السبت، 3 مايو 2014

سؤال وجواب:




بعث إلي أحد القراء الكرام بالرسالة الآتية:
بعد التحية والتقدير والإكبار لجهودكم المتميزة في حفظ اللغة العربية الجليلة..
لدي بعض الأسئلة أرجو ان تنيروني فيها..
أولا: ما درج عليه أهل بلدنا من تقدير للكبير بلفظ الجمع، وهي عادة محمودة، هل عثرت على شيء من قبيلها في أساليب العرب الأوّل؟
ثانيا: هل جمع كلمة "مشكلة" على "مشاكل" سائغ لغة؟
ثالثا: كلمة "عانى" هي فعل متعدٍّ لا يحتاج إلى حرف جر وسيط، ولكن البعض درج على "لازميتها" وألزمها "من" الجارة بعدها.. فيقول "البلاد تعاني من الفساد" مثلا.. فهل وقفتم على قول بلازميتها؟
رابعا: "كل وجميع وبعض" هل يرجع لها الضمير بالجمع أم بالمفرد؟ مثلا "كل المسلمين مؤمن أم مؤمنون"..؟

خامسا: أخيرا، ما درج عليه الإعلام من وضع الخبر الجديد بلفظ "عاجِل".. هل هذا اللفظ يصلح للمعنى المراد؟ باعتبار أن الفعل "في المعنى" لم يعد ثلاثيا، وإنما يجب أن يضعف للتعدية.. فهو خبر "معجّل".. والله أعلم.. أفيدونا حفظكم الله.
الجواب:
قبل إبداء وجهة نظري في الموضوعات المشار إليها، أود أن أشكركم جزيل الشكرعلى الاهتمام بلغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم. ونظرا إلى أهمية الأسئلة المطروحة، فإنّ المقام لا يسمح بالتوسع فيها، ولذلك فإنني سأكتفي ببعض الإشارات السريعة، وقد أتوسع في الموضوع-إن شاء الله- في مناسبة أخرى. ويطيب لي، قبل ذلك، أن أخبركم وأخبر القراء المهتمين أنني أميل إلى التيسير في هذا النوع من القضايا، دون الإخلال بما هو جوهريّ. إنني ألحظ، من خلال تجربتي الشخصية، أنّ المتعاملين مع اللغة العربية يتذمرون عندما نُكْثِر عليهم- نحن الباحثين- من: قل ولا تقل، وهذا خطأ، وهذا هو الصواب، إلخ. وقد توصلت إلى هذا الاستنتاج بعد أربعين سنة من البحث في قضايا اللغة العربية، وكتبت ونشرت ما يربو على مائة وخمسين عنوانا في هذا المجال. وبعد هذا المدخل، إليكم أجوبتي عن الأسئلة المطروحة.
 1 -مخاطبة الواحد بلفظ الجمع: لا أرى ما يمنعها، إذا كان المقصود احترامه والرفع من شأنه، وحتى لوكانت هذه الصيغة من الأساليب الحديثة أو تأثرا بلغات أجنبية، في إطار الأخذ والعطاء(التقارض اللغويّ والأسلوبيّ).  ويبدو أنّ العرب كانت تخاطب الرجل العظيم مخاطبة الجمع(خاصة الرجل الذي له أتباع). وبما أن الصحابة-رضوان الله عليهم- لم يرد عنهم، حسب ما اطلعتُ عليه من مراجع، أنهم كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الجمع، فلا أستطيع تأصيل الموضوع من الناحية الشرعية، غير أنّ ذلك لا يمنع، من الناحية اللغوية والعرفية، أن نساير الأساليب العصرية في هذا النوع من الاستعمالات.  إنني شخصيا عندما أخاطب شخصا أحترمه، أقول له: أنتم، ولا أقول: أنت(يستوي في ذلك الرجل والمرأة: لا يقال للمرأة: أنتن، في هذه الحال، بل أنتم).
2-أفَضّل جمع (مشكلة) على: مشكلات، ولا بأس من جمعها على: مشاكل، من باب التيسير.
3-عَانَى: فعل متعدِّ. نقول: عَانى آلامًا. يُعَانِي الأمرّيْنِ. والقاعدة العامة تقول: إذا زاد المَبْنَى زَادَ المعنَى، فإذا كانت زيادة حرف الجر لإفادة معنى معينٍ فلا ما نعَ، مع أن الأفضل والأفصح تعدية الفعل دون حرف الجر.
4-كُلُّ: اسم يجمع الأجزاء، يقال: كُلُّهُم منطلِق وكلهن منطلِقة ومنطلِق، الذكر والأنثى في ذلك سواء، وحكى سيبويه كلتهن منطلِقة...قال أبو بكر بن السيرافي: إنما الكُلّ عبارة عن أجزاء الشيء، فكما جاز أن يضاف الجزء إلى الجملة جاز أن تضاف الأجزاء كلها إليها...وقال الجوهري: كُلّ لفظه واحد ومعناه جمع، قال: فعلى هذا تقول: كل حَضَرَ.  وعلى كل حال، يمكن أن نقول: كل المسلمين مُؤمِنٌ، وكل المسلمين مُؤمِنون، على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى(وأفضِّل الصيغة الثانية حملا على المعنى). مع الإشارة إلى انّ (بعض) قد جاءت في القرآن الكريم، مضافة وغير مضافة، في مائة وتسعة وعشرين(129) موضعا، وجاءت كلها مجردةً من (أل) التعريف. وكل وبعض معرفتان(دون الألف واللام). والعرب لا تقول: الكل والبعض.
5-عاجِل: اسم فاعِل من الفعل: عَجِلَ. والعاجِل: مقابل: الآجِل من كل شيءٍ(كما أنّ المُعَجَّل يُقابِل المُؤجَّل). يقال: خير البِر عاجِله: ما يقع في الحِين. ولا مانع من الصيغة الشائع استعمالها في وسائل الإعلام: خَبَرٌ عَاجِل: جَاءَ حَالًا، أي في اللحظة ذاتها. وذلك من باب المجاز، أي أن الخبر "وصَل/ أو ورَدَ" بطريقة سريعة/ أو مستعجلة/ أو معَجَّلة/ أو مفاجئة. ففي الأمر متسع، ولا داعي لتضييق واسع. والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2854):

  29991- مُنَبِّهٌ/ مُهَيِّجٌ/ عَقَّارٌ مُنَبِّهٌ (اسْمٌ وَصِفَةٌ): excitant . خِطَابٌ مُحَرِّضٌ: discours excitant . مُحَرِّضٌ (مُهَيِّجٌ، ...