السبت، 2 فبراير 2013

الرَّقِيبُ اللُّغَوِيُّ (4)




تحدثتُ، في الحلقة الأولى من"الرقيب اللغويّ"عن بعض الأخطاء الشائعة، وأشرتُ إلى أهمية احترام بعض القواعد الخاصة بتنوين الاسم المنقوص، وكتابة الهمزة، ونائب الفاعل، والنعت ، والعَدَد، والتعابير الاصطلاحية والسياقية ، إلخ.
كما أشرتُ إلى ما يقع –خَطَأً- من تبادُلٍ بين التاء والثاء، والضاد والظاء، إلخ . وقد خصَّصتُ الحلقة الثانية، لجريدة عربية ، لا أريد ذكرَها  بالاسم ، قام "الرقيب اللغويّ" بجولة في أعداد منها- أُخِذَت بطريقة عشوائية- وأبديتُ ملاحظات على ما نُشِر في هذه الأعداد ، واقترحتُ بدايِلَ لبعض التعابير الواردة فيها، وبعثتُ بها- حَصْرِيًّا- إلى المسؤولين بالجريدة المشار إليها ،  ليستأنِسَ بها المراجِعون اللغويون. كما خصصتُ الحلقة الثالثة لجريدة عربية أخرى ، بالطريقة نفسِها، وللغرض نفسِه.
وفي هذه الحلقة الرابعة، من "الرقيب اللغويّ" ، سأتواصل- في العَلَنِ-مع القارئ الكريم- كما عودتُه في المقالات السابقة- لإشراكه في بعض الجهود  التي أبذلها من أجل المحافظة على سلامة اللغة العربية – لغة القرآن الكريم- من خلال التنبيه على الخطإ واقتراح البديل.
 في البداية ، لابد من التذكير بموافقة القمة العربية ، التي عُقدت بدمشق سنة 2008م ، على "مشروع النهوض باللغة العربية للتوجّه نحو مجتمع المعرفة" . كما أُذكِّر بأنّ الأممَ المتحدة قرّرت الاحتفاء باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام.
كما حَدّدَتْ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فاتح مارس ، من كل سنة ، للاحتفال باللغة العربية . وعلى الرُّغم من هذا الاهتمام المتزايِدِ- على المستوى النظريّ – فإنّ المؤسساتِ العربيةَ ، المعنية بتجسيد هذا الاهتمام على أرض الواقع ، لم تتخذ بعدُ التدابيرَ اللازمة للنهوض باللغة العربية . ثم إنّ اهتمام الكُتّاب والمفكرين العرب بهذه اللغة التي تُعدّ أهمَّ رباط يربط الناطقين بها بعضهم ببعض ، ويُيسّر الاتصال بالمتحدثين بها عبر العالم ، لا يتناسب مع اهتمامهم بالشأن السياسيّ ، على سبيل المثال.
إن النهوض باللغة  العربية يتطلب- من بين أمور أخرى- ضبط ما يُنشَر  من نصوص وتعابيرَ في وسائل الإعلام المختلفة.
إن ظاهرة كثرة الأخطاء اللغوية التي أشرتُ إليها في مقالات  سابقة ، ازدادت بشكل يُنذِر بالخَطر،  مع انتشار الإعلام الإلكترونيّ وتسابُق القائمين عليه من أجل الظفر بما يُطلَق  عليه "السَّبْق الصَّحَفيّ" ، الأمر الذي يقتضي منا جميعا أن نتحمل مسؤولياتِنا في محاربة هذه الظاهرة التي تفاقمت مع ثورة الاتصال وتدفُّق المعلومات . ولعل من  الإجراءات المهمة التي من شأنها المحافظة على سلامة اللغة العربية ، العمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عن مؤتمرات التعريب  ومجامع  اللغة العربية والندوات المتخصصة التي عقدها مكتب تنسيق التعريب  على مدى خمسين سنة . وقد أشرتُ إلى بعض هذه التوصيات في مقالات سابقة . وسأكتفي – في هذا المجال-  بالإشارة إلى توصية ، أرى أنها  في غاية الأهمية.
جاء في البند (12)  من التقرير الختاميّ لندوة "اللغة العربية إلى أين؟" (الرباط 25-27 شعبان 1423هـ/ 1-3 نوفمبر 2002م) التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ، بالتعاون مع البنك الإسلاميّ للتنمية ، تحت شعار : " واقع اللغة العربية وآفاقها" ، ما يأتي :
" ضرورة تعيين مُراجِع ومُدَقّق لُغويّ أو مستشار لُغويّ متخصِّص ، في جميع المَرافِق التي تصدر عنها أدبيات للتداول والنشر ، ومحاولة تعميم ذلك في الإدارات العامة ، ويتأكد ذلك في حالة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها.
والذي جَعَلني أُشدِّد على أهمية هذا الإجراء هو أن السبب الرئيسَ لتفشّي الأخطاء هو تأثُّرُ الناس بما يُنشَرُ من نصوص مملوءة  بالأخطاء، فالقارئ يتأثر – سَلْبًا أو إيجَابًا- بما يقرأ، عن طريق التقليد والمُحاكاة.
إنّني أُوجِّه نداءً ،  من خلال هذه الحلقة من " الرقيب اللغويّ" ، إلى المَعْنيِين والمُهتمِّين بسلامة اللغة العربية ، في العالمَيْن العربيّ والإسلاميّ، بصفة خاصة ، أُناشدهم فيه العملَ على تنفيذ التوصية المشار إليها آنِفًا ، من أجل الرفع من مستوى اللغة العربية ، في إطار النهوض بها للتوجه نحو " مُجْتمَع المَعْرفة" وحتى تحافظ على مكانتها اللائقة بها بين لغات الأمم  المتحضّرة.
لقد أشرتُ آنفا إلى أننا نهتم بالشأن السياسيّ أكثر من اهتمامنا بالشأن الثقافيّ ، ولهذا ، فإننا نتأثر – في  أقوالنا وفي كتاباتنا- بكلام السياسيين أكثر من تأثرنا بما يَصْدُر عن مجامعنا اللغوية ومؤسساتنا المتخصصة وعلمائنا اللغويين ، ومن هذا التأثر، بالسياسيين وغير السياسيين ، ما يأتي:
1-               التَّوَاجُدُ:
يُقالُ إنّ الرئيس المصريّ جمال عبد الناصر – رحمه الله- هو أول من أطلَق عبارة :" التواجد العسكريّ في منطقة الشرق الأوسط" وتناقلَ الإعلامُ المصريّ والعربيّ والدوليّ هذه العبارةَ ، التي انتشرت بسرعة انتشار النار في الهَشِيم ، بسبب قوة الإعلام  المصريّ ، المسموع والمكتوب في ذلك الوقت ، ولعل الجيل الذي عاصر تلك الفترة يتذكر الإعلاميّ المقتدر الأستاذ أحمد سعيد وهو "يصدح" من إذاعة "صوت العرب  من القاهرة"، والأستاذ محمد حسنين هيكل وهو يُتحِفُنا بمقالاته الرائعة التي تُنشَر في جريدة " الأهرام" المصرية ، خاصة مقاله الأسبوعيّ المُعَنْوَن: " بصراحة يكتبها محمد حسنين هيكل" .
ومنذ هذا التاريخ أصبح الناس يُقحِمون " التواجد" في كل صغيرة وكبيرة ، حيث نسمع : فلان " مُتواجِد في مكتبه" ، السِّلَع "المتواجدة في السوق" "تَواجَد الموظفون في أول الوقت ، إلخ . والحقيقة أن هذه المفاهيم ينبغي التعبير عنها ، على التوالي- كالآتي : فلان موجود في مكتبه . السلع الموجودة (أو المتوافِرة) في السوق . حَضَر الموظفون في أول الوقت . ويُستنتَج ممّا سبق ، أنّ المقصودَ هو: الوُجود أو الحُضور. وأقترح على القارئ الكريم أن يبحث في المعاجم عن معنى " التواجد" ، وسيرى أنّ: تَواجَد:  أرى من نفسه الوَجْد، أي: الفرح أو المحبة أو الحزن.
2-               أيها الحُضور الكريم
نلاحظ كثرة استخدام هذه العبارة ، في كلمات الافتتاح التي يلقيها  المتحدثون  (من رؤساء ووزراء وغيرهم)  في اجتماع مُعَيَّن ، وحَرِيّ بهؤلاء أن يكون لكل واحد منهم مُراجِعٌ لغويّ ( أو مُراجِعون) يحرص على سلامة لغة الخِطاب ، خاصة إذا عَلِمْنا أنّ هذا الخطابَ الرسميّ سَتلُوكُه ألسنةُ الإعلاميين ، وسيُكتَب في وسائل إعلام مختلفة ، مما يترتب عليه رُسوخ هذه العبارة لدى السامِع والقارئِ .
إنّ دَوْرَ المدقق اللغويّ هنا يَكمُن- بكل بساطة – في ضبط العلاقة بين الصفة ( الكريم) والموصوف (الحُضور) بحيث نقول : أيها الحضور الكرام ، لأنّ: حُضُور ( جمع اسم الفاعل : حاضِر) أي: المستمعون المشاركون في الاجتماع . وإذا أردنا استخدام (الكريم) ، يمكن أن نقول: أيها الجَمْعُ الكريمُ ، على سبيل المثال ، أو أيّ صيغة أخرى ، نحافظ فيها على سلامة اللغة ، مَعْنًى ومَبْنًى.
3-               مَبْرُوك:
تُستعمَل هذه العبارةُ بكثرة ، على ألسنة الناس وفي كتاباتهم ، للتهنئة ، فيقولون: " مبروك العيد" ، والصواب : عِيدٌ مُبارَكٌ . جاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم ، الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة : بَارَكَ اللهُ الشيْءَ وفِيهِ وعَليْهِ وحَوْلَهُ : جَعَلَ فِيهِ الخيْرَ والنَّمَاءَ. واسم المفعول : مُبارَك "وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ".93/ الأنعام.
4- هَكَذَا قَضِيَّةٌ
أصبحت هذه العبارة تُستخدَم  في بعض وسائل الإعلام، لتحلّ محل : قضية كهذه ، أو: مثل هذه القضية : ولا أدري على أيّ أساس يُبنَى هذا النوعُ من"اللَّعِبِ" باللغة العربية، التي من المفروض أن يَصْدُر التجديدُ فيها عن مجامع اللغة العربية أو المؤسسات المتخصصة الأخرى.
5- فِيمَا
دخلت " فيما" هذه كذلك- من دون استئذان – لتحل محل ( بينما) ، فأصبحنا نسمع :" فلان فَعَلَ كذا وكذا ،  فيما عَلاّن لم يُحرِّكْ ساكنًا.."
وأنا في مثل هذه الحالة ( ولا أقول : في هكذا حالة) ، أقول: فلان فعل كذا...، بينما علاّن، لم يحرك ساكنا). بينما ظرف زمان بمعنى المفاجأة وأصله ( بين) زِيدتْ عليه ( ما) ، ولا أجد مُسَوٍّغًا لتفضيل (فيما) على ( بينما) في مثل هذا السياق. وأقترح – مرة أخرى- على القارئ الكريم أن يقول : في مثل هذا السياق ،  بدلا من: ( في هكذا سياق) .


6-               لا يَخْفَاكُمْ
 الصواب : لا يَخْفَى عليكم . " إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ" .5/ آل عمران .
7-               ينبغي عليك أن تفعل كذا
 الصواب: ينبغي لك... "لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ"40/ يس. "وَ مَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَّتَّخِذَ وَلَدًا" 92/ مريم.
8-               غَلَقَ البابَ
الصواب : أغْلَق البابَ . واسم المفعول: مُغلَق ( لا مَغْلُوق) . جاء في معجم ألفاظ القرآن ، المشار إليه آنفا: غَلقَ الباب: لغة أو لُغَيَّةٌ رَدِيئةٌ في أغْلقَه ، وغَلَّق الباَب- على التكثير، إذا أحْكَمَ إغْلاقَهُ " وَغَلَّقَت الأَبْوَابَ" 23/ يوسف.
9-               تأسّسَت المَدْرَسةُ
الأفضل(ولا أقول الصواب، في مقابل الخطإ): أُسّسَت المدرسةُ، أو: أسّسَ فلان المَدْرسة.َ.. جاء في معجم ألفاظ القرآن : أَسَّسَ بنيانَه أي: أقامَه على أساس وهو قاعدتُه التي يُبنَى عليها ، "أَفَمَنْ أسّسَ بُنْيَانهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أسّسَ بُنْيَانه عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍفَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ" 109/التوبة.( مع ملاحظة القراءتَيْن : ...أَسَّسَ بُنْيَانَهُ...أُسِّسَ بُنْيَانُهُ...) .
" لَمَسْجِدٌ اُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ اَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ" 108 التوبة.
ويُقاس على هذا : عُقِدَ الاجتماعُ ،  بدلا من " انْعَقَد...(دون تخطئة هذه الصِّيَّغ).
الندوة التي عُقِدت بتاريخ كذا ، بدلا من : الندوة التي انْعَقَدت، إلخ.
 وقد يقول قائل، إنّ مِثْلَ هذه الصِّيَّغ يَدخُلُ في باب المُطاوَعَة ، نحو: دَحْرَجْتُه فتدَحْرَجَ ، إلخ . ولكن الفصيح ، هو ما أشرتُ إليه.
ويمكن أن نتصور أن الشخص الذي دحرجناه ، يستطيع أن يتدحرج من تلقاء نفسه ، لكن المدرسة لا يمكن أن تتأسس من تلقاء نفسها.
10-         أكَّدَ على الأمْر أو على الشيْءِ
الأفصح: وَكّدَ (بالواو) الأمرَ أو الشيْءَ . جاء في معجم ألفاظ القرآن: وكّد العَهْدَ ونحوه   توكيدا: أوثقَه وأحْكَمَه "وَلَا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا" 91/ النحل.
وسواء استخدمنا (أكّدَ) أو (وكّد) ، ينبغي ملاحظة أنها تتعدى من دون حرف الجر(على) ، ويمكن الإتيان بحرف الجر في مثل : أكّدتُ على فلان الأمرَ.
11-         تَصَنَّتَ
الصواب : تَنَصَّتَ(أي تَسَمَّعَ ) ويُقال : اسْتَرَقَ السَّمْعَ.
12-         البِتْرُول:
الأفضل: النٍّفْط ( بكسرالنون )، لتفضيل الكلمة العربية الفصيحة على الكلمة المُعرَّبَة (التعريب: نقل الكلمة الأجنبية بلفظها إلى اللغة العربية ، مع صبغها بصبغة عربية، نحو: تلفزة وتِلفاز، من (تليفزيون).
ويُقاسُ على (البترول): الحَاسُوب( الكومبيوتر)، الإذاعة أو المِذْياع(الراديو)، الهاتف (التليفون)، سيارة الأُجْرَة (التاكسي)، الْآلِيَّات(الميكانزمات)، الأعراق أو الأصول(الأثنيات-ethnic)، الشابِكَة (لإنترنت)، المِفْرَاس(السكانير)، الناسُوخ(الفاكس)، التقانة(التكنولوجيا)، إلخ.  ولَعَلَّ التعريفَ بهذه المصطلحات والألفاظ العربية يَقَعُ على عاتِق الإعلام العربيّ المُلتزِم بقضايا الأُمَّة، لأنّ هذه الألفاظَ ، التي أَجَازَتْهَا مجامعُ اللغة العربية ومؤتمرات التعريب، يجب أن يتعَرَّفَ الناسُ عليها، ولن يتأتَّى ذلك إلا عن طريق وسائل الإعلام المُخْتلِفة .


13-         العُضْوُ الرئيسِيُّ :
الصواب : العُضْوُ الرَّئيسُ ، والقضية الرَّئيسَةُ ( وليس الرئيسية) .
جاء في المعجم الوسيط ، الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة :  الأعضاء الرئيسة : هي التي لا يعيش الإنسان بفقد واحد منها : ويقال : مسألة رئيسة.
14-         5 بالمائة
 الأفضل: 5 في المائة ،  أي استعمال حرف الجرّ (في)  بدلا من (الباء) . ويدخل هذا في مجال استعمال حروف الجر الذي أشرتُ إليه  في مقالات سابقة ، والذي ينبغي أن يُرجَعَ فيه إلى المُعجَمات/ المَعاجم، والمراجع المتخصصة ، وذلك مراعاةً للدّقة.
وفي هذا المجال ، يُفضَّل : أثّرَ في الشخْص أو في الشيْء ، بدلا من: أثّر على ... ، وفكّر في الأمر، بدلا من: فكّر بِهِ . وشكّ في الأمر ( أي ارتاب)،  بدلا من:  شك به . وتَرَتَّبَ على الأمْر، بدلا من: ترتّب عَنْهُ ، وأجَابَ عن السؤال (أو أجابَ السُّؤالَ) بدلا من: أجاب عليه ، إلخ.
15-         يَا أبَتِي
 الصوابُ في النداء للأب ، أن يُقالَ: يا أبِي ويا أبَتِ ( من دون ياء)
" إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا" 4/ يوسف.
16 – موريطانيا وسوريا
الصواب : موريتانيا وسورية.
أتيتُ بهذين المثالين لتنبيه وسائل الإعلام على أهمية مراعاة الدقة في التعامل مع الألفاظ ، فما دام الموريتانيون يكتبون اسم بلدهم على هذه الصيغة ، والسوريون يكتبون اسم بلدهم على الصيغة التي وقَعَ عليها اختيارُهم، فلا يَجُوز التصرّفُ في اختيارات البلدين (أهل مكة أدرى بشعابها)، وتقتضي الدقة أن تُسَمَّى الأشياءُ بمسمياتها . إنّ اسم موريتانيا – على سبيل المثال- هو: الجُمهورية الإسلامية الموريتانية ، ومع ذلك فإننا نسمع ونقرأ ، في بعض الأحيان : ( جُمهورية موريتانيا الإسلامية) . وهذا لا يجوز. وسأعطي مثالا آخر على عدم مراعاة الدقة في التعامل مع الأسماء ، لنرى ما يحدث من تحريف في هذا المجال . عندما نقرأ اسم: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، نلاحظ أن (الثقافة) يأتي ترتيبُها قبل ( العلوم) ، بينما: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة اختارت أن يأتي ترتيب (العلوم) قبل الثقافة . ومع ذلك، فإننا نقرأ ونسمع، من آن لآخَر، تقديما أو تأخيرا لبعض الكلمات الواردة في اسْمَيْ المنظمتين ، لدرجة أنّ ذلك يحدث في بعض المَحاضِر والوثائق الرسمية!
 17- يوليو- يوليوز- جويليه - تَمّوز
 نلاحظ ، في عالمنا العربيّ ، نوعا من التمسك بالخصوصية القُطرية الضيقة، في الوقت الذي يجب فيه أن نبحث عن الجوانب التي تساعدنا على المزيد من التفاهم والتقارب والاندماج . وفي هذا المجال ، لابد من التذكير بأهمية توحيد المصطلحات والمعايير والمناهج ، إلخ.
عندما نلقي نظرة على الاسم الذي نستعمله للتعبير عن الشهر السابع من السنة الشمسية ( الميلادية) ، نلاحظ أننا نعبر عنه بأربعة أسماء- حسَب بعض المناطق العربية. وإذا أضفنا الاسم الذي يناظره في السنة القَمَرِيَّة (الهجرية)، ستصبح لدينا خمسة أسماء!
كما نجد : مايو/ ماي ، أغسطس / أغشت ،  نوفمبر / نونبر، إلخ.
ومادام الواقع الراهن لا يساعدنا على اعتماد صيغة واحدة للتعبير عن شُهُور السنة ، فإنّ بوسعنا- وذلك أضعف الإيمان- أن نعتمد التصنيفاتِ الثلاثةَ الشائعةَ ، من دون أن نكتب اسم شهر واحد- داخل منظومته-  بصيغ مختلفة ، كما هو وارد في العنوان، وذلك على النحو الآتي :
(مُحَرَّم – صَفَر- رَبِيع الأوَّل- ربيع الآخِر- جُمادَى الأولَى- جُمادَى الآخِرة-
رَجَب – شَعْبَان- رَمَضَان- شَوَّال- ذُو القِعْدَة-  ذُو الحِجَّة ).
كَانُون الثاني- شُبَاط- آذار- نَيْسَان-أيَّار- حَزِيرَان-
تَمُّوز- آب- أيْلُول- تَشْرِين الأوَّل- تشرين الثاني- كانون الأول).
(يناير – فبراير– مارس- أبريل- مايو- يونيو-
يوليو – أغُسْطُس- سبتمبر- أكتوبر- نوفمبر – ديسمبر).
18- الأرقام العربية(1-2-3-4-5 إلخ)
أجازت مؤتمرات التعريب ، التي تُعقَد، على مستوى وزراء التربية في الوطن العربيّ ، أو من يمثلونهم ، اعتمادَ الأرقام العربية (chiffres arabes )  المستخدمة في معظم دول المغرب العربيّ ، بصفة خاصة ، بدلا من الأرقام المستعملة في بعض دول المشرق العربيّ، وقد اتُّفِقَ على تنفيذ هذا القرار بكيفية تدريجية. ونلاحظ أن هذا التدرّج جعل من القرار"حِبْرًا على وَرَقٍ". وهذا ما حدث أيضا، بخصوص قرار التدرّج في تعريب التعليم والإدارة. وعلى الرُّغم من أن التدرّج، في مثل هذه الأمور مسألة منطقية، فإنه من الضروريّ أن يتم التخطيط ثم التنفيذ، وهذا ما لم يحدث. وللعلم، فإن كلمة (chiffre) أصلها عربيّ من لفظة صِفْر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2401):

  25471- مَسَاكٌ/ مِسَاكٌ (إِمْسَاكٌ، مَسَاكَةٌ، بُخْلٌ، شُحٌّ): avarice, ladrerie . مَسَّاكٌ (بَخِيلٌ، شَحِيحٌ): avare, ladre . أَبْرَصُ/...