بعث إلي أحد القراء الكرام بما يأتي:
إنني أجد صعوبة في التفريق بين كتابة
"على"، و "علي"، فهل توجد طريقة للتمييز بينهما؟
الجواب، والله أعلم:
أولا-عَلَى: حرف جر. والحَرْف: لفظ لا يظهر
معناه إلّا إذا اقترن بغيره، مثل: على، في، هل، لم، إلخ. ولا يحتاج الحرف إلى
علامة تميزه عن غيره (أي: تميزه عن الاسم والفعل).
يقول الناظم: الحَرْف ما ليست له علامةْ *
ترْك العلامة له علامةْ.
والحروف
ثلاثة أقسام:
1-حروف مختصة بالأفعال، كحروف الشرط، والحروف التي تنصب الفعل
المضارع، والحروف التي تجزمه.
2-حروف مختصة بالاسم، كحروف الجر (ومنها "عَلَى"،
محل السؤال)، والحروف المشبهة بالفعل (وهي ستة: إنَّ، وأَنَّ، وكأنَّ، ولكنَّ،
وليْتَ، ولَعَلَّ، وهي تدخل على المبتدإ والخبر فتنصب الأولَ ويُسَمّى اسمَها
وترفع الثاني ويُسَمّى خبرَها. وهي: عكس "كان وأخواتها" التي هي أفعال
تدخل على المبتدإ والخبر فترفع الأول ويسمّى اسمَها وتنصب الثاني ويسمّى خبرَها).
3-حروف مشتركة بين الأسماء والأفعال، كحروف
العطف، وكحرفي الاستفهام: هل، والهمزة. مع ملاحظة أنّ من علامات الاسم: (الجَر/ الخفض، النداء،
"أل" التعريف، التنوين، الإسناد إليه). ومن علامات الفِعْل: (قد، السين،
سَوْف، تاء التأنيث الساكنة).
وتقسَّم
الحروف إلى ثلاثة أنواع:
أ-نوع عامِل، مثل: حروف الجر والنصب والجزم...
ب-نوع ناسِخ، مثل "ما" الحِجازية،
و "لا" النافية للجنس...
ج-نوع مُهْمَل، كبعض أدوات الاستفهام
والجواب، مثل: هل، لا، نَعَمْ، بَلَى، أَجَلّ...
وينبغي للمهتم أن يدرس أقسام الحروف وأنواعها، وعلاقتها بالأسماء والأفعال.
وبالرجوع إلى الموضوع، ينبغي للدارس أن يعود إلى
المراجع المتخصصة (ومنها المعاجم)، لمعرفة بعض معاني "عَلَى"، فمعرفة
المعنى معينة على الكتابة بطريقة صحيحة.
وبصفة عامة، فإنّ حرف الجر (عَلَى)، يأتي- على
سبيل المثال- بمعنى: فوق الشيء (الاستعلاء)، كما في قوله تعالى: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ
تُحْمَلُونَ). ونحو: حُمِلَ عَلَى الأكتاف. ونحو: حَطَّ الطائرُ على غصن الشجرة.
أو فوق ما يقرب من الشيء، كما في قوله تعالى: (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى).
أي: على كل مكان يقرب من النار.
وبمعنى: مَعَ، كما في قوله تعالى: (وَآتَى
الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ).
وبمعنى: لام التعليل، كما في قوله تعالى:
(وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ). أي: لهدايته إياكم. وكقولك: جئتك
على أن تساعدني.
وبمعنى: فِي، كما في قوله تعالى: (وَدَخَلَ
المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا). ومثل: على أحسن حال. على أحسن
ما يُرام.
وبمعنى: مِنْ، كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى
النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ).
وللاستدراك، نحو قولك: "فلان عَاصٍ، على
أنه لا ييأس من رحمة الله".
كما تأي على صيغ مختلفة، مثل: فلان عَلى حق.
على بِساطِ البَحْث. عَلَى الرُّحْبِ والسَّعَةِ. عَلى كل حالٍ. على الخصوص. على
الأخص، كنا على سفر. أُقِيمت حفلة على شرف فلان. جاء الخير على يد فلان، إلخ.
ثانيا-عَلِيَ (فِعْلٌ مَاضٍ) يَعْلَى
عَلَاءً: ارْتَفَعَ. يقال: عَلِيَ النَّهَارُ: ارْتَفَعَ. عَلِيَ فلان في المَجْد
والمَكارِمِ: شَرُفَ، وارْتَفَعَ. ويقال: كان في مكان عَلِيٍّ: مرْتفع. وفي
التنزيل العزيز: (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)، وصْف لله تبارك وتعالى. و (إِنَّهُ فِي
أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)، وصْف للقرآن الكريم. ومن أسماء
الله الحسنى: "هُوَ اللَّهُ الْعَلِيُّ القدِير". أي: الأعلَى.
وعَلَا (فِعْلٌ مَاضٍ) يَعْلُو عُلُوًّا:
ارْتَفَعَ. عَلَا النهارُ: ارتفعَ (أو: عَلِيَ، كما في المثال السابق). تقول:
"اللهُ جَلَّ وعَلَا": شَرُفَ، وكَرُمَ. علَا في المكارم. عَلَا في
الأرض: تكبَّرَ، تَجَبَّرَ. وفي التنزيل العزيز: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي
الْأَرْضِ).
وجاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم، الصادر عن
مَجْمَع اللغة العربية بالقاهرة- بتصرّف: "عَلَا: يقال في المَحمُود وفي المَذمُوم.
و عَلِيَ: لا يقال إلّا في المَحمُود، ومنه: الْعَلِيُّ: الرفيع القدر، وهو اسم،
معناه أنه يَعْلُو على وصْف الواصفين، وعلى ذلك يقال: تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا
يَصِفُونَ. ويُخَصَّصُ لفظ التّفَاعُل- تَعَالَى-لتمام ذلك منه، لا على سبيل
التكلّف كما يكون ذلك من البشر. والأعْلَى، في وصف الله، أي: الأعْلَى مِن أن يُقاسَ
عليه. والْأَعْلَى- في الحِسّيِّ، إن كان للعاقل، فجمعه: الْأَعْلَوْنَ، أو
الْأَعَالِي، وإن كان لغير العاقل، فجمعه: الْأَعَالِي، لا غير. والْعُلَى
(كالسماوات الْعُلَى): جمع "الْعُلْيَا" مؤنث "الْأَعْلَى"
اسم تفضيل معرَّف. واسْتَعْلَى: طلبَ العُلُوَّ المذمُومَ. وقد يكون طلب العلاء
والرفعة في المحمودِ".
مع
الإشارة إلى أننا نجد "علي" في اسم العَلم، مثل:عَلِيّ بن أبي طالب كرم
الله وجهه. كما تقول: عَلَيَّ (عَلَى + ضمير المتكلم) دَيْنٌ لفلان. وكذلك:عليَّ
وعلى أعدائي، إلخ.
وعلى كل حال، فإنّ هذه النماذج/ الأُنمُوذجات
من السياقات التي نجد فيها "عَلَى"، بالألف المقصورة، و
"عَلي"، بالياء، لا تغني عن الدراسة المعمقة، لمَن يرغب في التمكن من
ناصية هذا العلم. مع العِلم أنّ كثرة القراءة (قراءة المفيد النافع) تفيد كثيرا في هذا المجال.
مع تحياتي للمهتمين بلغتنا العربية الجميلة، لغة
القرآن الكريم، ولغة العِلم والمعرفة،
ولغة المستقبل، بإذن الله.
الحرف لفظ لا يظهر معناه إلا إذا اقترن بغيره
ردحذف