الأحد، 14 أبريل 2019

سؤال وجواب:



السؤال:

كيف نفهم معنى قوله تعالى: (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)؟

وهل يَصِحُّ هذا التركيبُ، نَحْوِيًّا؟

الجواب، والله أعلم:

أولًا-تفسير الآية الكريمة: (قَالُوا إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا) 63/ طه.

أَيْ: لَمُزَاوِلَانِ لِلسِّحْرِ (يعنون: موسى وهارون)، سَاحِرَانِ عَالِمَانِ خَبِيرَانِ بِصِنَاعَةِ السِّحْرِ، يُرِيدَانِ فِي هَذَا اليَوْمِ أَنْ يَغْلِبَاكُمْ وَقَوْمَكُمْ وَيَسْتَوْلِيَا عَلَى النَّاسِ، وَتَتْبَعَهُمَا العَامَّةُ، وَيُقَاتِلَا فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ، فَيَنْتَصِرَا عَلَيْهِ وَيُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمِ.

سَحَرَهُ يَسْحَرُهُ سَحْرًا/ وَسِحْرًا، وَسَحَّرَهُ تَسْحِيرًا: فَعَلَ بِهِ السِّحْرَ.

السِّحْرُ: قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلعَادَةِ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى وَسَائِلِ الرُّقَى وَالعَزَائِمِ وَمَا أَشْبَهَهَا.

ثانيًا-لِلنَّحْوِيِّينَ تَخْرِيجَاتٌ وأَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ فِي "إِنَّ"، منها أنّ العربَ تقول: "إِنَّ"، بمعنى: نَعَمْ، مستدلين بقول الشاعر ابن قيس الرقيات (من مجزوء الكامل): 

وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَا...كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ.

 أي: فقلتُ نَعَمْ. والهاء: هاء السكت (ويرى بعضهم أنّ الهاء في "إنه": ضمير منصوب بها، والخبر محذوف، أي: إنه لكذلك).

واستدلوا أيضا على أنَّ "إِنَّ" بمعنى: نَعَمْ، بقول ابن الزبير، لمن قال له: لَعَنَ اللهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ وَرَاكِبَهَا، أَيْ: نَعَمْ وَلَعَنَ رَاكِبَهَا.

وعلى هذا الأساس، تكون: "هَذَانِ"، في الآية الكريمة: مبتدأ. واللام بعد المبتدأ زائدة. و "سَاحِرَانِ": خبر المبتدأ.

ومن التخريجات المشار إليها، أَنَّ "إِنَّ" مؤكدة ناصبة للاسم رافعة للخبر، واسمها ضمير شأن محذوف. 

و "هذان ساحران": مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر "إِنَّ"، والتقدير: إِنَّهُ (أَيْ: الحال والشأن): هَذَانِ لَسَاحِرَانِ.

وقرأ بعضهم: "إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ"، بتخفيف النون.

مع ملاحظة أنّ بعض القبائل العربية، تلتزم الألف في التثنية في جميع الحالات (في حالة الرفع وحالتي النصب والخفض/الجر). 

تقول، على سبيل المثال: جاء ساحران، رأيت ساحران، مررت بساحران.

ويقولون: ضربتُه: بين أُذْنَاه، مع أنّ المعتمد المشهور المتواتر: ضربته بين اُذُنَيْهِ.

قِيل إنها لغة بني الحارث بن كعب. وقيل، لغة بني كنانة. وقيل إنها لغة خثعم.

ومثال ذلك، قول شاعرهم:

إنّ أبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا * قَدْ بَلَغَا فِي المَجْدِ غَايَتَاهَا. 

ولم يقل (في أباها الثالثة): وأبا أبِيها.. ولم يقل: غَايَتَيْهَا.

مع أنّ المشهور في الأسماء الستة، إعرابها بالحروف (والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن الكريم، وفي المراجع المتخصصة)، تقول:

جاء أبوك، رأيتُ أباك، مررتُ بأبيك، إلخ.

 وفي التثنية، تقول في حالة الرفع: جاء ساحران، وفي حالتي النصب والخفض/ الجر: رأيتُ ساحريْن، ومررتُ بساحريْن، إلخ.

ملحوظة:

ما سُمِع عند بعض القبائل العربية، بخصوص التزام الألف في التثنية في جميع الحالات: يُحفَظ ولا يقاس عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دليل المترجم (2401):

  25471- مَسَاكٌ/ مِسَاكٌ (إِمْسَاكٌ، مَسَاكَةٌ، بُخْلٌ، شُحٌّ): avarice, ladrerie . مَسَّاكٌ (بَخِيلٌ، شَحِيحٌ): avare, ladre . أَبْرَصُ/...