في إطار التأمّل في جمال اللغة العربية وتنوع
مفرداتها ودقة معانيها، تحدثت من قبلُ عن كلمة"النَّخوة". وبعد أن
بيّنتُ بعض معاني هذه المفرَدة الغنية
بمقاصدها ودلالاتها، أشرتُ إلى صعوبة(بل استحالة) ترجمتها إلى اللغة
الأجنبية(يُرجَع إلى مدونة"اللغة العربية أمّ اللغات"). وسأتحدثُ، هذه
المرة، عن "الفتى". وما معنى قولِنا(في موريتانيا بصفة خاصة): فلان
"فتى". ومع أنّ العلاقة بين "الفتى" و"الفتوة"
علاقة وطيدة، فإنني لن أتناول مصطلح "الفُتُوة" لأنّ ذلك يتطلب بحثا
مفصلا في مفهوم "الفتوة" وأنواعها ونشأتها وتطورها عبر التاريخ.
عندما نصف الرجُل بأنه"فتى"، فإنّ
هذا الوصف لا يقتصر على المعنى المعجميّ، على نحو ما جاء في المعجم الوسيط:
"الفَتَى: الشاب أولَ شبابه بين المراهقة والرُّجولة. مثنّاه: فتَيان،
وفَتَوَان. ج.فِتْيانُ، وفِتْيَة...وهي فتاة.ج. فَتَيَات". إنّ نعتَ الشخص
بهذا الوصف يعني أنّه يتحلى بالعديد من الأخلاق الحميدة وتتوفر فيه خصائص الإنسان
الكامل. من ذلك أنّ "الفتى" إنسان مثقف، له رأي وجيه في أيّ موضوع يطرَح
على بساط البحث، قادر على تجاذب أطراف الحديث مع الآخرين في مجالس الفكر والأدب
والشعر(العربيّ والحسّانيّ) والفن والغناء، إلخ. ثُمّ إنّ "الفتى" لا بد
أن يتصف بالشجاعة، والنبل، والجود والكرم والإيثار(أقصى درجات السخاء)، وبذل
المعروف، ونصرة المظلوم، وعلو الهمة، وعزة النفس، والفضل، والعفة، والمروءة،
والتواضع غير المخل(في غير مذلة).
ملحوظة: اقتبستُ بعض الأوصاف المذكورة في
السطريْن الأخيريْن، من خصائص "الفتوة" الواردة في كتاب: صناعة الأجيال
في الحضارة الإسلامية/ نظام الفتوة في عهد الخليفة الناصر لدين الله، مِثالًا/ د.
صالح محمد زكي اللهيبي. دائرة الثقافة والإعلام/ الشارقة. يُوزّع مجّانا مع مجلة
الرافد. ويمكن لمن يريد التوسع في الموضوع، أن يستفيد من هذا المرجع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق