*"كَوْكَ"(تُنطَق
الكاف جيمًا قاهِرِيةً): نَحَبَ(sangloter, se lamenter):
نَحَبَ الباكي يَنْحَبُ نَحْبًا ونَحِيبًا : أَعْلَنَ بالبُكاءِ(بَكَى بصوت
مسموع). وانْتَحَبَ: نَحَبَ. والنَّحْبُ(sanglot, lamentation):
"أَتْكَوْكِ": من أشد البكاءِ. ومن معانيه: الأَجَل. يُقال: قَضَى فلان
نَحْبَهُ: مَاتَ. و قد تكون لكلمة "أَتْكَوْكِ" دلَالَة لَفظِية مشتقة من:
الغَوْغَاء: الصوت والجَلَبَة، بحيث يكون أصلها"أَتْغَوْغِ". أو مأخوذة
من صوت الدَّجَاجة"أَتْقَوْقِ"، قَاقَت الدجاجة تَقُوقُ قَوْقًا:
صَوَّتَتْ. وذلك على أساس ما يحدث، في "الحسّانيّة" والفصحى، من تبادُلٍ
بين الغيْنِ والقافِ، من جهة، والكاف(المنطوقة جِيمًا قاهرية)، من جهة ثانية. ومن
الغزلِ العَفِيفِ، قول الشاعر"لمْغَنِّ":"أَبْكَيْتْ في الدارْ
أَنْكَوْكِ*واجْرُوحْتْ الْخَدْ إِبَانُ* وامْشَاتْ وَلْفِ يَيَوْكِ* في
اسْلَامْتْ اللّهْ أَمَانُ. وكلمتا "يَوْكِ" و "وَنِّ" :
تفيدان التَّحَبُّبَ. كما يقال، في
"الحسّانيّة، عند ذكر اسم رجُل(شخص) محترم: "وَخْيَرْتْ":
نِعْمَ الرّجُلُ. عِلْمًا بأنّ، نِعْمَ: فِعْل غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ لإنشاءِ
المَدْحِ. يقال: نِعْمَ الفتَى ونعم الفتاةُ. وفي التنزيل العزيز: (نِعْمَ
الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، و(نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ). وتلحق به- أي الفِعْل-
(ما). وفي التنزيل العزيز: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ). وتُوجَد
فروق دقيقة(nuances) بين الكلمات الثلاث. ف"يَوْكِ و"وَنِّ"، يكثر
استخدامُهما عند الحديث عن أشخاص مقرَّبين مَحْبوبِين- الأطفال الصغاربصفة خاصة-
بينما "وَخْيَرْتْ"، تُستخدَم- بصفة عامة- للتعبير عن الاحترام والتقدير،
والإقرار- للشخص المذكور- بالسمعة الحسنة
والتحلي بالفضائل والابتعاد عن الرذائل، ولعلّ لها دلالة لفظية توحي بأنّ الشخص
الذي قِيلَتْ في حقه يُعَدُّ من أَخْيَار/ خِيار النّاسِ. ويختلف استخدام هذه
الكلمات من منطقة إلى أخرى، ومن وَسَطٍ اجتماعيّ إلى آخَر. كما يوجَدُ نوعٌ من
النَّحيب، يعبَّرُ عنه في "الحسَّانيّة" ب " لهْرِيدْ"، ويكثر
لدى الأطفال. "ينهْردْ": يبكي بكاءً شديدًا مسموعا، فيه نوع من
الحَشْرَجَةِ، بحيث يردِّدُ نَفَسَه في حَلقه، تارةُ، ويتنفس ويتنهد بقوة، تارة
أخرى.
*"انْخْلعْ": يختلف معنى هذا
الفعل، في الحسّانيّة"، عن معناه، في الفصحى. انخَلَعَ: مُطاوِع خَلَعَه.
وانخلَعَ من الشيء: خَرَجَ منه. وخَلَعَه: نَزَعَه. وخَلَعَ الوالِي: عَزَلَه.
و"انْخْلَعْ"، في "الحسّانيّة": شَعَرَ بالخوف(avoir peur). والخوف: انفعال في النّفْسِ يحدث لتوقع ما يرد من المكروهِ أو
يفوت من المحبوبِ. ويأتي الخوف بمعنى القتال. وفي التنزيل العزيز: (فَإِذَا ذَهَبَ
الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ): أي، إذا ذهب القتال. ولعلّ الكلمة
"الحسّانيّة" مستوحاة من انخلاع الشخص من توازنه العاديّ، بعد الانفعال
النفسيّ الذي اعتراه، بسبب توقعه لما يرد من مكروه أو يفوت من محبوب.
*"الرَّاحْلَه"، في
"الحسّانيّة"، تعني: الرَّحْل(selle de chameau):
ما يُوضَعُ على ظهر البعيرللركوب. وفي الفصحى، الرَّاحِلَة مِن الإبِلِ: الصالح
للأسفارِ والأحْمالِ. وفي الحديث:(تجدون الناس بعدي كإِبِلٍ مائةٍ ليس فيها
راحلة). انظر: المعجم الوسيط. كما تُطلق كلمة"الرَّاحْلَه"، في
الحسّانيّة"، على "الصَّاحِبْ": الشخص المماثل في
السّنّ(التِّرْب.ج.أَتْرَاب). عِلْمًا بأنّ التِّرْب، أكثر ما يستعمل في المؤنَّث.
*"صَفْيَة أرْحَ": الرَّحَا، أو الرَّحَى(meule):
الأداة التي يُطحَنُ بها، وهي حجران مستديران يوضع أحدُهما على الآخَرِ ويُدارُ
الأعلى على قُطْبٍ. ج. أَرْحٍ، وأَرْحاءٌ، ورُحِيٌّ، وأَرْحِيَّةٌ. ويُقال: دَارَت
رَحَى الحربِ: نَشِبَتْ. والمَرْحَى: مَدَارُ الرّحَى. ومَرْحَى الحربِ: الميدان
الذي تدور فيه رَحَاهَا.
*"الرٍّخّْ": يتفق هذا الوصف، في
"الحسّانيّة"، مع: الرٍّخّ، في الفصحى، وهو: طائر خُرافِيّ(oiseau fabuleux) بالَغ القُدَامَى في وصفه. فأي مخلوق هَائلٍ(gigantesque)، أو جَبَّار/ عِمْلاق(géant)،
يوصَف بالرّخّ، تشبيهًا له بهذا الطائر الأُسْطُوريّ(légendaire).
*"الْعلْبْ" ج.
"أَعْلَابْ": الكَثِيبُ(dune):
الرمْل المستطيل المُحْدَوْدِبُ. ج. أَكْثِبَة، وكُثُبٌ، وكُثْبَان(الجمع الأخير
أكثر شيوعًا). والعِلْبُ والعَلَبُ، في الفصحى: الأَرْض التي لا تُنبِت. ومن
الملاحَظ أنّ أرض الكثيب لا تُنبِت عادةً. ولعل ذلك هو سبب تسميته بالعلب، في
"الحسّانيّة".
*"الْوَادْ" ج. ودْيَانْ":
الوَادِي(vallée): كلُّ مُنفَرَج بين الجبال والتِّلالِ والآكام، سُمِّيَ بذلك
لِسيَلانه، يكون مَسْلَكًا للسيْلِ ومنفذا. ج. أَوْداء، وأَوْدية، وأَوادِيَة،
ووُدْيان( الشائع، الجمعان: الثاني والرابع). مع ملاحظة أنّ الجمع الأخير يتفق مع الجمع، في
"الحسّانيّة". وفي ضوء هذا التعريف، يمكن أن نعبِّرَ عن
"الشَّلْخَه" ب: وَادٍ صغير(valleuse).
و"اشْلَيْخَه"( "شَلْخَه" صغيرة): عقيق(vallon).
وعقيق الوادي(ravin
creusé par l'eau): المَسيل.
*"أَشَخْنُوبْ" ج.
آشْخَانِيبْ": الشِّعْبُ(بكسر الشين): ممر جبليّ(col de montagne) ج. شِعَابٌ. علمًا بأنّ الشِّعْبَ، بصفة عامة: انفراج بين جبلين.
والطريق. وفي المَثَلِ: (أَهْل مكةَ أدرى بِشِعابِها). ومكة المكرمة مشهورة بكثرة
شِعَابِها وممراتها الجبلية.
*"أَكَنْتُورْ":
الكَهْف/المَغارَة(grotte, caverne): البيت
المنقور في الجبل، أو كالغار في الجبل إلا أنه واسع. ج.كُهُوف. ولعل للكلمة
"الحسّانيّة" علاقة لفظية بالقنطرة(pont)،
لأنّ الكهف"أَكَنْتُورْ" يشبه البناء المقنطَرَ. قَنْطَرَ البِنَاءَ:
جعَلَه كالقنطرة. فهو مُقَنْطَرٌ. عِلْمًا بأنّ القنطرة: جِسْر مُقَوَّس مبنيّ فوق
نهر يُعْبَر عليه.
*"الْمطْلَيْعَه": المِرْقاة(marche, escalier, échelle): وسِيلَة الرُّقِي أو آلَتُه. وموضعه، أو ما يُرْقى به، أو فيه.
يُقالُ: صعدت مِرقاةً، أو مِرْقاتَيْنِ: أي درجة أو درجتيْنِ. والجُودُ مرقاة
الشَّرَفِ. كما يقال: المَجْدُ صَعْبُ المَراقي. ويبدو أنّ
"الْمطْلَيْعَه"ج. "مطْلَيْعَاتْ"، مشتقة من مادة: طَلَعَ يطلُع
طلوعا. طلع الشيءَ وفيه: علاه وصعد فيه. وطلعَ المكانَ: بَلَغَهُ. وكذلك، صَعِدَ
يَصْعَدُ صُعُودًا: عَلَا. يُقالُ: صَعِدَ الجبلَ، وصعِد السُّلَّمَ، وفِيهِ،
وعَلَيْهِ. وصعد إليه: ارْتَقَى. وفي التنزيل العزيز: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ
الْكَلِمُ الطَّيِّبُ). ومن المَراقي الحديثة، المصعد الكهربائيّ(ascenseur).
*"عَدَّلْ": يختلف معنى هذا الفعل،
في "الحسّانيّة"، عن معناه، في الفصحى. عَدَّلَ الشيءَ، في الفصحى:
أَقامَه وسَوَّاه. يقال: عَدَّلَ المِكْيالَ والمِيزانَ. وعَدَّلَ الحُكْمَ أو
الطلبَ: غيَّرَه بما هو أولَى عنده(من المولَّدِ: اللفظ الذي استعمله الناس قديما
بعد عصر الرواية). وفي "الحسّانيّة"، "عَدَّلْ": عَمِلَ(faire):
عَمِلَ يَعْمَلُ عَمَلًا: فَعَلَ فِعْلًا عَن قصْدٍ. ويُستعمل هذا الفعل بكثرة، في
"الحسّانيّة"، ويشبه الفعل الفرنسيّ(faire)
في كثرة وروده في تراكيبَ جُمَليةٍ متنوعة تختلف معانيها حسَب السياق. من ذلك:
"عَدَّلْ شِ صَالحْ": أَحْسَنَ: فَعَلَ ما هو حَسَن (faire du bien, faire une bonne
action). وفي التنزيل العزيز: (إِنْ أَحْسَنتُمْ
أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ). وأَحْسَنَ الشيءَ: أَجادَ صُنعَه. وفي التنزيل
العزيز: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ). و"عَدَّلْ شِ خَاسرْ"
أو "عَدَّلْ خَطْأْ": أَخْطَأَ: حَادَ عَن الصّوابِ(faire une erreur).إلخ. ولبعض مشتقات هذا الفعل مَعَانٍ خاصّة، نحو: فلان
"أمْعَدَّلْ أو متْعَدَّلْ": طَيِّبٌ(bon):
يتحلّى بالفضائل. وللتأكيد، نقول: فلان"متْعَدَّلْ حَتَّهْ": طَيِّبٌ
جِدًّا(trés
bon). وللنفي:
"مَاهُ متْعَدَّلْ": ليس طيبا (il n'est pas bon).
ويمكن التعبير عن ذلك بعبارات أخرى، مثل: "مَاهُ شِ"/"مَكْصُورْ
اعْمرْ"/"أَتْفُ بِيهْ!":
أُفٍّ لَهُ !/ تَبًّا
لَهُ !(puisse-t-il périr, que le diable l'emporte! )،إلخ. و"التّعْدَالْ": الطِّيبَة(bonté):
الاتِّصَاف بما ترتاح له النّفْسُ ويَسُرُّها. و"متْعَيْدَّلْ أو
أمْعَيْدَّلْ": ظرِيفٌ/لَطِيفٌ(charmant, gracieux)،
وهو تصغير يفيد التَّحَبُّبَ والاسْتِلْطاف.
*"التَّرْتِيرْ الْملْقِيقَه":
الرَّمَّاعَة: ما يتحَرَّك مِن يَأَفوخِ(sinciput)
الصّبِيِّ لِرِقته. واليأفوخ: فجوة مغطاة بغشاءٍ، تكون عند تلاقي عظام الجمجمة( CRÂne). وهما يَأْفُوخان: يأفُوخ أماميّ ويأفوخ خلفيّ.ج.
يآفيخ. ولعلّ "النَّافُوخ"، في العامّيّة
المصرية، تحريف لليأْفُوخ، إذْ نسمع من يقول: ضربني على "نافُوخي".
*"الزَّرْكْ": الرَّمْيُ(الواحدة:
رمية"زَرْكَه")، القذف، الرّشْق(jet).
رمى حجرا (jeter une pierre) كما يرِد، في "الحسّانيّة"، بمعنى vote) le):
صوت (في انتخابات أو تصويت على اقتراع). "ازْركْ عَيْنُه": زَرَقَ فلانا
بعينه: أَحَدَّهَا نحوَه ورماه بها. ومن معاني"زرْكُه"، في
"الحسّانية: فرّط فيه. و"زرْكُه
في الخَلَوَاتْ": رماه في خلا ءٍ من الأرض، وتركه يواجه مصيره بنفسه.
و"الزَّرَّاكَه": المِقْلَاعُ(fronde):
آلة تُرمَى بها الحجارة، وتستعمَل- عندنا- في طرد الطيور من الحرث، في المزارع
البدائية(غير العصرية) التي لا توجد فيها وسائل حديثة لمكافحة الطيور.
*"ارْكدْ": رَقَدَ(dormir)
يَرْقُدُ رَقْدًا، ورُقودًا، ورُقادًا: نَامَ. والمَرْقَدُ: مَوضِع الرُّقادِ.
والقبر. وفي التنزيل العزيز: (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن
مَّرْقَدِنَا). مع ملاحظة أنّ الرُّقاد، هو النوم الطويل(أي أنه درجة من درجات
النوم)، بمعنى أنّ النومَ أعمّ من الرقاد. وجاء في فقه اللغة وسرالعربية لأبي
منصور الثعالبيّ، في ترتيب النوم: أول النوم
النعاس(sommeil)، وهو أن يحتاج الإنسان إلى النوم. ثُمَّ الوَسَن، وهو ثِقلُ
النُّعاسِ. ثم التَّرْنِيق، وهو مُخالَطَة النّعاسِ العَيْنَ. ثم الكَرَى
والغُمْض، وهو أن يكون الإنسانُ بينَ النائمِ واليَقْظانِ. ثم التَّغْفِيق، وهو
النوم وأنت تسمع كلامَ القومِ(عن الأصمعيّ). ثم الإِغْفاءُ، وهو النومُ الخفِيف.
ثم التَّهْوِيم والغِرَار والتَّهْجَاع، وهو النومُ القليل. ثم الرُّقادُ، وهو
النوم الطويل. ثم الهُجُود والهُجُوع والهُبُوع،وهو النوم الغَرِق. ثم
التَّسْبِيخ، وهو أشدّ النوم(عن أبي عبيدَة، عن الأَموِيّ).
*"ارْقَ أو ارْغَ": رَغَا يَرْغُو
رَغْوًا: صارت له رغوةٌ. ورَغا البَعيرُ ونحْوُه رَغْوًا، ورُغَاءً: صَوَّتَ
وضَجَّ. ويُقالُ: رَغَا الصَّبِيُّ: بَكَى أَشَدَّ البُكاءِ. وتَشِيعُ، في
"الحسّانيّة"، مشتقات هذه المادّة، ويظن بعضُهم أنها ليست عربية، خاصة
لدى الأشخاص الذين ينطقون الغَيْنَ قافًا، نحو: "الرّقوه" (بالقاف)،
بَدَلًا من: الرّغوة(بالغين). وقد أشرتُ سابقًا إلى أنّ الغينَ أفصحُ من القاف، في
نطق هذا النوع من الكلمات" الحسّانيّة"، مثل:"لغْدِيرْ": الغَدِير(القطعة
من الماء يغادرها السيل)، بدلا من"لقْدِيرْ"، إلخ.
كم هو رائع التمكن من اللعة العربية او من اية لغة
ردحذفالاستاذ الكريم اسلمو ليس متمكنا فقط من اللغة العربية والفرنسية والحسانية لغته الاسلية بل لديه القدرة على استنطاق الكلامات وؤبطها بمحيطها
شكرا جزيلا على الاهتمام بلغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم.
ردحذف