الجمعة، 10 فبراير 2017

سؤال وجواب:




السؤال:
هل تُوجَد كلمة عربية فُصحَى للتعبير عن ما يُعرَف في "الحَسّانيّة" بِ: "تَادْرَيْصَ" ؟
الجواب، والله أعلم:
قبل محاولة الجواب عن السؤال، أشير إلى أنّ أسماء الأشجار والنباتات غير مُوَحَّدَةٍ على مستوى الأقطار العربية. وفي ظل هذا الواقع فلا مفرَّ من أن يقوم كلُّ قُطْرٍ عربيّ بتفصِيح الكلمات العامّيّة المتداوَلَة بين مواطنيه، بإرجاع الكلمة العاميّة إلى أصلها الفصيح-إنْ وُجِد-ووضع بديل فصيح لها في الألفاظ ذات الأصول غير العربية. وتقوم مجامع اللغة العربية بجهود محمودة في هذا المجال.  وقد قام مَجمَع اللغة العربية بالقاهرة-على سبيل المثال- بتفصيح بعض الألفاظ الواردة في اللهجة المصرية وأدخلها في المعجم الوسيط. وقام مجمع اللغة العربية الأردنيّ بجمع الألفاظ العامة المستعملة في مختلِف المناطق الأردنية، تمهيدا لتفصيحها (جعلها فصيحة). وحَبَّذا لو أنشئ مجمع للغة العربية في موريتانيا، يكون من ضمن مهامه تفصيح الحسّانيّة. ويكون تفصيح العامية-في بعض الأحيان-بإدخال الكلمة العامية غير المشتقة من أصل عربيّ فصيح (الحسانية وسائر العاميات العربية) بلفظها إلى اللغة الفصحى (عن طريق القلب أو النقص أو الزيادة)، وهو ما يُعرَف بالتعريب (إدخال الكلمة الأجنبية بلفظها إلى اللغة العربية بعد صبغها بصبغة عربية).
إنّ "تعريب" العامّيّات العربية، ومنها العامية الموريتانية (الحسانية)، يدخل-من وجهة نظري-في مجال تعريب الكلمات/ المصطلحات الأجنبية. ثم إن  "تعريب"العامية أولى من تعريب الكلمات الأجنبية لأنها تُعَد أحدَ مستويات اللغة الفصيحة، الأمر الذي يقتضي تفصيحها. ويرى بعض الخبراء أنّ المستوى الأول للغة العربية: الفصحى، والمستوى الثاني: لغة الصِّحافة، والمستوى الثالث: العاميات أو اللهجات العربية المحلية.
إنّ هذا الرصيد اللغويّ الحيّ الذي نستخدمه في معاملاتنا اليومية للتعبير عن أغراضنا المختلفة، يجب ان يدخل في المعجم اللغويّ الحديث بعد صقله وتهذيبه وتقريبه من المستوى الفصيح.
وبالعودة إلى السؤال، أقول إنه من غير المستبعَد أن تكون لهذه التسمية المحلية علاقة بالضِّرْسِ، إذْ إنّ لها أسنانًا كأنّها أَضْرَاسٌ، بل إنّ شكلها يكاد يكون شكلَ ضِرْسٍ. وفي منطقتنا (مقطع لحجار)، يُقال: "تَانْدْرَيْصَ"، و"تَادْرَيْصَ" براءٍ مفخَّمة/ مغلَّظة. ولعلَّ الأقرب إلى الفصحى: "تَاضْرَيْسَ"، بالضاد والسين.
الضِّرْسُ ( في الفُصْحَى): السِّنُّ الطّاحِنة (مذكَّر، وقد يُؤنَّث على معنى السِّنِّ). ج. أَضْرَاسٌ، وضُرُوسٌ. والضَّرِيسُ: المَضْرُوسُ، أو المَضْرُوسَة. أَرْضٌ مَضْرُوسَةٌ: فيها حجارة كأنها أضْرَاسٌ. والمُضَرَّسُ من الوَشْيِ: ما كان فيه صُوَر كأنها أضْرَاسٌ. ويُعبَّر عن الضِّرْسِ-في الحسّانيّة- ب: "الدَّرْصْ".
الدَّرْصُ (في اللغة العربية الفصحى): ولد الفأرة واليربوع والقنفذ والهِرَّة والأرنب والكلبة والذئبة. ج. أدْرَاصٌ، ودُرُوصٌ. والدِّرْصُ: الدَّرْصُ. وأُمُّ أَدْرَاصٍ: جُحْر الفأرة واليربوع. والداهية. يقال: وَقَعَ في أمّ أدراصٍ. وجَنِين الأتان. والناقة السريعة. ج. أدْرَاصٌ، ودُرُوصٌ.
إنْ صَحَّ التصوُّرُ القائل بوجود علاقة بين  "تَادْرَيْصَ"/ "تَانْدْرَيْصَ"، أو"تَاضْرَيْسَ"، والضِّرْسِ (في الفصحى)، فإنّ التاء في "تادريص" قد تكون بمعنى: "اُمّ"، أَوْ "ذَات"، أي: أمّ ضُرَيْسٍ/ أو أمّ الضُّرَيْسِ/ أو ذات الضُّرَيْسِ، على أساس أنّ شكلها يشبه شكل الضِّرْسِ الصَّغِيرِ. وقد تكون هذه التاء من أصل بربريٍّ. ولعل الأصدقاء الذين يعرفون بعض اللهجات البربرية يفيدوننا في هذا المجال. وما إذا كانت هذه التاء تفيد معنى "أمّ، أو ذات"، كما توقعنا.
أشير، في الختام، إلى أنّ البحث في هذا المجال يتطلب جولة، بل جولات وصولات في عالَم النباتات والاطلاع على صورها لمعرفة الصورة التي تتطابق مع صورة "تادريص" والبحث عن اسمها العلمي، وعن ما يناظرها في بعض اللغات الأجنبية/ وهل لها وجود في الوطن العربيّ، وبأيّ تسمية يعبَّر عنها في حالة وجودها. وكل ذلك يتطلب وجود هيئة متخصصة لديها عناصر بشرية ووسائل مادية تساعدها على البحث والاستقصاء، وهذا دور المَجمَع اللغويّ.
مع تحياتي للمهتمين بلغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم، لغة العِلم والمعرفة، ولغة المستقبَل، بإذن الله.

هناك تعليق واحد:

دليل المترجم (2789):

  29341- مِلَايَةٌ/ مُلَاءَةٌ (ثَوْبٌ مِنْ قِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ ذُو شِقَّيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ؛ يُعْرَفُ بِالحَايِكِ فِي بَعْضِ البُلْدَانِ الم...