الأربعاء، 27 يوليو 2016

انطباعات أولية عن القمة العربية:




في انتظار الكتابة-بشيء من التفصيل-عن القمة العربية التي عُقدت ببلادنا في 20 من شهر شوال 1437ه/ 25 يوليو/ تموز 2016م، ارتأيتُ  أن أشير في عجالة إلى ما يأتي:
1-من حسنات هذه القمة أنها جعلت الموريتانيين-بصرف النظر عن مواقعهم وتوجُّهاتهم السياسية- يقتنعون جميعًا بأنّ الأشقاء العرب المشاركين في القمة يُعَدُّونَ  ضيوفًا على الشعب الموريتانيّ، قبل أن يكونوا ضيوفًا على رئيس الجمهورية أو على الحكومة الموريتانية، أي أنهم ضيوفُ الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
يُستنتَج ذلك من البيانات الصادرة عن معظم أحزاب المعارضة، وما تناقلته وسائل الإعلام من تصريحات صادرة عن مواطنين من مختلِف شرائح المجتمع.
ولعلّ أهمّ درس يُستخلَص من هذا الإجماع الوطنيّ، يتجسد في أنّ قوتنا تكمن في وحدتنا، وأننا  بهذه الوحدة قادرون-بتوفيق من الله- على تحقيق المعجزات.
ولَمّا كان "الأمل" -من الناحية اللغوية-يَكثُر استعمالُه في غير الممكن، فإننا بوحدتنا هذه جعلنا الأمل ممكنا، وكسبنا رهان تنظيم القمة العربية  وإعداد العُدة لذلك في ظرف زمنيّ قياسيّ.
  لقد نجحت القمة "قمة الأمل" من خلال صدور بيان ختاميّ "إعلان انواكشوط" بمباركة جميع المشاركين، ونجح رئيس الجمهورية في تحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه باحتضان القمة ولو تحت الخيام،  ونجح  كذلك في إدارة جلساتها بكفاءة عالية وكانت مُداخلاتُه في المستوى المطلوب-شكلًا ومضمونًا- مقارنة بمداخلات نظرائه، ونجحت المعارضة  عندما قررت تأجيل التجاذبات السياسية إلى ما بعد القمة حرصًا منها على المصلحة العليا للوطن، ونجحت السلطات المختصة في تحقيق الأمن والأمان للمشاركين، ونجح الشعب الموريتانيّ المضياف في إظهار الوجه الناصع  لبلاد شنقيط مهد العلم والصلاح والمعرفة والكرم والأدب والشعر...، ونجحت الصِّحافة الوطنية والدولية في تغطية فعاليات القمة على أحسن وجه، ونجح الأدباء والشعراء في تأكيد مكانة موريتانيا (بلاد المليون شاعر)، ونجح الكُتّاب والمدونون في مواكبة أعمال القمة...
 وبكلمة واحدة: لقد نجحت القمة ونجحت موريتانيا، على الرُّغم من الوقت الوجيز (ثلاثة أشهر) الذي تمت فيه  التحضيرات للقمة.
 ولا شك أنّه لولا هذا  الإجماع الوطني الرائع على ضرورة  أن تتكلل أعمالُ القمة بالنجاح، لما تحقق ما توصلنا إليه من نتائج باهرة ومشرفة.

لقد تمثلت بشائرُ الأمل-من بين أمور أخرى- في أنّ "بيان انواكشوط" جاء متوازنًا وملبيّا في حيثياته لما كنا نطمح إليه ولم يتضمن ما يُحرِج أيّ جهة عربية أو يجعلها تخرج عن الإجماع العربيّ في وقت نحتاج فيه إلى المزيد من رصّ الصفوف وتوحيد المواقف.
2-من حسنات القمة كذلك أنها جعلت عاصمتنا الفتية تلبس ثوبًا قَشِيبًا، استعدادًا لهذا التجمع العربيّ الكبير الذي تحتضنه بلادُنا لأول مرة منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية.
 لقد أدركتُ في الحقيقة، بعد هبوط الطائرة التي كنتُ على متنها  في مطار انواكشوط الدولي-أمّ التونسي، أنني  نزلتُ فِعلًا بمطار دوليّ بكل المقاييس.
وعندما توجهتُ إلى المدينة ، وعلى مدى ما يناهز ثلاثين كيلومترا- وهي المسافة الفاصلة بين المطار والعاصمة- كانت الأضواء تتلألؤ على جانبي الطريق، الأمر الذي لم أكن أتصوره !
 ولا تقتصر التغييرات الكبيرة التي عرفتها انواكشوط على إنشاء المطار المذكور، ولا على إصلاح الشوارع وترميمها وتزيينها بالإشارات الضوئية واللوحات الإرشادية، وإنما يشمل الأمر كذلك-على سبيل المثال- تلك الخيام الجميلة العملاقة التي نُصِبت بجانب قصر المؤتمرات، بالإضافة إلى  القرية الثقافية الرائعة التي نَقلت إلى المشاركين في القمة وإلى الزائرين-بصفة عامة-جانبًا مهما من تراثنا الغنيّ وثقافتنا المتميزة، بدل أن يتجشّمُوا عناء البحث عن كل ذلك في أرجاء مدينة انواكشوط الواسعة.
لقد زرتُ انواكشوط (آخر زيارة) في شهر مايو 2013م، ولا يمكن أن أصف للقراء الكرام التغييرات الجذرية التي عرفتها العاصمة في هذه الفترة الزمنية الوجيزة.
ويسرني بهذه المناسبة أن أهنئ فخامة رئيس الجمهورية/ محمد ولد عبد العزيز، على قراره الشجاع باحتضان القمة في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه الأمة العربيةً، آملًا أن ينجح-بصفته رئيسا للقمة لمدة سنة- في تقريب وجهات النظر العربية حول القضايا المصيرية، حتى نتمكن من مواجهة الأخطار التي تتهدّد نا جميعا.
وكما نجحت بلادنا في احتضان القمة وإحاطتها بالرعاية المناسبة وتقريب وجهات نظر المشاركين فيها، أرجو من العليّ القدير أن ينجح الموريتانيون-كل من موقعه- في تقريب وجهات نظر السياسيين الموريتانيين حول معالجة القضايا الوطنية، بطريقة تجعل المصلحة العليا للبلد فوق كل اعتبار.
 وبذلك نضمن المحافظة على وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعيّ، وننطلق في عملية البناء والتنمية والتقدم.
 والله وليّ التوفيق.

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

القمة العربية وبَعْث رُوح الأمل:




 من المنتظر أن تحتضن انواكشوط، يومي20 و 21 شوال 1437ه/ 25-26يوليو/ تموز 2016م،  القمة العربية في دورتها العادية السابعة والعشرين.

ومُواكَبَةً للتحضيرات الخاصة بهذا الحدَث المُهمّ،  نشرتُ في الأيام الماضية سلسلة مقالات تناولتُ فيها موضوعاتٍ متنوعةً تشغل بال المواطن العربيّ المهتم بقضايا الأمة. وقد حرَصْتُ-قدر المستطاع-على أن يكون عنوان كلّ مقال يعكس محتواه/ مضمونَه، وكما يُقال: "الكِتابُ يُقرأُ من عنوانه".

وكانت عناوين المقالات، على النحو الآتي:

1-خَواطِرُ حول القمة العربية.

2-القمة العربية والتكامُل الاقتصاديّ.

3-القمة العربية والتنمية البشرية.

4-القمة العربية والحاجة إلى سياسة لغوية.

5-قمة "الأمل" بانواكشوط وتنقية الأجواء السياسية العربية.

6-القمة العربية والقضية الفلسطينية.

7-القمة العربية وضرورة نَبْذ العُنف "السياسيّ".

8-القمة العربية والتعاون العربيّ الإفريقيّ.

9-القمة العربية والأمن العالميّ المَفقود.

وبالإضافة إلى ما تضمنته هذه المقالات من حَثٍّ على التعاوُن والتكافُل ورَصِّ الصُّفوفِ وتوحيدِ المَواقِفِ، فإنني أُشدِّدُ على أهمية-بل ضرورة-العمل على تيسِيرِ التواصُل بين الأشقاء العرب-من المحيط إلى الخليج-من خلال اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسهيل حرية تنقُّل الأشخاص والبضائع بين الدول العربية.

 من ذلك، على سبيل المثال: إلغاء تأشيرة الدخول، وتفعيل السوق العربية المشتركة...وُصُولًا إلى إصدار جواز السفر العربيّ المُوحَّد (والمُوحِّد).

يُشارُ، في هذا الإطار، إلى ما أصبح يُعرَف بالحرّيات الخمسِ: حرية التنقُّل، والإقامة، والعمل، والتملُّك، والمشاركة في الانتخابات.

لَقد ارتأيْتُ أن يَنسَجِمَ عُنوانُ هذا المقال العاشر(وربما الأخير في مجال الإعداد للقمة)، مع الشعار الذي اختارَتهُ جامعة الدول العربية لهذه الدورة (قمة الأمل).

 وكُلّي أمل في أن تَتَكَلَّلَ أعمال القمة بالنجاح التامّ، وأن تَصدُرَ عنها قرارات تاريخية تَبْعَثُ الأمل في نفوس المواطنين العرب المثخنين بالجراح، وتُخَفِّف من همومهم وما يُعانُونَهُ من إحباط نفسيٍّ يَصِلُ في بعض الأحيان إلى درجة اليأس.

وكل ذلك بسبب الأوضاع المؤلمة التي يشهدها العديد من الأقطار العربية الشقيقة.

وأختم بهذا البيت الشعريّ، ولسان حالي يُردِّد مع/ الطّغرائيّ:

اُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالْآمَالِ أَرْقُبُهَا * مَا أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلَا فُسْحَةُ الْأَمَلِ !

والله وليّ التوفيق.

الاثنين، 18 يوليو 2016

القمة العربية والأمن العالميّ المفقود:



إنّ المتتبع لما يجري في العالم من حروب وفِتن ونزاعات وقَلاقِلَ... يُدرك بوضوح أنّ حالة عدم الأمن التي تُخيِّم على الوضع الدوليّ، أصبحت ظاهرة خطيرة تَتَهَدَّدُ السِّلمَ والاستقرارَ الدولييْن وتقضي على كل أمل في التعايش السِّلميّ والتنمية والعيش الكريم...
ولا يُشكِّلُ عالَمُنا العربيُّ استثناءً من هذه الظاهرة الكونية. من ذلك-بصفة خاصة-مايجري في العراق وسورية واليمن وليبيا... وبمستويات متفاوتة الخطورة في بلدان عربية أخرى.
 لم يعد اليوم أيّ بلد-مهما كانت قوته البشرية ،والمادية، والعسكرية، والأمنية...- بمنأى عن هذا الكابوسِ الجاثِم بِكَلْكلِه على صُدُور البشر.
 تعددت أنواعُ القتل وأساليبُه...انتشر الإرهاب والإرهاب المضاد: إرهاب الأفراد وإرهاب الدولة...اختلط مفهوم الإرهاب بمفهوم مقاومة الاحتلال...تعددت أسماء المنظمات الإرهابية...كثرت العصابات المسلحة...تنامت الجريمة المنظمة المحلية والعابرة للحدود والقارات...كثرت الاعتداءات اللفظية والجسدية ذات الطابع العَقَدِيّ أو المذهبيّ أو العرقيّ أو الفئويّ...
اختلفت الآراء حول المقاربات والخُطط الأمنية المناسبة والفعّالة للتصدي لهذا الغُول الرهيب. 
وقد اتفق معظم المحللين على أنّ المُقارَبة الأمنية لم تَعُدْ كافيةً لاجْتِثاث هذا السرطان، بل لا بد من مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار-بالإضافة إلى الجانب الأمنيّ- الجوانب القانونية (سيادة القانون واستقلالية القضاء)، والفكرية والثقافية والإعلامية (من تعليم وتكوين وتوعية وتحسيس...).
  المطلوب من القمة العربية (قمة الأمل) المنتظر أن تحتضنها انواكشوط في أواخر شهر يوليو/ تموز 2016م، أن تخصص وقفة متأنية لدراسة هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا العربيّ المُسالِم، بغية تشخيص هذا الداء الفتّاك والقضاء عليه واختيار الوسائل المناسبة لتحقيق ذلك.
والله وليّ التوفيق.

الأحد، 17 يوليو 2016

القمة العربية والتعاون العربيّ الإفريقيّ:


جاء في مقال نشرتُه سابقًا، بعنوان: "هل أخفق العالم في تحقيق الأمن والرخاء للشعوب"، ما يأتي:
"في القرن الحادي والعشرين، لم يعد في إمكان أيّ دولة أن تحقق الأمن والرخاء لمواطنيها بمعزل عن التعاون مع الدول الأخرى، ممّا يقتضي المزيد من التنسيق بين الدول، بصرف النظر عن الأوضاع الداخلية الخاصة بكل دولة.
لقد أصبح العالَم"قرية واحدة"-كما يقال-إن لم نقل"غرفة واحدة". وذلك بسبب ثورة المواصلات، وسرعة تدفّق المعلومات، وتعدد وسائل الاتصال، وسهولة التواصل الاجتماعيّ، وتطلع المجموعات والأفراد إلى المساهمة الفاعلة في صنع القرارات المصيرية التي تضمن التعايش السلميّ بين بني البشر، على أسس عادلة ومُنصِفة...
وبالتوازي مع هذا التعاون الدوليّ المطلوب، لا بد من التنسيق والتعاون بصفة خاصة بين المجموعات البشرية التي تربطها علاقات خاصة...".
واليوم ونحن نستعد لعقد قمة عربية وقع اختيارُ جامعة الدول العربية على تسميتها "قمة الأمل" في إشارة إلى الظرف العصِيب الذي تعيشه الأمة العربية، لا بد أن نتحدث عن البعد الإفريقي...
إنّ الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والسياسية والاقتصادية، ومخلَّفات الاحتلال الأجنبيّ، والتطلع إلى المستقبل، والمصير المشترك...كلها عوامل تؤكد حتمية التعاون العربيّ الإفريقيّ وتجعل منه مَطلبًا ملحًّا وأداةَ تنمية وازدهارٍلا غنًى عنها.
وللتذكير، فقد عُقدت أول قمة عربية إفريقية بالقاهرة في شهر مارس/ آذار 1977م. وقد تضمَّن "إعلان القاهرة"، من بين أمور أخرى: 1-الإعلان السياسيّ. 2-إعلان برنامج للتعاون العربيّ الإفريقيّ. 3-الإعلان الاقتصاديّ...وكانت الجهود في تلك الفترة منصبة على خلق آليات للتعاون، تمثلت-على سبيل المثال لَا الحصر-في إنشاء: المصرف العربيّ للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والصندوق العربيّ للمعونة الفنية للدول الإفريقية، والمعهد العربيّ الإفريقيّ للثقافة والدراسات الإستراتيجية، والمعرض التجاريّ العربيّ الإفريقيّ، إلخ.
وعُقِدت القمة العربية الإفريقية الثانية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2010م بليبيا. وقد صدرت عن هذه القمة وثيقة مهمّة تتضمّن خُطة عملٍ للتعاون العربيّ الإفريقيّ خلال الفترة من: 2011 إلى 2016م.

وحتى لا نطيل الحديث في الماضي، وانطلاقًا ممّا اعْتُمِدَ في القِمتيْن (قمة التأسيس، وقمة التخطيط) من قرارات وتوصيات، فمن الواضح أننا لم نصل بعدُ إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
المطلوب من القمة العربية، المنتظَر أن تحتضنها انواكشوط في أواخر الشهر الجاري (يوليو/ تموز 2016م)، أن تعمل على تفعيل مؤسسات العمل العربيّ الإفريقيّ، ومنها: المجلس الوزاريّ العربيّ الإفريقيّ، واللجنة الدائمة للتعاون العربيّ الإفريقيّ، ولجنة تنسيق التعاون العربيّ الإفريقيّ، إلخ.
مع التركيز في هذه الفترة الحرجة التي يعيشُها الجانبان (العربيّ والإفريقيّ) على تنسيق المواقف في المحافل الدولية، تجاه القضايا الحيوية المشتركة.
بالإضافة إلى استِشراف المستقبَل، بِإعطاءِ نفَسٍ جديد للتعاون العربيّ الإفريقيّ في مختلِف المجالات، ومراجعة الخُطة المذكورة (2011-2016) وتقويمها، من خلال ما آلت إليه الأمور.
والله وليّ التوفيق.

السبت، 16 يوليو 2016

القمة العربية وضرورة نبذ العنف "السياسيّ":


في إطار ما يشهده العالَم من عنف وعنف مضاد يتزايدُ يومًا بعد يومٍ، فقد آن الأوان لتضافُر جهود سكّان هذا الكوكب الذي نعيش على أديمه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من فُرَصٍ للتعايُش السلميّ بين بني البشر...
علينا أن نُسلِّمَ بأنّ العنف-بجميع أنواعه ومستوياته- ليس دائمًا السبيلَ الأمثلَ لمعالجة المشكلات، وأنه ما دخل أمرًا إلّا شانَهُ....
لقد أصبح العنف يخيّم على معظم تصرفات الإنسان وتعددت أشكاله وتمظهراته وتداعياته...!
ومن أشكال العنف الذي نتحدث عنه، ظاهرة كثرة الانقلابات العسكرية على الأنظمة السياسية الحاكمة (بصرف النظر عن طريقة وصول هذه الأنظمة إلى الحكم)، واستخدام بعض الفرقاء السياسيين لوسائل عنيفة وغير دستورية، بغية الإطاحة بالنظم السياسية القائمة.
ومن هنا فإنّ المعارضة السياسية المسلَّحة لا تختلف كثيرا عن الانقلاب العسكريّ، فهما وجهان لعملة واحدة.
وربما كانت المعارضة السياسية المسلَّحة أسوأ-في نتائجها وتداعياتها- من الانقلاب العسكريّ. ذلك أنّ الانقلابيين يُمسكون عادة بسرعة بزمام الأمور في البلد في حالة نجاح الانقلاب، ويُقضَى عليهم كذلك بسرعة في حالة فشله (دون الإخلال بالنظام العام لمدة طويلة، أوتدمير البنية التحتية للبلد). أمّا المعارضة السياسية المسلحة فقد تشكل حربا استنزافية تتحول-مع الزمن-إلى حرب أهلية تنخر جسم البلد وتنهك اقتصاده وقدراته الحيوية وتعيده عشرات السنين إلى الوراء، وقد لا تصل في النهاية إلى الهدف المنشود (الإطاحة بالنظام القائم) لأن القوة غير متكافئة، الأمر الذي يقتضي ترسيخ ثقافة الحوار بين الفرقاء السياسيين-الحاكمين والمحكومين- قبل أن يتفاقم الخلاف بينهم ويصلوا إلى "نقطة اللاعودة"، ويصبح من العسير-بل من المستحيل- أن يجلسوا معًا على طاولة واحدة.
المطلوب من القمة العربية (قمة الأمل)، المنتظر أن تحتضنها انواكشوط في أواخر الشهر الجاري (يوليو/ تموز 2016م)، أن تعمل على توجيه بوصلة السفينة العربية نحو سياسة حكيمة تُحصِّن الأمة العربية من هذا النوع من العنف المدمِّر الذي أضر بالأمن القومي العربي.
لقد أصبح أعداء العرب-ومَن يجاريهم في هذا الطرح، ربما من أجل النقد والحثّ على الاتفاق- يتندَّرون ويتهكمون ويسخرون منّا، قائلين: "لقد اتفق العربُ على ألَّا يتفقوا".
نأمل أن تنجح القمة في توحيد المواقف السياسية تجاه القضايا العربية المصيرية، وأن تعمل على معالجتها عن طريق الحوار المفضي إلى التفاهم، كلما كان ذلك ممكنا.

وفي حالة ضرورةِ (والضرورة تقدر بقدرها) اللجوءِ إلى القوة (العنف)، فَلْيكن ذلك من باب: "الضرورات تبيح المحظورات"، و"آخر العلاج الكيّ"، و"بعض الشر أهون من بعض"...
والله ولي التوفيق.

الجمعة، 15 يوليو 2016

القمة العربية والقضية الفلسطينية:



 إن سياسة "فَرِّقْ تَسُدْ" التي وقع في فخها إخوتُنا في فلسطين الحبيبة، قد أضرت بالقضية الفلسطينية العادلة، وأثّرتْ سَلْبًا في العلاقات البينيه لبعض الأقطار العربية (ولو كان ذلك بمستويات متفاوتة).

 وممّا زاد الطينة بِلة ما يقع في بعض الأحيان من اصطفاف عربيّ مع هذا الفريق أو ذاك، وما يعيشه عالمُنا العربيّ حاليا من أوضاع صعبة لا يتسع المقام للخوض في تفاصيلها.

لقد أثبتت التجارِب أنّ تماسك الجبهة الداخلية في أيّ بلد، كفيل بالصمود أمام أيّ خطر خارجيّ. كما أثبتت أنّ توحيد المواقف داخل أيّ مجموعة بشرية يُكسِبها قوة ومَهابة في تعاملها مع المجموعات البشرية الأخرى.

المطلوب من القمة العربية (قمة الأمل)، المقرر أن تحتضنها انواكشوط في أواخر الشهر الجاري (يوليو/ تموز 2016م)، أن تعمل على تفعيل المبادرة العربية المتعلقة بالسلام بين العرب وإسرائيل (أو أن تبحث عن البديل المناسب).

ويدخل في هذا الإطار، توحيد المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية (قضية العرب الأولى)، وبذل المزيد من الجهود والمساعي الحميدة لدى إخوتنا الفلسطنيين-قياداتٍ وفصائلَ- من أجل إقناعهم بضرورة الحرص على توحيد مواقفهم، منطلقين من أن ما يوحِّدهم أكثر ممّا يفرقهم، ومن أنّ الهدف واحد، وإن تعددت الوسائل والطرائق.

نأمل أن تنجح القمة في إقناع  إخوتنا الفلسطينيين بضرورة الدخول-دون تأخير- في حوار جادّ وصريح، من أجل الوصول إلى اتفاق تام ونهائيّ حول القضايا الأساسية المتعلقة بالأسلوب الأمثل لتحرير الأرض وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن يمهِّد التفاهم الفلسطيني لتفاهم عربيّ شامل حول أفضل السبل للوصول إلى الهدف المنشود.

 والله وليّ التوفيق..

دليل المترجم (2353):

  24991- مُرَقِّمٌ (أَوْ كَاتِبُ رُمُوزٍ، أَوْ حَاسِبٌ مَاهِرٌ): un chiffreur . رَقْمٌ (عَدَدٌ): un chiffre . 24992- مُرَقِّمٌ/ مُرَقِّمَة...