الخميس، 7 مايو 2020

سؤال وجواب:


سألني الأخ العزيز/ محمد سعيد عبد الله، حفِظه الله، عن رأيي في عطف الفتيات على النساء في نص قانوني.
الجواب، والله أعلم:
تمهيد:
 المصطلحات، مفاتيح العلوم (تنسَب المقولة إلى الخوارزمي).
 سنبدأ بمحاولة تحديد معاني ومفاهيم بعض الكلمات المتعلقة بالموضوع.
النِّسَاءُ: جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ.
المَرْءُ/ وَالمُرْءُ/ وَالمِرْءُ: الرَّجُلُ. ج. رِجَالٌ (من غير لفظه). الأُنْثَى: مَرْأَةٌ/ وَمَرَةٌ. ج. نِسَاءٌ، وَنِسْوَةٌ.
الفَتَى: الشاب أول شبابه بين المراهقة والرجولة. وهي: فتاة. ج. فتيات.
المُراهقة: الفترة من بلوغ الحُلُم إلى سِنّ الرُّشْد.
سِنّ الرشد (في القانون): السن التي إذا بلغها المرْءُ استقلَّ بتصرفاته.
في بعض المراجع الفرنسية، نجد أنّ الفتاة: jeune fille: une jeune personne de sexe féminin, dont l’âge indéterminé se situe entre l’enfance et l’adolescence. نلاحظ هنا أن التعريف جعل سن "الفتاة" غير محدَّدة، تقع بين الطفولة: enfance: والمراهقة: adolescence. يشار إلى أنّ: enfance، في اللغة العربية: الطُّفُولَةُ، الصِّغَرُ، الصِّبَا، حَدَاثَةُ السِّنِّ. والطفولة، بصفة عامة: المرحلة من الميلاد إلى البلوغ.
معنى ذلك-والله أعلم-أن سن الفتيات المشار إليهن في القانون، قد تشمل المرحلة من الطفولة إلى المراهقة (أيْ قبل بلوغ سن الرشد التي تسمح لهن بالاستقلال بتصرفاتهن).وربما اشتملت حيثيات النص القانوني على تفاصيل تتعلق بسن الفتاة أو حالتها المدنية أو وضعها الاجتماعي. ولا أستبعد هنا أن يكون النص القانوني المذكور قد تأثر باللغة الفرنسية (ولعله ترجمة لنص محرر باللغة الفرنسية).
من الواضح، على كل حال، أنّ للفتاة سنًّا تميزها عن المرأة-في مفهومها العام- ولهذا أهمية كبيرة في مجال القانون. ولا يعني ذلك إخراج "الفتيات" عن عالم النساء.
بصفة عامة، لا أرى ما يمنع من عطف الفتيات على النساء. والعبرة بالسياق، وبفحوى النص القانوني وما يترتب عليه من أحكام.
ملحوظة للأصدقاء (من غير المتخصصين):
من الواضح أن هذه الصيغة تدخل في مجال "عطف النسَق"، وهو (أيْ عَطْفُ النَّسَقِ): تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف (الواو في حالتنا هذه): "النساء والفتيات". ومثل: قَدِمَ المُعَلِّمُ وَالطَّالِبُ. مع الإشارة إلى أن "الواو"، من حروف العطف التي تُشرِك المعطوف مع المعطوف عليه في الحكم. ففي المثال، قدِم المعلمُ والطالبُ"، يشترك المعلم والطالب في القدوم. وبرجوعنا إلى النص المتعلق بالنساء والفتيات، ربما نجد أن الطرفيْن يشتركان في الحكم، وقد يكون لكل منهما (أي الطرفين) أحكام تخصه. ثُمّ إنّ  "الواو"، لمطلق الجمع دون أن تدل على الترتيب وحسْب، فقد تدل على أن العامل قد وقع أثره على المعطوف والمعطوف عليه في آنٍ واحد أو قد يختلفان في ذلك. فإذا قلت: جَاءَ خَالِد وَسَالِم، فقد يكونان قد أتيا مَعًا أو جاء أحدهما قبل الآخَر، وتدل على عكس الترتيب كقوله تعالى إخبارًا عن منكري البعث: "مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا"، وهي هنا ليست للترتيب إذ إنهم لا يعترفون بالحياة بعد الموت.
يُشترَط في صِحَّة العطف، أنْ يصلح المعطوف وما هو بمعناه لتسلط العامل عليه. ففي قولنا: اشْتَرَيْتُ قَلَمًا وَكِتَابًا، نستطيع أن نقول: وَاشْتَرَيْتُ كِتَابًا.
يتبع المعطوفُ المعطوفَ عليه في الإعراب.
يجوز عطف الظاهر على الظاهر، وقد وردت أمثلة على ذلك.  ويجوز عطف المضمَر على المضمَر، مثل: نَجَحْتُ أَنَا وَأَنْتَ. أو المضمَر على الظاهر، مثل: سَلِيمٌ وَأَنَا نَجَحْنَا. والظاهر على المضمَر، مثل: مَا جَاءَنِي إِلَّا أَنْتَ وَخَالِد. والنَّكِرَة على النكرة، مثل: رَأَيْتُ طَالِبًا وَطَالِبَةً، وبالعَكْس، مثل: جَاءَ رَجُلٌ وَخَالِدٌ، وَأَقْبَلَ يُوسُفُ وَبَائِعٌ.
يجوز عطف الفعل على الفعل، إذا كانا مُتَّحِدَيْنِ في الصيغة النوعية والزمنية، مثل: حَضَرَ وَجَلَسَ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، اعْمَلْ وَاقْتَصِدْ. كما يجوز عطف الجملة على الجملة، بشرط اتفاقهما بالخبرية أو الإنشائية، ويُستحسَن اتفاقهما في الفعلية والاسمية، نحو: العاقل مُحْسِنٌ، والجاهِل مُسِيءٌ، افْعَل الخَيْرَ، وَأرِدْهُ للناس، ويجوز اختلافهما، بل يكون أقوى وأبلغ، مثل: "يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ".
مع تحياتي لمحبّي لغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم، وللمهتمين بها وبسلامة المتداوَل منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2400):

  25461- مُسَاعَفَةٌ (إِسْعَافٌ، مُسَاعَدَةٌ، مَعُونَةٌ، مُعَاوَنَةٌ، عَوْنٌ، عَضَدٌ): un secours, une aide, un appui . المُسَاعَفَةُ الاج...