الأحد، 26 يوليو 2015

مقتطفات مختارة من كتاب "فقه اللغة" للثعالبيّ (1):



جاء في بداية مقدمة المؤلف:
"أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ عَلَى آلَائِهِ، والصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، فَإِنَّ مَنْ اَحَبَّ اللَّهَ، أَحَبَّ رَسُولَهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. ومَنْ أَحَبَّ النَّبِيَّ الْعَرَبِيَّ، أَحَبَّ الْعَرَبَ، ومَنْ أَحَبَّ الْعَرَبَ، أَحَبَّ اللُّغَةَ الْعَرِبِيَّةَ الَّتِي بِهَا نَزَلَ أَفْضَلُ الْكُتُبِ، عَلَى أَفْضَلِ الْعَجَمِ والْعَرَبِ. وَمَنْ أَحَبَّ الْعَرَبِيَّةَ عُنِيَ بِهَا وثَابَرَ (وَاظَبَ) عَلَيْهَا، وصَرَفَ هِمَّتَهُ إِلَيْهَا. ومَنْ هَدَاهُ اللَّهُ لِلإسْلَامِ، وشَرَحَ صَدْرَهُ لِلإيمَانِ، وآتَاهُ حُسْنَ سَرِيرَةٍ فِيهِ، اعْتَقَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلَّم خَيْرُ الرُّسُلِ، والإسلامَ خيْرُ الْمِلَلِ، والْعَرَبَ خَيْرُ الْاُمَمِ، والْعَرَبِيَّةَ خَيْرُ اللُّغَاتِ والْأَلْسِنَةِ، والْإِقْبَالَ عَلَى تَفَهُّمِهَا مِنَ الدِّيَانَةِ، إِذْ هِيَ أَدَاةُ الْعِلْمِ، ومِفْتَاحُ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وسَبَبُ إِصْلَاحِ الْمَعَاشِ والْمَعَادِ. ثُمَّ هِيَ لِإِحْرَازِ الْفَضَائِلِ، والاحْتِوَاءِ عَلَى الْمُرُوءَةِ وسَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَنَاقِبِ، كَالْيَنْبُوعِ لِلْمَاءِ، والزَّنْدِ لِلنَّارِ. ولَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِحَاطَةِ بِخَصَائِصِهَا، والْوُقُوفِ عَلَى مَجَارِيهَا ومَصَارِفِهَا، والتَّبَحُّرِ فِي جَلَائِلِهَا ودَقَائِقِهَا، إِلّا قُوَّةُ الْيَقِينِ فِي مَعْرِفَةِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وزِيَادَةُ الْبَصِيرَةِ فِي إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ الَّتِي هِيَ عُمْدَةُ الْإِيمَانِ، لَكَفَى بِهِمَا فَضْلًا يَحْسُنُ أَثَرُهُ، ويَطِيبُ فِي الدَّارَيْنِ ثَمَرُهُ. فَكَيْفَ، وأَيْسَرُ مَا خَصَّهَا اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، مِنْ ضُرُوبِ الْمَمَادِحِ مَا يُكِلُّ (يُضْعِفُ/ يُتْعِبُ) أَقْلَامَ الْكَتَبَةِ، ويُتْعِبُ أَنَامِلَ الْحَسَبَةِ. ولَمَّا شَرَّفَهَا اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ وعَظَّمَهَا، ورَفَعَ خَطَرَهَا وكَرَّمَهَا، وأَوْحَى بِهَا إِلَى خَيْرِ خَلْقِهِ، وجَعَلَهَا لِسَانَ أَمِينِهِ (يقصد: جبريل عليه السلام) عَلَى وَحْيِهِ، وأُسْلُوبَ خُلَفَائِهِ فِي أَرْضِهِ، وأَرَادَ بَقَاءَهَا ودَوَامَهَا حَتَّى تَكُونَ فِي هَذِهِ الْعَاجِلَةِ لِخَيْرِعِبَادِهِ، وفِي تِلْكَ الْآجِلَةِ لِسَاكِنِي دَارِ ثَوَابِهِ، قَيَّضَ لَهَا حَفَظَةً وخَزَنَةً مِنْ خَوَاصِّ النَّاسِ وأَعْيَانِ الْفَضْلِ، وأَنْجُمِ الْاَرْضِ، فَنَسُوا فِي خِدْمَتِهَا الشَّهَوَاتِ، وجَابُوا الْفَلَوَاتِ، ونَادَمُوا لِاقْتِنَائِهَا الدَّفَاتِرَ، وسَامَرُوا الْقَمَاطِرَ والْمَحَابِرَ، وكَدُّوا فِي حَصْرِ لُغَاتِهَا طِبَاعَهُمْ، وأَسْهَرُوا فِي تَقْيِيدِ شَوَارِدِهَا أَجْفَانَهُمْ، وأَجَالُوا فِي نَظْمِ قَلَائِدِهَا أَفْكَارَهُمْ، وأَنْفَقُوا عَلَى تَخْلِيدِ كُتُبِهَا اَعْمَارَهُمْ. فَعَظُمَت الْفَائِدَةُ، وعَمَّت الْمَصْلَحَةُ، وتَوَافَرَت الْعَائِدَةُ (أي ما يعود على المشتغل بها من أجر معنويّ وما ديّ)...".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2409):

  25551- مُسْتَجْوِبٌ/ سَائِلٌ/ مُسْتَفْهِمٌ/ أَوْ فَاحِصٌ شَفَهِيٌّ (اسْمٌ وَصِفَةٌ): interrogateur . مُسْتَجْوِبٌ (سَائِلٌ، مُسْتَفْهِمٌ، ...