النَّسَق مصْدر، معناه: الطريقة. ويقال:
نَسَقت الكلامَ عطفت بعضَه على بَعْضٍ.
عَطْفُ النَّسَقِ: هو تابع يتوسط بينه وبين
متبوعه أحد أحرف العطف، مثل: قَدِمَ المُعَلِّمُ وَالطَّالِبُ.
وأحْرُف العطف، هي:
الوَاوُ، الفَاءُ، ثُمَّ، حَتَّى، أَمْ،
أَوْ، لَا، بَلْ، إِمَّا.
فالأحرف الأربعة الأولى تُشرِك المعطوف مع
المعطوف عليه في الحُكْم واللفظ.
ففي المثال السابق، يشترك المعلم والطالب في
القدوم.
والأحرف الباقية، تُشرِك المعطوف مع المعطوف
عليه لفظا فقط.
فتقول: أُرِيدُ خُبْزًا لَا جُبْنًا، فإنّ
الرغبة هنا ثابتة للأول منفية عن الثاني.
يشترط في صحة العطف، أن يصلح المعطوف وما هو
بمعناه لتسلط العامل عليه.
ففي قولنا: قَامَ خَالِدٌ وَأَنْتَ، لا يمكن
أن يتوجه العامل إلى لفظ أَنْتَ، ولكن يمكن أن يتوجه إلى ما بمعناه وهو التاء هنا
مَثَلًا، فتقول: قَامَ خَالِدٌ وَقُمْتَ.
يتبع المعطوفُ المعطوفَ عليه في الإعراب فقط.
ويجوز عطف الظاهر على الظاهر، كما جاء في
الأمثلة التي سبقت.
ويجوز عطف المضمر على المضمر، مثل: نَجَحْتُ
أَنَا وَأَنْتَ. أو المضمر على الظاهر، مثل: سَلِيمٌ وَأَنَا نَجَحْنَا.
والظاهر على المضمر، مثل: مَا جَاءَنِي
إِلَّا أَنْتَ وَخَالِدٌ.
والنكرة على النكرة، مثل: رَأَيْتُ طَالِبًا
وَطَالِبَةً، وبالعكس، مثل: جَاءَ رَجُلٌ وَخَالِدٌ، وَأَقْبَلَ يُوسُفُ
وَبَائِعٌ.
يجوز عطف الفعل على الفعل، إذا كانا متحديْن
في الصيغة النوعية والزمنية، مثل: حَضَرَ وَجَلَسَ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، اعْمَلْ
وَاقْتَصِدْ.
كما يجوز عطف الجملة على الجملة، بشرط
اتفاقهما بالخبرية أو الإنشائية، ويستحسن اتفاقهما في الفعلية والاسمية، نحو:
العَاقِلُ مُحْسِنٌ وَالجَاهِلُ مُسِيءٌ، افْعَلِ الخَيْرَ وَأَرِدْهُ لِلنَّاسِ.
ويجوز اختلافهما، مثل: (يُخَادِعُونَ اللهَ
وَهُوَ خَادِعُهُمْ).
فَوَائِدُ:
1-لا يحسن
العطف على الضمير المرفوع المتصل، بارزًا كان أم مستترًا، إلّا بعد توكيده بالضمير
المرفوع المنفصل، مثل: قُمْتُ أَنَا وَخَالِدٌ، أو بعد أن يفصل بين المعطوف والمعطوف
عليه فاصل أيًّا كان، مثل: سَافَرْتُ البَارِحَةَ وَخَالِدٌ، وَ: (مَا أَشْرَكْنَا
وَلَا آبَاؤُنَا)، أمّا الضمير المتصل المنصوب والضمير المنفصل مطلقا فيعطف عليهما
بدون هذا الشرط، مثل: رَأَيْتُكَ وَخَالِدًا، مَا قَامَ إِلَّا أَنَا وَخَالِدٌ.
2-إذا عطف على الضمير المجرور، وجبت إعادة
العامل سواء أكان حرفا أم اسما ولو فصل بينهما، مثل: هَرَبْتُ مِنْهُ وَمِنْ
لُؤْمِهِ، وكذلك (حتى) إذا عطف بها على مجرور، مثل: أَحْسِنْ عَلَى النَّاسِ
حَتَّى أَعْدَائِكَ.
3-بعض النحويين ومنهم الفارسي لا يعد إِمَّا
في حروف العطف، وقال الجرجاني: عَدُّهَا أي (إِمَّا) في حروف العطف سَهْوٌ
ظَاهِرٌ.
4-زعم الأخفش والكوفيون أن (ثُمَّ) تقع زائدة
فلا تكون عاطفة البتة، وحملوا على ذلك قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِم الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا
أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
لِيَتُوبُوا)، جعلوا تَابَ عَلَيْهِمْ هو الجواب وثُمَّ زائدة.
5-قد تأتي (أَمْ) زائدة، كقول أحد الشعراء:
يَالَيْتَ شِعْرِي وَلَا مُنْجِي مِنَ
الهَرَمِ * أَمْ هَلْ عَلَى العَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ مِنْ نَدَمِ.
6-يجوز حذف الواو والفاء مع معطوفهما، إذا دل
عليهما دليل، كقوله تعالى: (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ)، أي
فضرب فانبجست.
7-يجوز للواو فقط أن تعطف اسما على اسم لا
ينفرد وحده بالعمل، مثل: اخْتَصَمَ خَالِدٌ وَسَالِمٌ، فإن الاختصام لا يقوم إلّا
باثنين أو أكثر ولا يجوز أن يقع سواه في مثل هذا الموقع.
وأمّا قول امرئ القيس:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ
وَمَنْزِلِ * بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ،
فقد أنزلت الفاء منزلة الواو.
(المرجع: المرجع في اللغة العربية/ لعلي رضا.
دار الفكر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق