لا يكون جملة بخلاف البدل فإنه يجوز
فيه ذلك.
12-إنه ليس في قصد إحلاله محل الأول بخلاف
البدل.
وصفوة القول في ذلك كله: كلما صح لك أن تضع
التابع في موضع المتبوع وأمكن الاستغناء عنه، جاز في إعرابه وجهان، أن تجعله بدلا
وأن تجعله عطف بيان، أمّا إن لم يمكن الاستغناء عنه فهو عطف بيان.
13-لقد أقر جمهور النحويين أن كل ما جاز أن
يكون عطف بيان جاز إعرابه بدلا.
ومن المفيد جدا، وقد أصبحت الحاجة ملحة
لتبسيط القواعد، أن يطوى هذا البحث ويسلك في باب البدل. ولا نكون بذلك قد خالفنا
مَن قعَّدوا القواعد.
14-قال المحقق الرضي: أنا إلى الآن لم يظهر
لي فرق جلي بين بدل الكل من الكل، وعطف البيان بل ما أرى عطف البيان إلا البدل
ويؤيد ذلك كلام سيبويه.
(المرجع، بتصرُّف: المرجع في اللغة العربية/
لعلي رضا. دار الفكر).
بل عت
ردحذفجيد ياعم جيد
ردحذفجيد
ردحذف