مُقتَطَفات مختارة من "أدب الكاتب" لابن قتيبة(2):

الْآلُ وَالسَّرَابُ: لَا يَكَادُ النَّاسُ يَفْرُقُونَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا الْآلُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ الَّذِي يَرْفَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَسُمِّيَ آلًا لِأَنَّ الشَّخْصَ هُوَ الْآلُ فَلَمَّا رَفَعَ الشَّخْصَ قِيلَ: هَذَا آلٌ قَدْ بَدَا وَتَبَيَّنَ. وَأَمَّا السَّرَابُ: فَهُوَ الَّذِي تَرَاهُ نِصْفَ النَّهَارِ كَأَنَّهُ مَاءٌ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً). الدَّلَجُ: يَذْهَبُ النَّاسُ إِلَى أَنَّهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا الدَّلَجُ: سَيْرُ اللَّيْلِ. قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ: " فَبَاتُوا يُدْلِجُونَ وَبَاتَ يَسْرِي* بَصِيرٌ بِالدُّجَى هَادٍ غَمُوسُ"، يَعْنِي الْأَسَدَ. فَإِنْ أَنْتَ خَرَجْتَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقَدْ ادَّلَجْتَ (بتشديد الدال) تَدَّلِجُ ادِّلَاجًا. وَالاسْمُ مِنْهُ: الدُّلْجَةُ(بضم الدال)، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجِيزُ الدَّلْجَةَ (بفتح الدال). كَمَا يُقَالُ: بُرْهَة مِنَ الدَّهْرِ وَبَرْهَة. الْخُلْفُ وَالْكَذِبُ(الْكِذْبُ): لَا يَكَادُ النَّاسُ يَفْرُقُونَ بَيْنَهُمَا. وَالْكَذِبُ فِيمَا مَضَى، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ. وَالْخُلْفُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ: سَأَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا وَلَا تَفْعَلُهُ. الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ: لَا يَكَادُ النَّاسُ يَفْرُقُونَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ فَرَقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ)، وَجَعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ سَهْمًا. الْفَقِيرُ: الَّذِي لَهُ الْبُلْغَةُ مِنَ الْعَيْشِ. وَالْمِسْكِينُ: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ. قَالَ الرَّاعِي: " أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ* وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ". فَجَعَلَ لَهُ حَلُوبَةً وَجَعَلَهَا وَفْقًا لِعِيَالِهِ، أَيْ: قُوتًا لَا فَضْلَ فِيهِ. الْخَائِنُ وَ السَّارِقُ: الْخَائِنُ: الَّذِي اؤْتُمِنَ فَأَخَذَ فَخَانَ. وَالسَّارِقُ: مَنْ سَرَقَ سِرًّا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ. وَيُقَالُ: كُلُّ خَائِنٍ سَارِقٌ، وَلَيْسَ كُلُّ سَارِقٍ خَائِنًا. وَالْغَاصِبُ: الَّذِي جَاهَرَكَ وَلَمْ يَسْتَتِرْ. الْبَخِيلُ وَاللَّئِيمُ: يَذْهَبُ النَّاسُ إِلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا الْبَخِيلُ: الشَّحِيحُ الضَّنِينُ. وَاللَّئِيمُ: الَّذِي جَمَعَ الشُّحَّ وَمَهَانَةَ النَّفْسِ وَدَنَاءَةَ الْآبَاءِ. يُقَالُ: كُلُّ لَئِيمٍ بَخِيلٌ وَلَيْسَ كُلُّ بَخِيلٍ لَئِيمًا.