السبت، 14 نوفمبر 2015

سؤال وجواب:





السؤال:

ما رأيكم في كلمة "الإدانة" الشائعة في وسائل الإعلام؟

الجواب، والله أعلم:

ترد هذه الكلمة "الإدانة"، في بعض المعاجم الحديثة، بمعنى: الحُكم على المتهَم بأنه مذنِب. كما تجيء بمعنى:  الشَّجْب، والاسْتِنكار، والاسْتِهجان: condamnation, réprobation, désapprobation, désaveu.... يقال: أَدَانَ إِدَانَةً (condamner) القاضِي المُتَّهَمَ: حَكَمَ عليهِ. أَدَانَ تَصَرُّفاتِه المَشِينَةَ: شَجَبَهَا.

وجاء في المعجم الوسيط: أَدَانَ: اقْتَرَضَ فَصَارَ مَدِينًا. وأَقْرَضَ فَصَارَ دَائِنًا. وأَدَانَ فُلَانًا: أَقْرَضَهُ. وَأَدَانَ فُلَانًا: اقْتَرَضَ مِنْهُ. وفي هذا السياق، نجد تقاربا بين دلالة الفعليْن: دَانَ، وأَدَانَ. إِذْ يُقال: دَانَ فُلَان دَيْنًا: اقْتَرضَ، فَهَوَ دَائِنٌ بمعنى مَدِين. 
مع التنبيه على أنّ، دَانَ يَدُونُ دَوْنًا، وَدُونًا: خَسَّ وَحَقُرَ. وضَعُفَ. ودَانَ لَهُ: أَطَاعَ وذَلَّ. وَدَانَ يَدِينُ دِينًا، ودِيَانَةً: خَضَعَ وذَلَّ. وأَطَاعَ. ودَانَ بِكَذَا: اتّخَذَهُ دِينًا وتَعَبَّدَ بِهِ.

وجاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم، الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة: دَانَ يَدِينُ دِينًا: تَأَلَّهَ وعَبَدَ وأَطَاعَ وانقادَ. وفي التنزيل العزيز: (وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) 29/ التوبة. ودَانَهُ يَدِينُهُ: جَازَاهُ وَقَضَى عَلَيْهِ أو اسْتَعْبَدَهُ. واسْم المَفعول: مَدِين. والجمْع: مَدِينُونَ. وفي التنزيل العزيز: (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) 53/ الصافات. أي أئنا لمقضى علينا بالبعْث ومجازون. و: (فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) 86/ الواقعة. أي غير مقضى عليكم بالبعث أو غير مستعبَدين وغير مسلوبي الحرية في أمركم.

وفي ضوء ما تقدم، واستنادًا إلى ما تسمح به اللغة من توسّع في معنى الكلمة، فإنني لا أرى ما يمنعنا من استخدام هذه الكلمة "الإدانة" للتعبير عن المعاني التي عُبِّرَ بها عنها في المعاجم الحديثة، وذلك في إطار تنمية اللغة. مع مراعاة حُسْن اختيار الألفاظ والأساليب التي تناسب المقام (ولكل مقام مقال). ولكل أسلوبه.

وأشير، في هذا المضمار، إلى أنّ حرصنا على سلامة اللغة العربية لا يجوز أن يمنعنا من تنميتها وإغنائها بالجديد، الأمر الذي يقتضي الانفتاح على ما وَضَعَه الموَلَّدُون و المحْدَثُون من ألفاظ ومصطلحات وتراكيبَ، بعد عَصْر الرِّوايَة الذي هو: آخر المائة الثانية من الهجرة لِعَرَب الأمْصار، وآخر المائة الرابعة لأعراب البَوادِي. 
 ويَفْرِضُ ذلك الاستفادة – عند الاقتضاء- من المولَّد، والمحْدَث، والمعرَّب والدَّخِيل.

وأُذكِّر القارئ الكريم بالفرق بين معاني هذه المصطلحات.

المولَّد : اللفظ الذي اسْتُعمِل – قَدِيمًا- بعد عصر الرواية .

المحْدَث: اللفظ الذي اسْتَعْمَلَهُ المحْدَثُون ( المتأخِّرون من العلماء والأدباء) في العصر الحديث وشاع في ألفاظ الحياة العامَّة (وأتوقع أن تكون "الإدانة" من هذا الصنف).

المعَرَّب : اللفظ  الأجنبيّ الذي غَيَّرهُ العَرَبُ بالزِّيادة أو بالنقْص أو بالقَلْب ليكون مُسْتَسَاغاً وخاضعًا، قدر الإمكان، للأوزان العربية.

 الدخيل : اللفظ الأجنبيّ الذي دخل اللغة العربية دون تغيير، مثل : الأكسجين، إلخ.

 ويرى بعض الباحثين أنَّ تمييز الموَلَّد من المحْدَث، أمر صَعْب لعَدَم الاتِّفاق على سَنَةٍ معيَّنة ينتهي عندها عصر المولدين ويبدأ بها عصر المحدثين، بالإضافة إلى عدم معرفة الوقت الذي ظهر فيه اللفظ المولَّد أو المـُحْدَث.

 وبالاستعانة بهذه الوسائل المتاحة، يتَّضِح أنَّ لِلُّغة العربية ماضيا وحاضرا، ولا بد من استثمار الماضي الموروث والحاضر الحيّ لهذه اللغة. ويقتضي ذلك ربط الماضي بالحاضر واسْتِشْراف المستقبَل. فاللغة الحَيَّة ينبغي لها أن تحافظَ على جُذورها، وتُعبِّر عن الحاضر أصدق تعبير، وتُعِدّ نفسَها للتعبير عن المستقبَل.

مع تحياتي للمهتمين بلغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم، ولغة العلم والمعرفة، ولغة المستقبل، بإذن الله.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2415):

  25611- مُسْتَصْلَحٌ/ أَرْضٌ مُسْتَصْلَحَةٌ (تَمَّ إِحْيَاؤُهَا لِلزِّرَاعَةِ): terrain défriché . اسْتِصْلَاحُ الأَرَاضِي (إِحْيَاؤُهَا لِ...