الاثنين، 6 مايو 2019

البَدَلُ:



هو التابِع المقصود بالنسبة دون واسِطة، مثل: قَدِمَ مُعَلِّمُكَ سَالِمٌ، فسالم بدل من المعلم. وهو الذي نُسِب إليه المجيءُ، فهو إذًا يخالف النعتَ والتوكيدَ وعطفَ البيان لأنها ليست مقصودةً لذاتها، ويخالفُ العطفَ بالحرف لأنه (أي العطف) تابع بواسطة حرف العطف، فكلمة المعلم ليست هي المقصودة بالذات إنما هي توطئة وتمهيد لسالم، وهو يتبع المبدَلَ منه في إعرابه فقط.

أَقْسَامُ البَدَلِ:

البَدَلُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:

1-بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ.

2-بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ.

3-بَدَلُ اشْتِمَالٍ.

4-بَدَلٌ مُبَايِنٌ.

1-بَدَلُ الكُلِّ مِنَ الكُلِّ، هو أن يكون البدل نفس المبدَل منه أو طبق معناه، مثل: سَرَّنِي أَخُوكَ خَالِدٌ، فخالد هو أخوك عينه، وكقوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، فالصراط المستقيم، وصراط المنعَم عليهم متطابقان معنًى، لأنهما يدلان على معنًى واحدٍ.

2-بَدَلُ البَعْضِ مِنْ كُلٍّ، هو أن يكون البدلُ جزءًا من المبدَل منه، مثل: أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ، أَعْرَبْتُ البَيْتَ نِصْفَهُ.
وهناك نوعٌ آخَرُ من البدل يدعوه بعضُهم بدلَ التفصيل، ويُلحِقه آخَرون ببدل البعض من الكل، وهو أن تذكر شيئًا ما مثنى أو مجموعًا ثم تفصِّل ما هو ذلك المثنى أو المجموع، مثل قول الشاعر:
ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدَّنْيَا بِبَهْجَتِهَا * شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالقَمَرُ.
فشمسُ بدل من كلمة ثلاثة التي هي مبتدأ، ويلحق بذلك ما كان المبدَل منه اسمًا مبهَمًا يشتمل على أنواع متعددة، كقول أبي العلاء المعري:
أَلَا فِي سَبِيلِ المَجْدِ مَا أَنَا فَاعِلُ * عَفَافٌ وَإِقْدَامٌ وَحَزْمٌ وَنَائِلُ.
فعفاف بدل من الاسم المبهم (ما).

3-بَدَلُ الاشْتِمَالِ، هو الدّالّ على معنى من المعاني التي يشتمل عليها متبوعه شريطة أَلَّا يكون جزءًا منه، نحو: نَفَعَنِي الأُسْتَاذُ عِلْمُهُ، فعلمُ من الأمور أو المعاني التي يشتمل عليها الأستاذ. ولا بد لبدل البعض من الكل وبدل الاشتمال من ضمير يربطهما بالمبدَل منه، نحو: سَرَّنِي الخَطِيبُ كَلَامُهُ، وقد يكون الضمير مقدرًا، كما في قوله تعالى: (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الوَقُودِ)، والتقدير: النار ذات الوقود فيه، أي في الأخدود، فالنار بدل من الأخدود، وهو بدل اشتمال، لأنّ الأخدود يشتمل على النار.

4-البَدَلُ المُبَايِنُ، هو بدل الشيء ممّا يُبايِنه، فلا هو نفسه بالذات، ولا هو جزء منه ولا ممّا يشتمل عليه، إنما هو شيء مغاير له، نحو: اشْتَرَى خَالِدٌ قَلَمًا كِتَابًا، فكتابا بدل مباين من (قلما)، والمقصود هو البدل فقط وإنما غلط المتكلم فذكر القلم.

وهو ثلاثة أنواع: بَدَلُ الغَلَطِ، وَبَدَلُ النِّسْيَانِ، وَبَدَلُ الإِضْرَابِ.

1-بَدَلُ الغَلَطِ، هو إذا لم يكن المبدَل منه هو المقصود، كالمثال السابق، وهو يتعلق بغلط اللسان.

2-بَدَلُ النِّسْيَانِ، هو كبدل الغلط تماما ولكن منشأه العقل، فإذا قلت مَثَلًا: عُمُرِي ثَلَاثُونَ عَامًا ثم بدا لك بعد تفكيرأنك سهوت فتقول أربعون عامًا، وهو يتعلق بالعقل.

3-بَدَلُ الإِضْرَابِ، هو كالنوعين السابقين ولكنك لم تغلطْ ولم تسهُ كما سبق، بل أردت شيئًا ثم عدل رأيك عنه إلى غيره، فإذا قلت للطالب احضر الساعة الرابعة ثم أضربت عن الأمر بحضوره في الرابعة إلى الخامسة فأردفت بكلمة الخامسة.
والبدل المباين بأقسامه الثلاثة لا يقع في كلام البُلغاء، وإنما تستعمل "بَل" العاطفة ولا يكون هناك بدل ولا مبدَل منه، فتقول: اشْتَرَيْتُ قَلَمًا بَلْ دَفْتَرًا.

فَوَائِدُ:

1-قد يأتي بدل البعض وليس معه ضمير مذكور ولا مقدر، مثل: مَا جَاءَنِي أَحَدٌ إِلَّا عَلِيٌّ، فعلي بدل بعض من أحد.

2-إذا أبدل اسم من اسم استفهام أو اسم شرط، وجب ذكر همزة الاستفهام أو إنْ الشرطية مع البدل، مَثَلُ الأول: كَمْ كُتُبُكَ؟ أَثَلَاثُونَ أَمْ أَرْبَعُونَ؟، مَنْ جَاءَك؟ أَعَلّيٌّ أَمْ سَالِمٌ؟، مَا صَنَعْتَ أَخَيْرًا أَمْ شَرًّا، والثاني، مثل: مَنْ يَجْتَهِدْ إِنْ عَلِيٌّ وَإِنْ خَالِدٌ فَأَكْرِمْهُ، مَا تَصْنَعُ إِنْ خَيْرًا وَإِنْ شَرًّا تُجْزَ بِهِ.

3-لا يشترط تطابق البدل والمبدَل منه في التعريف والتنكير، فلك أن تبدل أيَّهما شئت من الآخَر، فتبدل المعرفة من المعرفة، مثل: جَاءَ خَالِدٌ أَخُوكَ، أو المعرفة من النكرة، مثل: الفِعْلُ قِسْمَانِ: الجامد والمشتق، النكرة من المعرفة (بشرط أن تكون النكرة موصوفة، مثل: مَرَرْتُ بِخَالِدٍ رَجُلٍ عَالِمٍ).

4-يبدل الظاهر من الظاهر كما رأيت، ولا يبدل المضمر من المضمر (ويرى بعضُهم جوازَ ذلك إذا كان في محل نصب، مثل: رَأَيْتُهُ إِيَّاهُ)، ويراه آخَرون توكيدًا وهو الأصح، ولا يبدل المضمر من الظاهر، فلا يقال: رَأَيْتُ أَخَاكَ إِيَّاهُ، ويرى ابن هشام أن هذا من وضع النحويين والواقع أنه توكيد للاسم قبله.

5-يمكن أن يبدل الظاهر من المضمر مطلقًا، خاصة إذا تضمن معنى الإحاطة والشمول، مثل: خُذُوا هَذَا لَكُمْ ثَلَاثَتِكُمْ، وَقَدْ غَمَرْتَنَا بِفَضْلِكَ كَبِيرَنَا وَصَغِيرَنَا (كبيرَ، بدل من الضمير "نا")، ومنه قول حسان بن ثابت الأنصاري:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا * وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا.
فأبدل مجدنا من (نا) في بلغنا، وهو بدل اشتمال.
وبعضهم يبدل الظاهر من ضمير الغائب فقط، كقوله تعالى: (وَأَسِرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)، فأبدل الذين من الواو التي هي ضمير الفاعل.

6-يبدل كل من الاسم والفعل والجملة من مثله.
فقد مر إبدال الاسم، وإبدال الفعل من الفعل، مثل:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا * تجد حطبًا جزالًا ونارًا تأججا.
فجملة تلمم بنا، بدل من جملة تأتنا.
وتبدل الجملة من الجملة إذا اتحدتا في الاسمية أو الفعلية، مثل: (أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ)، فأبدل الثانية من الأولى. و: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ يَا آدَمُ)، جملة قال بدل من جملة وسوس.

7-يبدل مما يقدر حذفه من الكلام، مثل: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، أي لا إله موجود إلّا الله، فالله بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف وتقديره موجود. وَالمُقَصِّرَ عَاقِبْهُ، والتقدير عَاقِبِ المقصِّرَ عَاقِبْهُ، فجملة عاقبه بدل من الفعل المحذوف.

8-قد تبدل الجملة من المفرد وبالعكس، مثال الأول: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْكُمَ عَلَى خَالِدٍ مَا مَنْزِلَتُهُ بَيْنَ الكُتَّابِ. فجملة ما منزلته بين الكتاب في محل جر بدل من خالد. ومثال الثاني: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ-كَلِمَةُ الإِخْلَاصِ-يَنْجُو قَائِلُهَا مِنَ الزَّلَلِ، وإعرابها على ما يأتي: لا إله إلّا الله جملة محكية في محل رفع مبتدأ، كلمة بدل منها، الإخلاص مضاف إليه، وجملة ينجو قائلها في محل رفع خبر المبتدأ.

9-جاء في بعض الأمثلة إبدال الكل من البعض، نحو قوله تعالى: (يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا جَنَّاتِ عَدْنٍ)، فجنات بدل من جنة، فهو بدل كل من بعض.

10- اتفق أكثر النحويين على عدم وجوب موافقة البدل لمتبوعه (في التعريف والإظهار وضدهما)، وعلى هذا الرأي الجامع نرى أنه لا وجوب للتقيد بالقيود السالفة فأنت تستطيع أن تبدل الاسم الظاهر من الظاهر، والمضمر من المضمر، والمضمر من الظاهر، والظاهر من المضمر، والمفرد من غيره والعكس. وخرج على هذا الرأي، أبو حيان وجماعة معه والكوفيون.

(المرجع: المرجع في اللغة العربية/ لعلي رضا. دار الفكر).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2402):

  25481- مَسَامُّ (ثُقَبٌ وَمَنَافِذُ عَلَى ظَهْرِ جِلْدِ الجِسْمِ يَتَخَلَّلُهَا الشَّعْرُ): pores . مَسَامُّ الجِسْمِ: pores de la peau . ...