السبت، 28 يونيو 2014

تنبيه:



حَازَ(obtenir)، أَحْرَزَ، نَالَ، حَصَّلَ، حَصَلَ عَلَى...،فَازَ ب...، ظَفَرَ ب...فالأفعال الأربعة الأولى: تَتَعَدّى بدون حرف الجر، بينما، حَصَلَ: يتعدّى بحرف الجر(على)، وفاز، وظفر: يتعديان بحرف الجر(ب).

حَازَ الشيءَ حِيازة: ضَمَّه وملَكه. يقال: حازَ المالَ وحاز العقارَ.
ويقول/ ابن نباتة السعديّ:
حاز الشجاعةَ والقناعةَ فا ستوَى* في عينه المكروهُ والمحبوبُ.

ونسمع مَن يقول أو يكتب: حازَ فلان على شهادة كذا. ولعلّ الأفصح-دون الحكم بتخطئة تعدية الفعل بحرف الجر"على"-أن نقول: حاز شهادةَ كذا. وحائزٌ شهادةَ كذا، بدلا من: حائز على شهادة كذا، على أساس أنّ اسم الفاعل يعمل عمل فعله(ينصب المفعول). أو نقول: حائز لشهادة كذا(باستعمال لام التقوية). ويقاس على هذا: أكَّدَ الأمرَ، بدلا من: أكَّدَ على الأمرِ. ويمكن أن نقول: أَكَّدَ على فلان الأمرَ. بمعنى أنّ الفعل إذا كان يتعدى بنفسه(دون حرف الجر) فالأفضل عدم تعديته بحرف الجر. ومن ثَمّ، فإنّ استعمال حروف الجر مع الأفعال يجب أن يخضع للاستعمال الوارد في المراجع المختصة(المعجمات بصفة خاصة). مع ملاحظة أنّ معنى الفعل قد يتغير بتغير حرف الجر الذي يليه، نحو: رَغِبَ الشيءَ ورغب فيه: أراده وحَرَص عليه. رغِب عنه: تركه وزهد فيه. رغِب إليه: ابتهل وضرع وطلب. ورغِب إليه في كذا: سأله إياه. إلخ.

الخميس، 26 يونيو 2014

سؤال وجواب:



يسأل أحد الإخوة عن كلمة(مُبَرِّر)، هل هي فصيحة أم لا ؟
الجواب والله أعلم:

بَرَّرَ عَمَلَه: زَكَّاهُ، وذَكَرَ مِن الأسباب مايُبِيحُه(مُحْدَثة). بَرَّرَ أَمْرًا سَوَّغَه. ومنه مقولة: "الْغَايَة تُبَرِّر الوسيلةَ": (la fin justifie les moyens). وأعتقد أنّ اللغة العربية، في عهد العولمة وتفجُّر المعلومات والمصطلحات ينبغي لها-أكثر من أيّ وقت مضى- أن تستفيد من المُحْدَث، وهو: اللفظ الذي استعمله
المُحْدَثون، في العصر الحديث وشاع في لغة الحياة العامّة. ومن المُوَلَّد، وهو: اللفظ الذي استعمله الناس قديما بعد عصر الرواية. ومن المعَرَّب، وهو: اللفظ الأجنبيّ الذي غَيَّرَه العرَب بالنقْص، أو الزيادة، أو القلْب. ومن الدخِيل، وهو: اللفظ الأجنبيّ الذي دخل العربية دون تغيير، كالأكسجين مثلًا. فاللغة العربية تفتح صَدْرَها لكل ذلك. وعلى مُنْشِئِ الكلام(الكاتب) أن يختار الألفاظ التي تناسب المقام(ولكل مقام مقال). بمعنى أنّ حرصنا على سلامة اللغة العربية ونقائها، لا يعني أن نجعلها تنغلق على نفسها. فاللغة التي لا تتطور وتتجدد وتأخذ وتعطي محكوم عليها بالفناء.

الاثنين، 23 يونيو 2014

الأسماء الخمسة:



طلب مني بعض القراء الكرام أن أوضحَ الأحكامَ الخاصةَ بما يُعرَف ب "الأسماء الخمسة".
أقول، وبالله التوفيق: هذه الأسماء هي: أَب، أَخ، حَم، فُو(فَم)، ذُو(بمعنى صاحب). وبعضهم يضيف إليها(الهَن)، وهو: الشيء. وكناية عن الشيء يُسْتَقبَح ذِكرُه. وكِناية عن الرجُلِ. يقال: ياهَنُ أَقْبِلْ(لا يستعمل إلّا في النداء).
تُرْفَعُ هذه الأسماء بالواو وتُنصَب بالألف وتُجَرّ بالياء. ويشترط أن تكون مضافة إلى غير ياء المتكلم. تقول: جاءَ أبُوكَ، ورأيت أبَاكَ، ومررت بأبِيكَ. وكقوله تعالى:(وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ). وقوله تعالى:(إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ). وقوله تعالى: (ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ).
إذا كانت مثناة أُعْرِبَت إعرابَ المثَنَّى، نحو: سَاعِدْ أَخَوَيْكَ. وإذا كانت مجموعةً أعربت إعرابَ الجمْع، نحو: احْتَرِمْ ذَوِيكَ.
إذا صُغِّرَت أُعْرِبَت بالحركات، نحو: جَاءَ أُخَيُّكَ، ورأيت أُخَيَّكَ، ومررت بأُخَيِّكَ.
إذا قُطِعَت عن الإضافة أعربت بالحركات الظاهرة، نحو: خالِدٌ أَبٌ طَيِّبٌ. إنَّ لَهُ أَبًا صَالِحًا.
إذا أضِيفت إلى ياء المتكلّمِ أعربت بحركات مقدَّرةٍ على ما قبل الياء منع من ظهورها الحركة المناسبة لياء المتكلم(أي الكسرة)، نحو: جاءَ أَبِي يسأل عن أَخِي، إلخ.

الأحد، 22 يونيو 2014

سؤال وجواب:



سألني أحد الإخوة عن: لا فض فوك(بالرفع)، هل هذا التعبير صحيح أم أنّ الصواب: لا فض فاك ؟
الجواب، والله أعلم:

فَضَّ اللهُ فاهُ: نَثَرَ أَسْنَانَه. ومن هذا المعنى اقْتُبِسَ الدعاءُ لِمن يُجِيد الكلامَ: لَا فُضَّ فُوكَ: لا نُثِرَتْ أَسْنَانُكَ ولَا فُرِّقَتْ. ويقال، في الدعاءِ للإنسان: لَا يَفْضُضِ اللهُ فَاهُ/ أو: لَا فُضَّ فَاهُ. وفي الدعاء على الشخص، يقال: فَضَّ اللهُ فَاهُ/ أو: فُضَّ فَاهُ. وبناءً على ذلك، يمكن أن تقولَ: لَا فُضَّ فُوكَ/ أو: لَا فَضَّ اللهُ فَاكَ.

سؤال وجواب:



سألني أحد الإخوة عن الفرق بين المسلم والإسلاميّ لغةً ودلالةً وصيغةً.
الجواب، والله أعلم:
-المسْلِم: اسم فاعِل من الفعل: أَسْلَمَ فهو مُسْلِمٌ. وأَسْلَمَ لغةً: أخْلَصَ وانْقَادَ وأَذْعَنَ. واصطلاحًا: دَخَلَ في دين الإسلامِ وانقاد لله ولما جاء من الشرائع.
-الإِسْلامِيُّ، لغةً: المَنْسُوبُ إلى الإسلامِ. والإسلام: مصدر من فعل أَسلمَ(أسلم إسلاما)، وهو:1- الانقياد لله ولما جاء من الشرائع والأحكام. 2-الدِّين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. واصطلاحًا(في الوقت الراهن)، دون الخوض فيما عُرِف قديما بالفِرَق الإسلامية: تيار سياسيّ يرفع شعار المرجعية الإسلامية نِظامًا للحُكْمِ. ويتفرّع هذا التيار إلى حركات سياسية بمسميات متنوعة ومناهج مختلفة للوصول إلى الأهداف المَنشودة.

السبت، 21 يونيو 2014

أمّ المبادَرات:






انتشرت في الآونة الأخيرة "حُمّى" المبادرات السياسية المؤيِّدةِ لأحد المترشحين للانتخابات الرئاسية في موريتانيا. وبمجرد ظهور نتائج هذه الانتخابات-بصرف النظر عن المواقف المؤيدة أوالمقاطِعة لها وعن الفائز فيها- فإنّني أقترح على الفريق الفائز أن يقوم بمبادرة مؤيدة- هذه المرة- لمصالحة وطنية عامة. وأعتقد أنّ المبادرة المقترَحة، إن قُدِّرَ لها أن ترى النورَ، سيكتبها التاريخ بماء الذهب، وستكون أهم بكثيرمن مبادرات داعمة لفريق سياسيّ معيَّنٍ من أجل تقويته على خصومه السياسيين، الأمر الذي من شأنه تأجيج الصراع والتوتُّر وعدم الاستقرار الساسيّ اللازم للانطلاق في عملية البناء التي ننتظرها من الرئيس المنتخب لمأمورية جديدة، لمدة خمس سنوات. وعندما تنطلق هذه المبادرة من الفريق السياسيّ الفائز في الانتخابات الذي هو في مركز قوة، سيكون ذلك مؤشرا إيجابيا لحرصه الشديد على المصلحة العامة للبلد التي يجب علينا جميعًا-موالين ومعارضين وحياديين- أن نجعلها فوق كل اعتبار. ونظرا إلى أنني من الفئة المحايدة، فإنني أدعو السياسيين كافة إلى تقديم التنازلات اللازمة لتهدئة الوضع السياسيّ في هذا الظرف الدقيق الذي يعيشه وطننا العربيّ، بصفة عامة.
إنّ المتتبع لما يجري في الأقطار العربية في الوقت الراهن، يدرك بجلاء أنّ الوضع ليس على ما يرام. صراع محتدِم بين السياسيين، اقتتال دامٍ تغذيه نَزعات من كل نوع وصنف(إيديولوجية، عَقدِية، عِرقية، طائفية...). قلاقل واحتجاجات ومظاهرات ووقفات مطلبية على مدار الساعة... تدهور أمنيّ واقتصاديّ... تفاقم مشكلة البِطالة. تدخل خارجيّ سافِر في الشؤون الداخلية. وممّا زادَ الطين بِلَّةً حِدّة الخطاب لدى السياسيين، ونزعة الإقصاء التي يترتب عليها أنّ الفريق الذي يحكم-بغض النظر عن طريقة وصوله إلى السلطة-يستبد بالحكم ويجعل منافع الدولة وخيراتها حكرا على الموالين له. أعتقد، بكل صِدْقٍ وحِيادٍ وموضوعية، أنّ أيّ نظام يتولى تسيير الشأن العام للدولة يجب أن يمرِّرَ خطابًا واضحا للشعب مُفادُه أنّ المواطنين جميعًا متساوون في الحقوق والواجبات، وأن خيرات البلد ليست حكرا على الحاكم أو مناصريه، وأنّ الدولة دولة مؤسسات، وأنّ الموالين للنظام الحالي لا يتميزون عن الموالين للنظام السابق، وأنّ العقاب الجماعيّ لهؤلاء غير مبرَّرٍ. فالنظام السابق ذهب بخيره وشره وحسابه متروك للتاريخ، أمّا الشعب فلا ذنب له إلّا بقدر ما يحكم به القضاء عليه، بشرط أن يكون هذا القضاء مستقلا وعادلا. وبهذا الخطاب المطمئن، يمكن أن تهدأ النفوسُ وتتقوّى اللُّحمة الوطنية ويشعر جميع المواطنين بنوعٍ من الطُّمَأنينة وراحة البال، لينطلقوا في عملية تضميد الجِراح، وفتح صفحة جديدة قائمة على المصالحة والتسامح ونبذ الفرقة والتشرذم، ونسيان آلام الماضي أو تناسيها على الأقل. ولا شك في أنّ هذه الأوضاع الخطيرة توجد بدرجة حادّة في بعض الأقطار العربية، وبدرجة أقل حِدّةٍ في أقطار أخرى. ومن حسن الحظ أنّ موريتانيا من الفئة الثانية. ومع ذلك، فلا بد من أخذ العبرة والدروس اللازمة لما حدث، وحتى بالنسبة إلى البلدان التي لم تصل بعدُ إلى حافة الخطر(فالعاقل من اتعظ بغيره). ولا أعتقد أنّ سياسة النعامة، المتجسدة في أنها تدفن رأسها في الرمال عند الإحساس بالخطر، صالحة للاقتداء بها في هذا المجال. ولا يفيد كذلك الاعتماد على مقولة: كم من حاجة قضيناها بتركها. ولا فلسفة الاعتماد على أنّ العنصر الزمنيّ كفيل بحل هذا النوع من المشكلات المعقدة. لا بدّ من اليقظة التامة والأخذ بزمام الأمور قبل فوات الأوان. ولعل الحل الوحيد الذي من شأنه أن يجعلنا نمر إلى بر الأمان، يكمن في تقوية جبهاتنا الداخلية، والمحافظة على تماسكنا الاجتماعيّ. وكل ذلك يمر حَتْمًا عن طريق مصالحة عامة. وفي غياب هذا التصور، نترك الأبواب مشرعة للدوران في حلقة مفرغة: يأتي نظام حكم جديد فيبدأ بتصفية حساباته مع النظام السابق ومع مَن كانوا معه، وقد يأتي هذا النظام عن طريق تغيير غير دستوري يتجسد في انقلاب عسكريّ(لا قدّر الله)، أو عن طريق ما هو أخطر وأشنع ، وأعني بذلك التدخل العسكريّ الأجنبيّ. والتجربة التي مر بها العراق وليبيا ما زالت ماثلةً أمامنا، حيث دخلت قوات أجنبية ودمرت البلدين وعادت إلى قواعدها تاركة المواطنين يتصارعون على السلطة ويقتل بعضهم بعضا من أجل الوصول إليها. وأشير هنا إلى أنّ فكرة، أنّ اللعبة الديمقراطية تقتضي وجود فئة سياسية(حزب أو ائتلاف أحزاب)تحكم وفئة تعارض، قد تصلح للبلدان ذات القدم الراسخة في الديمقراطية(الغرب بصفة عامة)، لكنها قد لا تكون صالحة في الوقت الراهن-على الأقل- لتهدئة الوضع الخطير المتفاقم في بعض البلدان العربية، وعلى المسؤولين عن الشأن العربيّ أن يفكروا جيدا في هذا الأمر. ثم إنّ وجود أغلبية مريحة في البرلمان-على سبيل المثال- قد لا يضمن للحكومة أن تنفذ برامجها ومشروعاتها في جو سياسيّ مستقر، خالٍ من الاضطرابات الأمنية والقلاقل الاجتماعية.
ولا يفوتني في الأخير أن أوجه نداء حارًّا، إلى الحاكمين والمحكومين في وطننا الغالي(موريتانيا)، أناشدهم فيه  وألتمس منهم العمل-كل من موقعه- على مصالحة وطنية عامّة وشاملة تحصِّن بلدَنا من الوقوع في الأخطار التي وقع فيها غيرُنا. ولعل العبء الأكبر في هذا المجال يقع على الرئيس المنتخب وعلى فريقه الحكوميّ وأنصاره السياسيين. إنّ مبادرة من هذا النوع وبهذا الحجم، تستحق بجدارة أن يطلق عليها اسم"أمّ المبادرات".

الاثنين، 16 يونيو 2014

المختصَر المفيد لما يريده المواطن من الرئيس الموريتانيّ الجديد:




في الثالث والعشرين من شعبان 1435ه، الموافق للحادي والعشرين من يونيو/حزيران 2014م، ينتخب الشعب الموريتانيّ رئيسا جديدا لمدة خمس سنوات، حسَب مقتضيات الدستور. وقد ارتأيتُ، بهذه المناسبة، أن أشارك الرأيَ العامّ الوطنيَّ في وضع تصور لانتظارات المواطنين من الرئيس الذي سيقع عليه اختيارهم، عن طريق الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية. وذلك بصرف النظر عن الآراء المختلفة، المؤيدة أوالمعارضة، لهذه الانتخابات التي قاطعَها ودعا إلى مقاطعتها جزء مهمّ من الطيْف السياسيّ، وأيّدها ودعا إلى الإقبال عليها جزء مهمّ آخَر. ومع أنّني كنتُ وما زلتُ من الداعين إلى حوار سياسيّ جادّ يفضي إلى اتّفاق على آليات تسمح لجميع السياسيين بالمشاركة في جميع الاستحقاقات الانتخابية، فإنّ الذي يهمني الآن- وقد جاوزنا تلك المرحلة- هو أن نفكرَ مَعًا-كلّ من مَوقعِه-في مرحلة ما بعد الانتخابات. ولِمَن يرغب في الاطلاع على وجهة نظري المتواضعة بخصوص الموقف السليم من المشاركة في الانتخابات- بصفة عامة- أو مقاطعتها، يمكن أن يرجع إلى مقال كتبته بمناسبة الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة، بعنوان: "الانتخابات الموريتانية وسياسة الكرسيّ الفارغ"، ومقال آخر، بعنوان: "الانتخابات وشرعية التوافق".
أرجو، في البداية، أن لا يُنتَظَرَ منّي أن أضعَ أولوياتٍ مرتَّبَة ودقيقة للموضوعات التي سأتطرّق إليها، فذلك ليس في مقدور أيّ فرد مهما كان مطّلعًا على ما يجري في الوطن، بل هو من اختصاص مؤسسات الدولة القادرة على إجراء الدراسات، وتحديد الأولويات، ووضع المشروعات والبرامج، ورسم الخُطط اللازمة للتنفيذ، بناءً على الإمكانات المتاحة. وانطلاقا من هذا التّصوّر، فإننا ننتظر من السلطات الجديدة أن تكرّسَ مفهوم: سيادة القانون واستقلالية القضاء، إقامة دولة المؤسسات، المحافظة على القيم الفاضلة النابعة من ديننا الإسلاميّ الحنيف، ترسيخ الهُوية، تقوية الوحدة الوطنية واللُّحمة الاجتماعية، تكافؤ الفرص أمام المواطنين، المساواة في الحقوق والواجبات، حماية الحريات العامة...مع التركيز على أنّ: (العدل أساس الملك. والدول تقوم على الكفر ولا تقوم على الظلم). عندما يسود القانون وتتحقق العدالة، تتحقق تلقائيا الأمور المشار إلى بعضها، ونجد أنفسنا في مُناخ صالح للانطلاق في عملية البناء. ولا شك في أنّ عملية البناء تواجهها تحديات جَمّة، لا يتسع المقام لاستعراضها. ومع ذلك، فإنّ العمل الجادّ والنية الصادقة كفيلان-بتوفيق من الله- بتذليل كل الصِّعاب. ولعَلّ من الأمور الملحّة التي يجب على السلطات الجديدة أن تهتم بها وتوليها عناية خاصة: استكمال البنى التحتية الضرورية لانطلاق قطار التنمية، إصلاح التعليم الذي هو الركن الركين للتنمية البشرية والعلمية والاقتصادية  والثقافية والاجتماعية...، النهوض بقطاع الصحة الوثيق الصلة بعملية التعليم والتعلم(العقل السليم في الجسم السليم)، مكافحة البطالة بإحداث فرص للتشغيل والإعداد الجيد للعنصر البشري ومُواءمة مُخرَجات التعليم مع متطلبات سوق العمل...
ولعلّي أركّز، في هذه الخواطر، على موضوع قد لا يخطر ببال القارئ الكريم أنه-على أهميته-يستحق أن ينال نصيب الأسد من هذه التصورات. إنه موضوع: النظافة.  يقول أحد المفكرين: تُقاسُ درجة رقي المدن والشعوب بدرجة نظافة المَراحِيض. إنّنا شعب مسلم يحثه دينه الحنيف على النظافة، ومن ثَمّ فإنّ الأماكن التي تساعدنا على نظافة أجسادنا وتصحيح وضوئنا يجب أن تكون متوفرة ونظيفة، ولن يتأتى ذلك إلّا بتوفير الماء العذب الطاهر الطَّهُور. ومن هنا نفهم جيدا أهمية الماء(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)30/ الأنباء. بمعنى أنّ توفير الماء، ووصوله إلى كلّ حَنفية/ صُنْبور، شرط أساسيّ في المحافظة على النظافة. إنّ إحداث أماكن عمومية-على سبيل المثال- في المدن(دورات مياه/ مراحيض) شرط أساسيّ في المحافظة على نظافة هذه المدن. وهنا تطرَح مشكلة غياب شبكة للصرف الصحيّ في العاصمة، والتي هي مرتبطة أيضا بقضية النظافة. ولا ننس كذلك أنّ المحافظة على الصحة مرتبطة بالمحافظة على النظافة، ومن ثَمّ فإن تنظيف المدن وإزالة النُّفايات السامّة والقُمامات المملوءة بالجراثيم وما يتجمع حولها من ذباب وبعوض وحشرات ضارة، شرط أساسيّ للمحافظة على الصحة. وهكذا يرى القارئ الكريم أن القضايا المتعلقة بالنظافة تكاد أن تلامس جميع القضايا الحيوية بالنسبة إلينا جميعا، ولذلك فهي تستحق أن نوليها عناية خاصة. وقد أشرت، في هذا المجال، إلى أهمية الماء، وأريد أن أنبهَ على أنّ الكهرباء أصبحت-بعد الهجرة من الريف إلى المدينة- تنافس الماء في الأهمية، لما يتوقف عليها من حفظ للأطعمة وللمواد-بمختلِف أنواعها- من التلف، وما توفره من تبريد وتسخين، وربط بمجالات حيوية مثل: البث الإذاعي والفضائي والإلكترونيّ، والقائمة طويلة. ثم إنّ الماء والكهرباء، لا ينافسهما من حيث الأهميةُ إلّا الهواء الذي هو-بفضل الله- مَجّانيٌّ، لكن صلته بالنظافة لا تخفى على أحد لكثرة الأمراض والعِلَل والأسقام التي اكتشف العلم أنّ سببها الرئيسَ هو الهواء الملوث. وهنا أيضا نعود إلى موضوع النظافة الذي تكاد جميع القضايا تلف وتدور حوله، لأن النظافة تهم المأكل والمشرب والمسكن والشعائر الدينية والبيئة... كما أن هناك موضوعا يؤرّق جميع المواطنين والزائرين من خارج الوطن، أشرتُ إليه سابقا، ويتجسد في انتشار البَعوض"الناموس" في بلادنا، بصفة عامة، وفي عاصمتنا الفتية، على وجه الخصوص. ومن المعلوم أنّ البيئة المناسبة لتكاثر البعوض هي الأوساخ والمستنقعات. وبالإضافة إلى ما يسببه البعوض من إزعاج ومضايقة، فإنّ ارتباطه بحمى الملاريا الفتاكة المترتبة على لسعاته، يجعل مكافحته والقضاء عليه من أولويات المشروعات والبرامج الوطنية، بل إنّ الأمرَ يتطلب تنسيقا وتعاونا، في هذا المجال، مع الدول في شبه المنطقة ومع المجتمع الدوليّ.
إننا ننتظر من الرئيس الجديد ومن الحكومة ومن جميع المواطنين-كل فيما يخصه-بذل المزيد من الجهود الخاصة بقطاع النظافة في مفهومها الوطنيّ الواسع، وعلى مستوى انواكشوط، بصفة خاصة، حتى تكون لنا عاصمة حديثة يتوفر فيها الحد الأدنى من معايير المدن العصرية، على غرار ما يجري في العالَم المتحضر. إنّ المواطن الموريتانيّ القادم من الخارج-على سبيل المثال- يحلم بأنه عندما تحلق به الطائرة فوق مدينة انواكشوط يرى مدينة جميلة: بأضوائها ومساحاتها الخضر، وشوارعها الواسعة، وبناياتها المتناسقة في ألوانها وأحجامها وتخطيطها العُمرانيّ... وعندما يتجول بالسيارة، يجد: الشوارع المعبدة، والأرصفة النظيفة، والمحلات التجارية المزدهرة، والمكتبات وأكشاك بيع الصحف والمجلات، والملاعب الرياضية، والحدائق والمُتَنَزَّهات، ودُور الفن والثقافة، والمطاعم والمقاهي، ودورات المياه العمومية...وعندما ينزل بالفندق أو بمنزله الخاص، لا تكدِّر صفوَه الروائح الكريهة، ولا الذباب نهارا، ولا البَعوض ليلا... ولا يحتاج عندما يدخل الحمام أن يحمل معه الماء ليتوضأ به لأن الماء لا يصل إلى الحنفية بسبب ضعف ضغط شبكة المياه...فهل ستحقق السلطات الجديدة هذا الحلم البسيط للمواطن الموريتاني المتواضع المسالم ؟
إنّ المواطن الموريتانيّ الصبور القنوع، لا يطلب أكثر من أن يعيش حياة كريمة، تتناسب مع الإمكانات المعتبرة والخيرات التي يتوفر عليها بلده.
أعتقد أنّ السلطات الجديدة لو نجحت في تحديث عاصمة البلاد السياسية-في ضوء الملامح العامة المشار إليها-سيكون ذلك مؤشرا إيجابيا لنجاحها في جميع المجالات. حفظ الله بلادَنا من كل سوء، وأعانَ الحاكمين والمحكومين على القيام بواجبهم. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأربعاء، 11 يونيو 2014

جَمِّلوا مَنشوراتِكم بكتابتها بلغة سليمة(29):




موضوع اليوم: العَلَم.
-النوع الرابع: العلم الجِنسِّيُّ والعَلَم الشَّخْصِيُّ.
العلم الجنسيّ: هو العلم الذي أُطلِق على الجِنسِ أو النَّوْعِ برُمَّته، نحو: أُسَامَة، لكل أَسَدٍ. ثُعَالَة: لكل ثَعْلَبٍ. أبو جُعَادة، وذُؤَالَة: للذئب. أمّ عِرْيَط: للعقرب. أمّ عَامِر: للضّبع. أبو الحَارِث: للأسَد. خاقان: مَلِك الترك. قَيْصَر: مَلِك الرّوم. كِسْرَى: مَلِك الفُرْس. النَّجَاشِيّ: ملك الحَبَشة، إلخ. وقد يكون الاسم الجنسيّ عَلمًا يُطلَق على الأمور المعنوية، كسبحان: عَلَمًا للتنزيه. ويَسَارِ: للميسرة. وبرَّة: للمبرة. أمّا العلم الشخصيّ: فهو ما خُصِّصَ من أول الأمر بفرْد واحدٍ، فلا يشمل غيرَه من أفرادِ جِنسِه، مثل: أحمد، وسعيد. والعلم الجنسيّ كالعلم الشخصيّ تَمَامًا من حيثُ إنهما معرفة يصح الابتداء بهما، وتجيء الحال منهما، ويمنعان من الصرف إذا وجد مع العَلمِيَّة علة أخرى، ولا يسبقهما حرف التعريف ولا يضافان. غير أنهما يختلفان في الوضع، فالعلم الجنسيّ نكرة في المعنى فقط، إذ إنه يدل على الجنس كله وليس على فرد معيَّن، بخلاف ما هو الحال في العلم الشخصيّ. والعلم الجنسيّ غير اسم الجنس، فاسم الجنس نحو: أَسَد، لايختص بواحد دون آخر من أفراد جنسه، فأسد: اسم جنس وليس علما جنسيا كأُسَامَة، لأنّ الأول يعرف بأل والثاني معرفة بنفسه ولا يقبل(أل)، والأول لا يبتدأ به، أمّا الثاني فيبتدأبه، والأول لا تجيء الحال منه بخلاف الثاني، والأول غير ممنوع من الصرف، والثاني يمنع منه، والأول يضاف فتقول: أَسَد الغابة، والثاني لا يضاف، فلا تقول: أسامة الغابة. ومن العلم الجنسيّ: هيَّان بن بيان، للمجهولِ الشخصية والنسب. وأبو المضاء للفرس(أيّ فَرَس). وأبو دَغْفَاء، للأحْمَق(أيّ أحمق).

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

تفصيح العامية(40):




*"انْبُكْرْ التّخْمَامْ"(براء مرققة)/ أو: "التِّخْمِيمَه لَوّْلَه": الْفَطِيرُ/ أول فِكرة تخطر على البالِ(première idée qui vient à l'esprit). يُقال: رَأْيٌ فَطِيرٌ: خَطَرَ بالبالِ وأُبْدِيَ بلا تَثَبُّتٍ. والفَطِيرُ: كُلُّ مَا أُعْجِلَ به قبل نُضجِه. "انْبُكْرْ" أو"امْبُكْرْ": بِكْرٌ. والبِكْر: 1- أول كل شيء.2- أول وَلَدٍ للأبَوَيْنِ(premier-né, aîné). 3- العَذْرَاءُ(la vierge). 4-الرَّجُل لم يتزوج/ عَزَب(célibataire). 5- كُلُّ فَعْلَةٍ لم يتقدَّمها مثلُها. يقال: نَارٌ(feu) بِكْرٌ: لم تقبَس من نارٍ. وطَعْنَة بِكْرٌ: لا مَثيلَ لها. وخَلٌّ(vinaigre) بِكْرٌ: قويّ لم يغلب عليه المَزْجُ(le mélange).
*"مَا تِنْگْبَظْ ؤُطَايْتُه": بَعِيد الغَوْرِ(trés profond). الغَوْرُ"لُطَايَه"، من كل شيء: قَعْرُه(son fond) وعُمْقه(sa profondeur).
*"عَيَّطْ": عَيَّطَ: صَاحَ مَرَّةً(crier). "عَيَّطْ اعْيَاطْ الَخَوْفْ": عَيَّطَ مُنذِرًا بالخطرِ(crier gare). والشخص الذي يُعَيِّط(يستغيث) يُعرف ب"لِمْعَيَّطْ". و"عَيَّطْ امْعَ اثْرْ لِمْسَافِرْ": نادَى المسافرَ مِن خلفِه عند خروجه من المنزل، ويتشاءَم بعض الناس من ذلك. ولهذا، إذا تعرّض شخص لمشكلات عويصة وبكيفية متكررة، يقال: هذا "أَثْرَ مُعَيّطْ امْعَ اثْرُ". "أَثْرُ" الأولى، بمعنى: رُبَّمَا.
*"اتْبَاعِيدْ الصَّرْطَاتْ": تَبَاعُد الوجبات الغِذائية. يُضرَب، في الحسّانيّة، للشخص يجوع ولا يجد ما يأكله في الوقت المناسب. ويُستعمَل-مَجَازًا- للشخص يفطم نفسَه ويعوِّدها على الاستغناء عن أمر/ شيء مُعَيَّنٍ، لمدة طويلة، فيقولون: فلان متعود على "اتْبَاعِيدْ الصَّرْطَاتْ": صَبُورٌ. "الصَّرْطَه": البَلْعَة. و"اصْرَطْ": بَلَعَ(avaler, absorber).
*"فَمْ": ثَمَّ(بفتح الثاء)/ ثَمَّةَ/ هُنالِكَ(là-bas): إشارة للمكان البعيد، نسبيا. و"فَمْ" أيضا، تأتي بمعنى: هُنَاكَ(): إشارة للمكان المتوسط البعد.  و"هَوْنْ": هُنَا(ici): إشارة للمكان القريب.
*"بُرْدِلِّ" (براء مرققة): الأُسْرُوعُ(بضم الهمزة): دُودٌ بِيضٌ حُمْرُ الرُّؤوسِ تُشَبَّه بها أصابِع النّساءِ.ج. أَسَارِيعُ.
*"لَگْصَانِ": الأَقْصَى.ج.أَقَاصٍ. يقال: فلان في "الزِّرّْ لَگْصَانِ"/ أو"الطَّرْفَانِ": في الجانب الأقصَى/ الأَبْعَد. عكس: في "الزِّرّْ الدُّونِ": في الجانب الأَقرب.
*"الْكَبُّوطْ": الكَبُّودُ(la capote): مِعْطَف له قلنسوة تُغَطِّي الرأسَ، يلبسه الجنود والحراس في الشتاءِ. ج.  كبابيدُ(من الدّخِيلِ: اللفظ الأجنبيّ الذي دخل العربية دون تغيير).
*"كَابُوسْ": مُسَدَّسٌ(un pistolet): سلاح ناريّ ذو ساقية يُقذَف به الرصاصُ، والغالب أن يكون فيه ست قذائفَ(من المُحْدَثِ: اللفظ الذي استعمله المُحدَثون في العصر الحديث، وشاع في لغة الحياة العامّة.
*"كَبِينَة": مِرْحَاض/ مُسْتَرَاح/ كَنِيف/ بَيْت خَلَاءٍ(cabinets, latrines, lieux d'aisances). ومن معاني الكَبِينَة: حجرة في السفينة، ينام فيها المسافر، أو على شاطئ البحر يخلع فيها المسْتحِمُّ ثِيابَه أو يلبسها. ج. كَبَائِنُ(من الدخيل: اللفظ الأجنبيّ الذي دخل العربية دون تغيير).
*"كَاتَالُوگْ": فَهْرَس/ قائمة/بَيان/ جدول/ كَتَلُوج(catalogue): فهرس بأسماء مفردات بعض الأنواع، ككتلوج الكتب، وقد يدون مع هذه الأسماء صورها ككتلوج الخياطين والنجارين(والكَتَلُوج، من الدخيل: اللفظ الأجنبيّ الذي دخل اللغة العربية دون تغيير). ولا بأس من استعمال بعض الألفاظ الدخيلة-عند الحاجة-لإثراء اللغة العربية. وذلك في إطار الأخذ والعطاء(التّقارُض اللغويّ).
*"الشَّاكْلَه": الكَشْحُ(le flanc): ما بين الخاصِرَةِ والضُّلُوعِ. ويقال: طَوَى كَشْحَه على أمرٍ(garder une affaire secrète): أَضْمَرَه وسَتَرَه. وطَوَى كَشْحَه عن فلان(rompre ses relations avec qn.): تَرَكَه وأَعْرَضَ عنه. وتُطْلَق "الشَّاكْلَه" كذلك على: الخَاصِرَةِ. والخاصرة، من الإنسان: ما بين رأس الوَرِكِ وأسفل الأضلاع. وللإنسان خَاصِرَتَانِ. ويُطْلق(le flanc)، بالفرنسية، على الاثنيْنِ(الكَشْح والخاصِرة)، ولعلّ بينهما فارِق طَفِيف(une nuance) كما رأينا.
*"الْكَفْتَه": الْكُفْتَةُ(بضم الكاف): طَعَام من لَحْمٍ يُقَطَّع ويُدَقّ ويُضاف إليه البَصَل والتّوابِل(condiments, épices)، ويُعمَل على هيئة أَصَابِعَ أو أقراصٍ ويُشْوَى في السَّفُّودِ(la broche) على النّارِ أو يُقْلَى. ومن الموادّ التي تدخل في تكوين التوابل: البَهار/ الفُلْفُل(le poivre)، المِلْح(le sel)، الثوم/ الفوم(l'ail)، الخَرْدَل(la moutarde)، والمُخَلَّلَات(les conserves végétales au vinaigre).

دليل المترجم (2386):

  25321- مَزَلَّةٌ (خَطَأٌ، غَلْطَةٌ؛ خَطَأٌ كَبِيرٌ): une erreur, une faute, une bévue . 25322- مَزْلَجٌ (زَلَّاجَةٌ؛ مَرْكَبَةُ الجَلِ...