الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

سؤال وجواب:





سألني أحد القراء الكرام، لِمَ وردت كلمة(ظَلَّام) بصيغة المبالغة  والتي تفيد الكثرة مع النفي في قوله تعالى: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)؟

الجواب، والله أعلم بمراده:

من المعلوم أنّ نفي المبالغة، لا يستلزم عادة نفي الفعل من أصله. فإن قلنا، على سبيل المثال: فلان ليس كَتَّابًا، أو شَرَّابًا، فلا ينفي ذلك أنه  يكتب، أو يشرب. ولو قلتَ: ما صاحبك بضَرَّابٍ، أو بظَلَّام،  فلا ينفي ذلك أنه يضرب، أو يظلم، إلخ. لكن المراد بنفي المبالغة  في هذه الآية، التي وردت في خمس سور من القرآن الكريم، هو نفي الظلم من أصله(قليله وكثيره)، لأن المبالغة جاءت من تكرار الفعل. فالعبيد كثر  وصيغة المبالغة في هذا السياق تناسب كثرة الظلم المنفي. ومن وجه آخر، فقد يكون مسوِّغ الإتيان بصيغة المبالغة أنّها تناسب شدة عذاب الله. وقد يكون المراد: نفي نسبة الظلم إليه، لأنّ: فَعَّال، من صِيَغ المبالغة التي، تغني عن ياء النسب. مثال ذلك،  قول امرئ القيس:

وليس بذي رمح فيطعنني به* وليس بذي سيف وليس بِنَبَّالِ(النّبّال: صانع النِّبَالِ). أي ليس بذي نَبْل(سِهام). ويكون المراد هنا في قوله تعالى: وما ربك بظلام للعبيد: أي وما ربك بذي ظلم. وفي ذلك نفي للظلم عنه سبحانه وتعالى، قليله وكثيره. ويؤكد هذا قوله تعالى(إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة). وقد نفى الله سبحانه وتعالى الظلم عن نفسه في الحديث القدسيّ:(يا عبادي إنّي حرمتُ الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تَظالَموا. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يَلومَنّ إلّا نفسَه). ونجد في الآية(29) من سورة(ق): "ما يبدل القول لديَّ وما أنا بظلام للعبيد"، أي: لست أعذّب أحدا بذنب أحد، بل لا أعذب أحدا إلّا بذنبه، بعد قيام الحُجة عليه. مع العلم أنّ آراء المفسرين واللغويين والنحاة...، لا يمكن أن تدرِك كُنْهَ  مراد الله تبارك وتعالى بكلامه المُنزّل بأسلوب مُعجِز، غاية في الدقة والروعة والكَمال.

ملحوظة: ورد اللفظ في: 182/آل عمران. 51/ الأنفال. 10/ الحج. 46/ فصلت. 29/ ق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2409):

  25551- مُسْتَجْوِبٌ/ سَائِلٌ/ مُسْتَفْهِمٌ/ أَوْ فَاحِصٌ شَفَهِيٌّ (اسْمٌ وَصِفَةٌ): interrogateur . مُسْتَجْوِبٌ (سَائِلٌ، مُسْتَفْهِمٌ، ...