السبت، 18 يناير 2025

 "المعاصرة التِّقانية، وهي حضارة العصر، تستدعي تملُّك المعرفة تملُّكًا ذاتيا عن طريق اللغة. والعلوم الطبيعية والحيوية والهندسية والرياضية هي قوام ذلك كله، وهذه العلوم التطبيقية التي ترود الطبيعة وتكتشف نواميسها وتلتمس قوانينها والتي تنمو بالبحث في المخابر والمعامل والتي تتسع كل يوم، تتخذ أوطانها في اللغات العالمية الحية، لغات الشعوب المتقدمة. ومن هنا قامت الحاجة الحاكمة إلى ترجمة هذه العلوم وتوطينها في لغتنا، مَعْرِفَةً وتطبيقا، نظرياتٍ وتِقانةً، لأن هذه أمور لا يمكن استيرادها؛ فهي ليست سِلَعًا، ولكنها مقومات التقدّم. وترجمة العلوم تحتاج إلى شروط ليس أقلها الإحاطة بمقوّماتها والتمكن من اللغتين المترجم منها والمترجم إليها. وبالنسبة إلى اللغة العربية، تقوم هناك عقبة خاصة، هي أن المجال الواسع لانتشار اللغة العربية وقيام الحكومات القُطرية، وعدم مركزية المؤسسات الثقافية والعلمية، كل ذلك أعطى للترجمة حرية في اختيار الكلمات، وبخاصة مع اتِّساع قدرات اللغة العربية التعبيرية وكثرة المترادفات فيها، مما استدعى التنسيق في الترجمة، باختيار مصطلح واحد ، في مجال العلوم، للمفهوم الواحد، وذلك لخلق لغة علمية عربية واحدة، ينمو فيها التطور العلميّ والثقافيّ ويستجيب لحاجات التعليم في كل مراحل التعليم العام والجامعيّ، ولحاجات الإنتاج في مراكز البحوث العلمية...".

أ. د. محيي الدين صابر-رحمه الله- المدير العام الأسبق للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. انظر تقديم الطبعة الأولى من المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات الصادر عن مكتب تنسيق التعريب بالرباط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلومات عامة عن مؤلفاتي:

    1-كتاب: المرشد في تجنُّب الأخطاء اللغوية وتصويب الشائع منها (صدر سنة 2015م). 2-كتاب: تفصِيح العامية-الحسّانيّة نَمُوذجًا (صدر سنة ...