وتُدعَى أفعالَ المُقارَبة، وليست كلها تدل
على معنى المقاربة، بل هي ثلاثة أنواع من الفعل:
1-أفعال المقاربة، وهي ثلاثة: كَادَ، وَكَرَبَ،
وَأَوْشَكَ، وهي تدل على قرب وقوع الخبر، نحو: أَوْشَكَ الفَحْصُ أَنْ يَقْتَرِبَ.
2-أفعال الرجاء، وهي أيضًا ثلاثة: عَسَى،
حَرَى، اخْلَوْلَقَ، ووضعت للدلالة على رجاء وقوع الخبر، ،نحو: عَسَى اللَّهُ أَنْ
يَأْتِيَ بِالْفَرَجِ.
3-أفعال الشُّرُوع، وهي: شَرَعَ، أَنْشَأَ،
طَفِقَ (بكسر الفاء وفتحها)، أَقْبَلَ، عَلِقَ، أَخَذَ، ابْتَدَأَ، قَامَ،
انْبَرَى، هَلْهَلَ، وهَبَّ، نحو: هَبَّ الطالِبُ يَسْأَلُ. وهي تدل على الشروع في
الخبر. وقد سمي مجموعها، أفعال المقاربة تغليبًا لنوع من أنواعها على غيره لشهرته.
وهي تدخل على المبتدإ/ المبتدأ والخبر فتعمل
عمل كان ، أي أنها ترفع المبتدأ ويسمَّى اسمَها وتنصب الخبر ويسمى خبرَها، نحو:
كَادَ الْخَيْرُ يُقْبِلُ.
يشترط في خبر هذه الأفعال: أن يكون فعلا
مضارعا يضم ضميرا يعود إلى اسمها، مجردًا مِن (أَنْ) وجوبًا في أفعال الشروع،
مقترنًا بها وجوبًا في (حَرَى واخْلَوْلَقَ)، جائز الاقتران في الباقي، ويغلب
اقترانه ب (أَنْ) في (أَوْشَكَ وَعَسَى)، ويغلب تجرده منها في (كَادَ وَكَرَبَ).
وأفعال المقاربة كلها جامدة إلّا (كَادَ
وَأَوْشَكَ) فإنها يصاغ منها ماضٍ ومضارعٌ، نحو قوله تعالى: (يَكَادُ الْبَرْقُ
يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ) 20/ البقرة. وقول الشاعر:
يوشكُ من فرَّ من منيته * في بعض غِرّاته
يوافقها.
وزادوا اسم فاعل من (أَوْشَكَ) عاملا عمله،
كقول الشاعر:
فموشكةٌ أرضُنا أن تعودَ * خلافَ الأنيس وحوشًا
يَبابا.
خلافَ: ظرْف بمعنى: بَعْدَ. وحوشًا: قَفْرًا.
يَبابًا: خاليةً.
(فموشكة) خبر مقدم، و(أرضنا) مبتدأ مؤخر،
والضمير في (موشكة) اسمها، وجملة (أنْ تعودَ) خبرها، و (وحوشًا) خبر (تعود) التي
بمعنى تصير، واسمها ضمير مستتر في (تعودَ)، يبابا صفة لوحوش.
تكون (عسى وأوشك واخلولق) تامّةً متى أسندت
إلى المصدر المسبوك من أَنْ والفعل، نحو: عَسَى أَنْ يَنْجَحَ أَخُوك. فالمصدر
المؤول هنا هو فاعل عَسَى.
فوائد:
1-إذا دل دليل على خبر كاد وأخواتها جاز
حذفه، كقولهم: مَنْ تَأَنَّى أَصَابَ أَوْ كَادَ، ومن عجل أخطأ أو كاد، والتقدير:
كاد أن يُصيبَ، وكاد أنْ يُخطِئَ.
2-إذا اتصل بعسى ضمير نصب ، نحو: عساه وعساك،
بقيت على عملها في رفع الاسم ونصب الخبر، ويكون ضمير النصب نائبًا عن ضمير الرفع،
كما ينوب ضمير الرفع عن ضمير النصب في التوكيد، نحو: رأيتك أنت.
3-يجوز فتح سين عسى وكسرها إذا اتصل بها تاء
الضمير أو نوناه، والفتح أشهر، نحو: عسَيتم، أو عسِيتم.
4-ينبغي أن يكون خبر هذه الأفعال متأخرًا عنها
ويجوز أن يتوسط بينها وبين اسمها، نحو: كادت تهبّ العاصفة. فالعاصفة اسم كادت
وفاعل تهبّ ضمير يعود إلى العاصفة، وجملة تهبّ خبر، أو العاصفة فاعل تهبّ ويكون
اسم كادت ضميرًا يعود إلى العاصفة.
5-إنّ أفعال الشروع تدل على وقوع الخبر في
الحال، وبما أَنَّ (أَنْ الناصبة) للاستقبال لذا لم يجز اقترانها بأفعال الشروع.
6-الفعل المضارع الواقع خبرا لأفعال المقاربة
إذا كان مقترنًا ب (أَنْ) فالخبر هو المصدر المؤول من (أَنْ والفعل) ولكنه لا
يذكر، أولًا: لأنَّ (أنْ) وجدت لتوجيه الذهن قصدًا إلى المستقبَل، ثانيا: لأنّه لا
يجوز أن يكون خبرُها اسمًا، فإذا شئتَ قدّرتَه دون التصريح به، ففي قولك: عسى الفحصُ
أن يقترب، التقدير: عسى الفحصُ (ذَا قرب) دون أن نذكر هذا التأويل.
7-عسى التامّة تعطي معنى قَرُبَ.
8-يقال: طَفِق بالكسر والفتح، وطَبِق بكسر
الباء وهو مهجور.
9-تنفرد عسى وأوشك بخاصيتين، الأولى: إذا
دخلت إحداهما على المضارع المسبوق بأنْ، كقولك: عسى أن يقوم الرجلان، جاز إسناد
المضارع إلى الاسم الظاهر-كما مرَّ-أو إلى ضميره، فتقول أيضًا: عسى أن يقوما
الرجلان، والأول أفضل وأفصح. الثانية: إذا تقدم على عسى اسم ظاهر، جاز فيها
الإضمار وتركه، فتقول: خالد عسى أن يقوم، أو خالد عساه أن يقوم، والرجلان عسى أن
يقوما، والرجلان عسيا أن يقوما. ففي قولك عسى أن يقوما الرجلان: يكون الرجلان
اسمها والمصدر المؤول من أن يقوما في محل نصب خبر.
(المرجع في اللغة العربية، بتصرف/ لعلي رضا.
دار الفكر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق